كتاب “الأردن ما بعد كورونا": تعزيز الشراكة الوطنية هي مفتاح العبور في المرحلة القادمة

تيسير النعيمات عمان – خلص كتاب " الاردن ما بعد كورونا : التحديات والخيارات " الى نجاح إدارة الأردن للمرحلة الأولى من أزمة كورونا، "احتواء الفيروس"، بما أعاد صوغ صورة الدولة وعلاقتها بالمواطنين، ومنح الجميع فرصة جديدة لإصلاح وتطوير المعادلة الداخلية، عبر حضور فعّال للدولة، من خلال مبدأ تطبيق القانون، وتجسير الفجوة بين الشارع والحكومة، والمضي خطوات جديّة في تأهيل وتطوير القطاع العام، الذي قدّم أداءً مقبولاً في المرحلة الأولى من الأزمة، وأثبت فعاليته في مواجهة الأزمات. وخلص الكتاب الذي اعده مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية بمشاركة 23 خبيرا ومتخصصا وباحثا اردنيا وحرهه مدير المركز الدكتور زيد عيادات والباحث في المركز وزير الشباب السابق والكاتب الزميل الدكتور محمد ابو رمان ، خلص أيضاً إلى أنّ الأزمة أثبتت ضرورة إعطاء الأولية للقطاعات الإنتاجية، صناعياً وزراعياً، التي استطاعت أن تحمي البلاد خلال الفترة الأولى من خلال توفير المنتجات الزراعية والصناعية بصورة جيّدة في السوق الأردنية، وعدم الشعور بوجود فراغ كبير في هذا المجال، ما يجعل من هذه القطاعات في وقت بدأ العالم يتجه فيه إلى الانكفاء والحمائية التجارية والمصالح القومية على حساب التعاون المشترك أو المعاهدات الدولية، كل ذلك يدفع إلى منح الأولوية في المرحلة القادمة للاقتصاد الإنتاجي. ومن النتائج التي يجمع عليها الخبراء ضرورة توسيع قاعدة اتخاذ القرار وتعزيز الحوكمة والشراكة الوطنية هي مفتاح النجاح والعبور في المرحلة القادمة" فمن الضروري أن يكون هنالك تعاون وثيق أولاً بين مؤسسات الدولة جميعاً، تحت إشراف الحكومة، وثانياً بين القطاع العام والخاص، وثالثاً استدخال أصحاب المصالح Stakeholders في عملية بناء القرار في كل قطاع من القطاعات". وخصص الكتاب الذي أطلقه المركز ، لقراءة وتحليل السياسات الأردنية الراهنة والسيناريوهات المتوقعة، مع تقديم توصيات من قبل الخبراء والمركز في إدارة المرحلة القادمة، التي أطلق عليها الكتاب "ما بعد كورونا". يبدأ الكتاب بمقدّمة لمدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، الدكتور زيد عيادات يقدّم فيها تعريفاً بأهداف هذا المشروع الدراسي والأسئلة والفرضيات التي سعى الخبراء والمتخصصون للإجابة علها، والفرضيات التي أسست لهذه الأسئلة. ويرى عيادات بأنّ دور مراكز الدراسات والتفكير في الأزمات هو تحليل المتغيرات ودراستها وتقدير الموقف والتنبوء بالمسارات المتوقعة، وتقديم التوصيات لصنّاع القرار. و يقدّم الملخص التنفيذي للكتاب الذي اعده الزميل ابو رمان ، تلخيصاً لأبرز النتائج والأراء التي يقدّمها الخبراء، في المحاور الرئيسية التي تمّ تقسيمها إلى: المتغيرات الدولية والإقليمية وتأثيرها على المصالح الوطنية الأردنية، والاستحقاقات الدستورية، بخاصة الانتخابات النيابية، والسياسات الداخلية، ثم السياسات الاقتصادية والمالية، وأخيراً السياسات الصحية والإعلامية والمتغيرات الاجتماعية. ويلي الملخص التنفيذ فصلٌ تمهيدي يتشاركه كلّ من الدكتورعزمي محافظة وزير التربية والتعليم العالي السابق وعضو اللجنة الوطنية للأوبئة الذي يقدّم قراءة علمية في طبيعة فيروس كورونا وخصائصه والسيناريوهات المتوقعة، وهو وإن كان يشيد بالعديد من الإجراءات الإدراية والصحية، التي اتخذتها الحكومة إلاّ انّه يحذّر من طبيعة الفيروس وخطورته من الموجة الثانية التي قد تكون أكثر خطورة، لأنّ المجتمع لم يكتسب مناعة عامة في الموجة الأولى، ويضع تصوراً لجملة من التوصيات والنصائح. أمّا فهد الخيطان الكاتب والمحلل السياسي فيقدّم صورة بانورامية لتعامل الأردن مع فيروس كورونا، منذ الإرهاصات الأولية لظهوره في الصين، واستعادة الطلاب الأردنيين هناك، ويرسم خيوط الصورة الإعلامية لسياسات الدولة وخطواتها التالية، ثم يعرّف أبرز التحديات التي تواجه هذه الصورة في المرحلة القادمة. وفي مجال المتغيرات الدولية والإقليمية يكتب كل من الوزراء السابقين عدنان أبو عودة ود. مروان المعشّر ود. جعفر حسّان والمحلل السياسي عريب الرنتاوي ود. محمد خير عيادات ود. عامر السبايلة يحللون ويناقشون التأثيرات على العلاقات الدولية والإقليمية والاحتمالات المتوقعة، وكان ملاحظاً تركيز الخبراء على أهمية عدم التعويل على المساعدات الخارجية وإعادة تعريف المصالح الوطنية الأردنية في ضوء توقعات بأزمة اقتصادية عالمية كبيرة، ستلقي بظلال عميقة على الاقتصاد الأردني. وعلى صعيد العلاقات الدولية والإقليمية، فإنّ الانتخابات الأميركية القادمة ستكون متغيراً في العلاقة الأردنية- الأميركية،بخاصة ما يتعلّق بصفقة القرن، التي وإن تأثرت على المدى القصير، إلاّ أنّ حكومة نتنياهو أو أي حكومة قادمة ستكون حريصة على الاستفادة مما قدمته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وستعمل على ضم العديد من الأراضي وإقامة المستوطنات وإحداث تغييرات جوهرية على أرض الواقع. وفي الوقت الذي يتفق فيه الخبراء الأردنيون على التأثيرات السلبية لكورونا على كل من إيران وتركيا، فإنّهم – أي الخبراء- يتباينون في توقعاتهم لسلوك هاتين الدولتين خلال المرحلة المقبلة، وفي تعريف المطلوب أردنياً تجاه النظام الإقليمي. وعلى صعيد الاستحقاقات الدستورية والعلاقة بين الدولة والمواطنين يقدّم كل من د. ليث نصراوين وجميل النمري والنائب والكاتب الزميل نبيل غيشان رؤيتهم للتحديات الداخلية والمتوقع في المرحلة القادمة والمطلوب، فعلى صعيد السيناريوهات الدستورية هنالك ثلاثة سيناريوهات، الأول إقامة الانتخابات في الصيف، في حالة تحسنت الشروط الصحية، وهو الخيار الأمثل، والثاني تأجيل الانتخابات (ما بين عام وعامين بحسب الدستور) والثالث وهو سيناريو مجلس يسلم مجلساً. وإذا كانت الفترة الماضية قد شهدت تطوراً إيجابياً على صعيد العلاقة بين الدولة والمواطنين، واستعادة شيء من الثقة، فإنّ ذلك مرتبط بمفاتيح رئيسية، منها الشعور بقوة الدولة وسلطة القانون والشفافية والتعاون بين أطراف المعادلة الداخلية، والشراكة بين الجيمع لتجاوز المنعرج الخطير، لكن هذا المنعرج لم ينته والتحدي الداخلي ما يزال قائماً، والمطلوب هو التأسيس على مرحلة النجاح الأولى ومأسستها واستدامتها، وذلك يتطلب إعادة التفكير في قواعد العمل السياسي الداخلي، ومن ذلك صورة المؤسسات الرسمية، كالحكومة ومجلس النواب وتحسينها وتطويرها على قاعدة الشراكة بين القطاعات المختلفة وعدم احتكار القرار من قبل جهة معينة. أمّا على صعيد السياسات الاقتصادية والمالية، فيستعرض كل من د. إبراهيم سيف، ود. تيسير الصمادي ود. حمد الكساسبة، ود. مخلّد العمري، د. أحمد عوض التأثيرات العميقة والجوهرية اقتصادياً ومالياً لأزمة كورونا، ويقدمون أرقاماً ومؤشرات ودلالات على حجم هذا التأثير على حجم المديونية ونسبة العجز ومعدلات البطالة ويقدمون جملة من الاقتراحات والتوصيات في إدارة الأزمتين المالية والاقتصادية، والتعامل مع التحديات على المدى القريب والمتوسط. ولا يخفي الخبراء والمتخصصون أنّ أرقام العجز ستصعد والمديونية ستزداد والبطالة سترتفع، وكلّها نتائج سلبية في ظل أزمة اقتصادية ومالية موجودة في الأصل، مرتبط بها أزمة اجتماعية لا تقل خطورة، ولعلّ أهم التوصيات التي يخرج بها الخبراء ضرورة استعادة الحياة الاقتصادية ودورتها في أسرع وقت، ومحاولة تأجيل سداد ديون الدولة وإعادة النظر في التزاماتها المالية، وإبقاء السيولة في الأسواق، مع تعزيزها من قبل الدولة، وعدم النظر بقلق لأرقام الدين والعجز على المدى القصير، إلى حين تجاوز اللحظة الراهنة، وضرورة تقوية سياسات الحماية الاجتماعية، وإجراء مناقلات في الموازنة بين القطاعات الرئيسية تبعاً لمتغير كورونا، وتشجيع الصناعات والمنتجات التي تتناسب مع المرحلة الحالية. ويقرّ الخبراء أيضاً أنّ القطاع الخاص أظهر قدرة على التكيّف مع الأوضاع الحالية، على صعيد الإنتاج والتوزيع، لكن المطلوب هو تعزيز سياسات الدولة لتقوية القطاع الخاص، وحماية الشركات من الإغلاق، ما قد يؤدي إلى نتائج كارثية على معدلات البطالة، ولعلّ موضوع البطالة هو الهاجس الرئيس المترتب على هذا الواقع الاقتصادي، مع تراجع قطاعات خدماتية وسياحية واحتمال فقدان آلاف العاملين فرصهم، فضلاً عن مخاطر عودة أردنيين مغتربين من الخليج نتيجة تدهور أسعار النفط، ما يعزز من خطورة موضوع البطالة، الذي كان قد تصدّر خلال العام الماضي أولويات الدولة واهتماماتها. وبالرغم من إظهار القطاع الصحي العام كفاءة ملحوظة في إدارة الأزمة الصحية في المرحلة الماضية، مع اتخاذ سياسات حمت الدولة من الأثار الخطيرة المترتبة على جائحة كورونا، إلاّ أن كلاً من د. رائدة قطب ود. موسى العجلوني ود. محمد أبو فرج يقدمون تصورات استراتيجية لتقييم القطاع الطبي والسياسات الصحية، والإفادة من دروس جائحة كورونا على المستويات المختلفة: السياسات الوقائية، سياسات الأدوية والصحة المجتمعية، والأبحاث العلمية، والسياسات الإدارية في القطاع الصحي، والتأمين وغيرها من مستويات مهمة. بينما تتناول وزيرة الدولة لشؤون الاعلام والاتصال السابقة الزميلة جمانة غنيمات في ورقتها السياسات الإعلامية في ظل جائحة كورونا، وتستخلص أبرز الدروس والتوصيات، ويعقبها د. حسين محادين الذي يقدم رؤية لأبرز المتغيرات الاجتماعية المرتبطة في مرحلة كورونا على المدى القصير والمتوقعة على المدى المتوسط. [email protected]اضافة اعلان