كتاب الأسرار!

طالبت مواطنة في القرن الواحد والعشرين، بنقلها سنوات أو قرونا  إلى الوراء برحلة استثنائية لتقديم الموسوعة العلمّية نقلاً عن موقع "الوكيبيديا"!.اضافة اعلان
المال والزاد ليسا ضروريين لهذه المهمّة، المطلوب فقط  كتاب (الآيباد) وهو جهاز لوحي يزن 680 غراما صُمّم وُيسوَّق من قبل شركة "أبل"، تمّ إصداره بالألفية الثانية في نيسان (أبريل) العام 2010 ويعمل بنظام تشغيل (آي أو أس) وتدعم شاشته اللمس المتعدد ويقوم بتشغيل عدة أنواع من الوسائط من ضمنها الصُحف والمجلات والكتب والموسيقى والألعاب بنسخة تحتوي على جيل ثالث (وواي فاي) بشاشة9.7 بوصة (آي بي إس- إل سي دي) بإضاءة خلفية.!.
مُدة الرحلة يومان لتسليم أسرار الكتاب إلى الأوائل في فرصة فريدة لتغيير العالم من الوراء، يومان محدودان باستخدام افتراضي للجهاز دون الحاجة إلى شاحن البطارية.
وقع العام الذي رحلت إليه صدفة بتاريخ تسعمائة بعد الميلاد عندها حطّّتْ في قصر أمير البلاد، لم تسأله معروفاً أو منفعة فالوقت ضيّق، وقالت: يا للهول!.. لا يوجد "إنترنت" ولا كهرباء، وضعت الكتاب على الطاولة المستديرة وابتدأت بسرعة بقراءة الموسوعة وسرد أسرار العلوم والاختراعات من البرق والتلفون والراديو والتلفاز والحاسوب وعن نيوتن وأينشتاين والقنبلة النووية والنسبية والمطبعة والميكرويف والسيارة ومراكب الفضاء وعرّجت على أسرار الأمم وبواطن الأرض ووصف الأحياء والقارّات وتحدثت عن المطاط والبلاستيك والبنسلين والمطاعيم والمضادات وعن قصة حربين عالميتين ولـم تنس حواديث (الشرق الأوسط) والصفائح والكُتب وعدد أهل الصين والاقتصاد وعن إسكدنافيا وجوائز نوبل وعن الديناميت..، وقالت: لا وقت للكتابة أو للنسخ... من يقوم بالتوثيق؟، يا للهول !..لا يوجد "زيروكس"!.
المُهمّة أصبحت تبدو مستحيلة ولكنها مُهمة ممكنة فقط لو تمكنت من القراءة وشدّ انتباه الأمير الذي أمرَ بحرقها بتهمة الجنون بعد أن تعبَ من الاستماع.
نقرت بسرعة على جهاز (الآيباد) لتهرب إلى أمير بيزنطة في رواية جديدة بالنسخة اليونانية، لكن مجلس الحكماء أمر أيضاً بحرقها بتهمة الهرطقة والشعوذة (مجتمعتين)، ثم اختفى بعدها الربيع واختفى العيد، حدثَ هذا لمُدة مائة سنة إلى الأمام فأسموها بساحرة الشتاء البيضاء ودخلت التاريخ بحلول لعنة عجيبة، عمّ فيها شتاء  قارس دام في البلاد حتى الألفيّة الأولى، بياضٌ كاملٌ شاملٌ، (نارنيا)، النملُ الأبيضُ، لا شيء لا تطوّر وانسوا موضوع التكنولوجيا.
انتقلت ألف عام أخرى إلى الأمام  بوعود جديدة  من (باكارد و بيل غيتس و ستيف بالمر وجوبز واليسون) الوقت قصير يا للهول!  لا يوجد تغطية (جي. إس. إم) أين الهاتف النقّّال؟ ثمّ حضر بعثٌ جديد في العام ( 1965)، كان شخص في الكويت يستمعُ من راديو (تليفونيكا) مصنوع في ألمانيا إلى خطاب لرئيس أميركي يتحدّث فيه عن (المجتمع العظيم) وعن القضاء على التفرقة والفقر في العالم الجديد، ليبرالية مُطلقة وعدالة والستينيات تزدهر بأدوات الحرية، بعدها انتقلت إلى ثمانينيات الأحلام بوعود الروبوتات الرخيصة الثمن التي كانت ستُحرر الإنسان من المشاق لكي نرتفع نحن بالعلم وبالبناء قرباً من الذات الإلهية، أين الشبكة العنكبوتية؟. 
الرمل الأبيض يقطن ثلاجة (الفريجيدير) المصنوعة في أميركا وبطّّارية (الآيباد) تلفظ أنفاسها لساعات إضافية لم يستهلكها تصفّحُ زائد على الإنترنت أو (الواي فاي)،  ومضى بعدها كل شيء بسرعة. 
العام 2012، الجهاز (الهاردوير) تحلل في رمال صحراء العرب يا للهول! أين الثورة الصناعية؟ ومن شرق النهر تعلمنا الدرس أن المعرفة َمفيدة فقط عندما تكون قابلة للتطبيق في الوقت المناسب، للجيل المناسب، في المكان المناسب، بالجودة المناسبة، بالسعر وبالتطبيقات المناسبة، ويا حبذا تحت عنوان (تكنولوجيا، صنع في الأردن) فغير ذلك أضغاث أحلام أو جنون مستعار!.

*خبيرة في تكنولوجيا المعلومات