كتاب جديد يناقش العقبة الاميركية في القرن الجديد

كتاب جديد يناقش العقبة الاميركية في القرن الجديد
كتاب جديد يناقش العقبة الاميركية في القرن الجديد

حروب البترول الصليبية

 

زياد العناني

يرى الباحث عبد الحي زلوم في كتابه "حروب البترول الصليبية- والقرن الاميركي الجديد" الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ان المسلمين يدركون بأن هدف اميركا من مهاجمة اراضيهم هو الاستيلاء على نفطهم مشيرا الى انهم يعرفون بأن اميركا تقاتل من اجل الذهب وليس من اجل الله وبأنها عندما غزت (هايتي) في عهد الرئيس المتدين (ويلسون) في العام 1915 بررت فعلتها وكما حصل في العراق بعد تسعين عاما تقريبا بنشر الديمقراطية.

اضافة اعلان

كما يرى زلوم ان مشكلة المسلمين ليست مع المواطنين الاميركيين على اعتبار ان معظم هؤلاء يعانون من تجاوزات نظامهم الرأسمالي بالقدر نفسه من معاناة العالم منه لافتا الى ما قاله احد رؤساء اميركا "جايمس ماديسون" بأن اكبر المصاعب التي تواجه الحرية الاميركية تكمن في حقيقة ان عليك ان تمكن الحكومة من السيطرة على الرعية اولا ومن ثم اجبارها على السيطرة على نفسها بعد ذلك لافتا الى انه وبعد مرور اكثر من قرنين على ولادتها نجحت الجمهورية الاميركية في السيطرة وبتفوق على الرعية الا انها فشلت وبصورة بائسة في لجم نفسها.

ويتطرق زلوم الى الاستبداد في البلاد الذي يأتي في زي محاربة عدو اجنبي مبينا ان الواقع هو ان الرؤساء الاميركيين بدءا من "جورج واشنطن" وحتى جورج دبليو بوش لم يتوقفوا عن اثارة قضايا الحرية في خطابهم الاعلامي الا ان هناك فرقا شاسعا بين الواقع ولغة اثارة المشاعر مشيرا الى انه وفي القرن العشرين وجد الرئيس "ويلسون" في الحرية هدفا للحرب العالمية الاولى عندما اعلن بأنها "الحرب التي ستنهي كل الحروب" وكانت الحجة نفسها التي ساقها الرئيس "فرانكلين روزفلت" لتبرير دخول امريكا الحرب العالمية الثانية ولم يختلف الرئيس "ترومان" عن سابقين في التركيز عن الحرية لتبرير الحرب الثالثة او الحرب الباردة الى ان جاء دور "جورج دبليو بوش" في تبرير الحرب العالمية الرابعة على حد تعبير مدير السي اي ايه السابقة "جايمس ولسي" والتي اختارت الاسلام والمسلمين هدفا لها هذه المرة ولكن تحت اسم الحرب على الارهاب لاغراض التسويق السهل في اميركا والخارج وتنص عقيدة "بوش" على ان القيم الاميركية والنموذج الاميركي صالحان لكل زمان ومكان وللجميع على وجه الارض مطالبة الجميع بالاختيار اما ان يكونوا مع هذه القيم وينضموا بالتالي تحت تصنيف الاخبار او ان يكونوا ضدها ليستحقوا بذلك صفة الاشرار ويتم التعامل معهم على هذا الاساس.

ويؤكد زلوم على ان صامويل هنتنغتون قد اتى من صلب النظام الاميركي فهو بالاضافة الى كونه استاذا في جامعة "هارفارد" يعد من مجموعة الامن القومي المتنفذة في كل الادارات الاميركية وخدم في البيت الابيض في مجلس الامن القومي كما اوكلت اليه مهمة الترويج لصراع الحضارات منذ العقد الاخير من القرن العشرين متطرقا الى كتابة "صراع الحضارات" الذي يعد الملخص المفيد لما يفكر به المحافظون القدامى والجدد وسائر الادارات الاميركية وان اختلفت لهجتها واقوالها لا افعالها.

كما يؤكد زلوم على مشكلة اميركا تكمن في حقيقة ان معظم العالم لا يوافقها على الافتراض القائل بأن النموذج الاميركي صالح للجميع بل والاسوأ من ذلك ان معظم العالم لا يعتقد بأن النموذج صالح للاميركيين انفسهم لافتا الى ان استطلاعا للرأي اعدته هيئة الاذاعة البريطانية في العام 2005 على ان 58% من الاجانب الذين تم استطلاع آرائهم يرون في اعادة انتخاب "بوش" تهديدا للسلام العالمي مشيرا الى ان الملاحظة الاهم في الاستطلاع هو ان الرقم اعلى بكثير بين مواطني الدول الحليفة التقليدية للولايات المتحدة حيث وصل الى 77% في المانيا و 64% في بريطانيا و 82% في تركيا اما في العالم الاسلامي فإن التأييد لاميركا والقيم الاميركية اقل من 10% في معظم البلدان.

ويتطرق زلوم الى ما جاء في تقرير للصحفي اندرو مورافيسل نشرته "النيوزويك" في العالم 2005 بأن الاحصائيات والحقائق تفضل النماذج غير الاميركية مثل النموذج الاوروبي والنموذج الياباني اللذان يعدان اكثر ديمقراطية ويوفران غطاء افضل من الرعاية الاجتماعية والتعليم والرخاء المعيشي مشيرا الى ان الاوروبيين يعملون لساعات اقل ويتمتعون باجازات اطول ويغمرهم شعور اقوى بالقناعة وهم اقل مدعاة للقلق من الاميركيين الغارقين في الديون لافتا الى ان هذه النماذج بدأت تشكل هدفا للهجوم الاميركي وخصوصا بعد انهيار الشيوعية وذلك رغبة من واشنطن بفرض نموذجها الرأسمالي وقيمها على الجميع موردا ارقام واحصاءات كما جاءت في تقرير "النيوزويك" حيث ورد القول بالرغم من ثرائها فإن الولايات المتحدة تصنف من بين الدول الفقيرة فيما يتعلق بمعايير الرخاء الاجتماعي ففي الولايات المتحدة تصل معدلات الفقر بين فئة الاطفال الى 22.4% مقارنة مع 2.6% في السويد وفيما يتعلق بالعدل في توزيع الدخل تحتل الولايات المتحدة المركز الحادي والسبعين في حين احتلت الدنمارك واليابان وجمهورية التشيك وفلندا المراكز الاربعة الاولى على التوالي.

كما يتطرق زلوم الى الديمقراطية فيرى زلوم ان الانطباع السائد لدى الاوروبيين ومعظم العالم بأن المال هو صاحب اليد العليا في النظام الامريكي لافتا الى ان القائمين على خمس مؤسسات اعلامية في امريكا او ما يسمى زيفا بالصحافة الحرة يستطيعون التأثير على الرأي العام في اقرب ما يكون لعملية غسيل الدماغ من خلال التركيز على رسالة معينة يتم بثها مرارا وتكرارا في عموم الولايات المتحدة مع التضييق على الاراء البديلة ما امكن ذاكرا ان دراسة "مورافيسل" ظهرت فقط في الطبعة الدولية ولم يتم نشرها في الولايات المتحدة الامر الذي دفع الكثير من الامريكيين في الخارج للكتابة للمجلة استفسارا عن سبب عدم نشر مثل هذه المعلومات الهامة داخل الولايات المتحدة.

ويشير زلوم الى ان الديمقراطية الاميركية بالنسبة لكثيرين حول العالم تقوم على مبدأ "دولار لكل صوت" ويأتي من يملك الدولارات هو الذي يملك الاصوات ويملك واشنطن وحكومتها ايضا لافتا الى عزوف الناخبين عن المشاركة في العملية الانتخابية ما يعكس مدى الاستياء والاحباط الذي يشعر به الامريكيون تجاه النظام السياسي لبلادهم مقارنا نسبة الاقبال مع البلدان الاخرى بنسبة الانتخابات الاخيرة والتي كانت بحدود 46.6% فقط مقابل 73.8% في اسبانيا و 83.2% في بلجيكيا و 84.9% في ايطاليا مبينا بأنه وعلى هذه النسب يصبح من الواضح ان مثل هذا النظام ليس مخولا من السماء بنشر قيمه وبأنه بالتأكيد لا يمثل اخر الانظمة في التاريخ كما يدعي البعض بل انه اقرب الى بداية النهاية لمرحلة استعمارية.