كتاب محمد عرمان: نظرة من الداخل

عكيفا الدار: هآرتس

أول من أمس، مع انقضاء جلسة الحكومة الاسبوعية، انطلق الوزراء سريعاً، من غير أن يتأخروا على المتظاهرين من أجل اطلاق جلعاد شاليط. ليس أحد منهم مستعداً "لتحمل مسؤولية" عن تفريق سجناء – مخربين فلسطينيين في مناطق الضفة الغربية. يقول رئيس الحكومة إن هذه مخاطرة أمنية كبيرة جدا. وعاد رئيس الشاباك يوفال ديسكين وبين أن تسريحا سخيا جدا للأسرى سيشجع حماس على اختطاف إسرائيليين آخرين. من المفيد في القريب العاجل أن يطلب الوزراء الى ديسكين نسخة مترجمة من الكتاب "نظرة في المقاومة من الداخل".

اضافة اعلان

هذه الوثيقة المهمة، بقلم محمد عرمان، وهو من منتسبي كتائب عز الدين القسام، حكم عليه بـ 36 مؤبدا، ربما تغير رأي معارضي الصفقة.

في الشهر الماضي وصف رونين بيرغمان في "يديعوت احرونوت" كتاب عرمان بأنه "وثيقة سرية هربت الى الخارج على أنها خطة لاشعال الضفة الغربية". يعرف المستشرق المقدسي الدكتور ماتي شتاينبرغ "الوثيقة السرية" جيدا. فقد وجدها قبل نحو 4 أشهر في أحد مواقع الانترنت المؤيدة لحماس. جهد المؤلف في أن يذكر أنه يمكن طبع الكتاب من جديد ونشره بغير إذن مسبق.

كتب بيرغمان انه "اذا كان شخص ما قد بحث عن تسويغ لاصرار الشاباك على ألا يطلق عددا من الاسماء المركزية التي تظهر في قائمة السجناء الـ 450 الذين تطلبهم حماس، وفيهم ايضا اسم عرمان – فان الكتاب يعطي ذلك بيقين".

يعتقد شتاينبرغ، الذي كان مستشارا لاربعة رؤساء شاباك في الشؤون الفلسطينية، أن وثيقة عرمان ليست فقط لا تسوغ موقف الشاباك بل يشير الكتاب كما يقول الى سلسلة من نقط الضعف في موقف الشاباك من صفقة شاليط. اولا، يعترض عرمان على تصور أن اطلاق سجناء الى بيوتهم في الضفة سيزيد الارهاب في هذه المنطقة، ويمجد القدرة الاستخبارية للمنظمة والأعاجيب التي تقوم بها في تحديد مواقع المخربين في الضفة. إزاء نجاح اسرائيل في التشويش على قنوات قيادة المنظمات الارهابية، يوصي عرمان بالانتقال من العمليات الى اطلاق صواريخ مائلة المسار على حسب طراز غزة.

لم يدهش شتاينبرغ لطلب اعادة سجناء حماس الى بيوتهم في الضفة. فانتشار الشاباك في الضفة ووسائله التقنية – كما يقول الشخص الذي ألف كتاب "يواجهون مصيرهم: عن الوعي القومي الفلسطيني، 1967 – 2007" ("يديعوت احرونوت") – افضل بما لا يقبل المفاضلة من الادوات التي تملكها المنظمة في غزة وفي كل مكان في العالم.

بعبارة اخرى عرمان في عاصمة عربية أخطر من عرمان في رام الله. وذلك برغم أنه كما نشر أمس في صحيفة "هآرتس"، تعتمد أجهزة الأمن على قدرة أجهزة الأمن الفلسطينية وباعثها في علاج حماس، الى درجة أنها تزن السماح للاسرائيليين بالعودة الى زيارة مدن الضفة.

على حسب رأي مسؤول حماس الكبير، الذي أثم بقتل أكثر من 40 اسرائيليا، لا علاقة بين صفقة شاليط وبين جهد المنظمة لاختطاف إسرائيليين آخرين. فهو يؤكد أن اختطاف يهود هو نظام التحصين الأجدى على قادة حماس من الاغتيالات. يصف عرمان بتوسع الحساسية التقليدية للجيران بمصير كل جندي ومدني، ويبدو أن كل واحد منه يرى نفسه مثل جلعاد شاليط. يستنتج شتاينبرغ من ذلك، انه سواء اطلق جلعاد أم تم التخلي عنه، لن تتخلى حماس عن أي فرصة لاختطاف إسرائيلي.

يذكر عرمان، أن الكتاب كتب بعد بحث عميق، يعتمد على سلسلة طويلة من الأحاديث مع رفاقه في السجن. لم يعرف أكثرهم بعضهم بعضا قبل ذلك بل لم يعلموا بوجود الخلايا الأخرى. وهنا تبين له ان جميع الخلايا في مطلع 2002 تلقت توجيهاً من أعلى باحباط مبادرة السلام العربية. نفذ الأمر كاملاً؛ فكانت العملية في فندق بارك في نتانيا في ليل عيد الفصح التي راح ضحيتها 30 شخصا، وأفضت الى غزو إسرائيل للضفة. لم تترك عملية "السور الواقي" لمبادرة السلام – التي اتخذت في بيروت قبل ذلك بيوم – احتمال أن تحظى بانتباه الجمهور الإسرائيلي.