كبار السن وتحديات التنمية

يشكل كبار السن نسبة 5.4 % من السكان في الأردن. وهي نسبة تتزايد، ويتوقع أن تصل إلى 9.2 % في العام 2030، و17.4 % العام 2050. وهم اليوم فئة من المواطنين بحاجة إلى منظومة من التراتيب والرعاية الاجتماعية والاقتصادية والصحية المتزايدة والمكلفة للدولة والأسر. لكن، يمكن بقدر من الإدارة الرشيدة، تحويل كبار السن إلى فئة مندمجة ومنتجة في المجتمعات وفي التنمية والمشاركة الاقتصادية والاجتماعية.اضافة اعلان
يتمتع 42 % فقط من كبار السن في الأردن براتب تقاعدي، وتشكل النساء 18 % من هؤلاء فقط. ما يعني أن معظم كبار السن يشكلون عبئا ماليا على ذويهم وأسرهم. وفي حالات كثيرة، فإنهم يمثلون تحديا ماليا كبيرا لأسرهم إذا كانوا بحاجة إلى رعاية تمريضية أو مرافقين على مدار الساعة، أو كانوا يعانون من أمراض مزمنة ويحتاجون بسببها إلى أدوية كثيرة مكلفة.
لا يكفي الاستشهاد بحالة التماسك الأسري والاجتماعي كمؤشر على الحالة الجيدة لكبار السنّ في الأردن. ويجب أن تؤخذ بجدية التقارير والمؤشرات المتعلقة بالسن (Global Age Watch Index)، والتي تضع الأردن في مرتبة متدنية بين دول العالم (المرتبة 90 بين 96 دولة). إذ لا يكفي أن يكون كبار السن متمتعين برعاية ومسؤولية ذويهم إن كانوا يحتاجون إلى ذلك، وإنما هم بحاجة إلى منظومة رعاية صحية واجتماعية لا تقدر عليها الأسر. كما أن الأسر نفسها بحاجة إلى تدريب وخبرات في الرعاية غير متوفرة لمعظمها. يضاف إلى ذلك غياب المؤسسات الاجتماعية والصحية المتخصصة بكبار السن، وعدم مراعاتهم في تصميم البيوت والمرافق والطرق ووسائل المواصلات. كما أن هناك إساءات صامتة ومتقبلة يتعرض لها كبار السن في الأسر، ولا ينظر إليها باعتبارها كذلك؛ من قبيل العزلة والتهميش والوصاية وعدم التقدير وعدم الفهم، وملاحظة التغيرات الصحية والنفسية التي يمرون بها.
ثمة ظروف وتحولات جديدة في بنية العمل والمجتمع، تُلحق ضررا بالغا بكبار السنّ؛ منها الهجرة الداخلية والخارجية للأبناء من أجل العمل، وساعات العمل الطويلة المرهقة لمعظم الأبناء وذوي كبار السن، ما يجعل الأخيرين في عزلة موحشة. وأمراض وأعباء الشيخوخة تحتاج إلى أدوية وأجهزة طبية مكلفة، تفوق قدرة معظم المواطنين، مع ضعف الاحتمال والقدرة على الحركة والعمل والخدمة الذاتية، ما يعني تشكل ضرورات جديدة كان ممكنا الاستغناء عنها من قبل، من مثل التغذية الصحية والتدفئة والمجالسة والرعاية الحثيثة في الحياة اليومية. وهذا يعني، ببساطة، حاجة كبار السن غالبا الى متابعة تمريضية ومعيشية ويومية واجتماعية على مدار الساعة، أو لساعات طويلة من اليوم والليلة.
وبغياب الخدمات المؤسسية العامة الكافية لكبار السن، فإن المواطنين يتحملون عبئا عمليا وماليا كبيرا يفوق طاقتهم، ويواجهون الحالة بخبراتهم وإمكاناتهم المتاحة، ما يعني بالضرورة وجود مشكلات وأخطاء وتقصير، لا يكفي لمواجهتها وحلها حسن النية.