كرة الاقتصاد في ملعب الحكومة و"الاستثنائية"

جهاد المنسي

عمان- بعد أن وضعت رؤية التحديث الاقتصادي إطلاق الإمكانات لبناء المستقبل، التي تمثل خريطة طريق وطنية عابرة للحكومات بمعايير طموحة وواقعية أوزارها، وأعلنت عن مخرجاتها في اجتماع حاشد عقد في البحر الميت، مؤخرا، بمشاركة جلالة الملك عبدالله الثاني، باتت الكرة الآن في ملعب الحكومة لتفعيل تلك الرؤية من خلال وضع قوانين خاصة بها.

اضافة اعلان


وكان التكليف الملكي واضحا للتوصل إلى إعداد استراتيجية للأعوام العشرة المقبلة تؤهل الأردن للانطلاق نحو المستقبل، وتتضمن أهدافا محددة وكذلك مبادرات لتحقيق هذه الأهداف.


ويعني ذلك أن الدورة الاستثنائية المقبلة لمجلس الأمة التاسع عشر، التي تتأرجح بين نهاية الشهر الحالي أو بعد عطلة عيد الاضحى المبارك المقبل، ستخصص لإقرار مشاريع قوانين اقتصادية تتقاطع مع الرؤية الاقتصادية التحديثة.


وبحسب مصادر مطلعة فإن الحكومة بصدد اعداد مشروع قانون استثمار جديد يتضمن دمج كل القوانين المتعلقة في هذا الجانب وإرسالها لمجلس الأمة لإقرارها.


وتشمل الرؤية، التي ستنفذ عبر ثلاث مراحل وعلى مدى عشرة أعوام، 366 مبادرة في مختلف القطاعات، وتندرج تحت ثمانية محركات تركز على إطلاق كامل الإمكانات الاقتصادية المولدة لفرص التشغيل والعمل، وتحدي توفير مليون فرصة عمل جديدة للأردنيين خلال العقد المقبل، من خلال تحديد محركات التشغيل والنمو الاقتصادي.


ويتطلب تحقيق تلك الفرص جلب استثمارات وتمويل بنحو 41 مليار دينار، فيما يُتوقَّع أن يتمّ استقطاب الغالبية العظمى من هذه الاستثمارات من القطاع الخاص، بما في ذلك الاستثمار الأجنبي المباشر، ومشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص.


وانبثقت هذه الرؤية من مخرجات ورشة العمل الاقتصادية الوطنية التي عقدت في الديوان الملكي الهاشمي، بتوجيهات ملكية، والتي جاءت مخرجاتها بعد مناقشات شارك فيها أكثر من 500 من المتخصصين والمعنيّين والخبراء، وممثلين عن القطاعين العام والخاص، والبرلمان، ومؤسسات المجتمع المدني يمثلون 17 قطاعا حيويا من مكونات الاقتصاد الوطني، على مدى عدة شهور.


والمهم في هذه الاستراتيجية أن تكون عابرة للحكومات، ويتم تضمينها في كتب التكليف السامي للحكومات المقبلة مع عدم التغيير فيها إلا إذا كان هذا التعديل يخدم تنفيذها، اذ إن الإستراتيجيات التي كانت تعد سابقا، كانت تتغير وتتعدل مع تغير الحكومات، ما يوقف التقدم فيها وعدم التوصل إلى أهدافها الاستراتيجية.


وفي هذا الصدد، قال رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب خير أبو صعيليك إن تلك الرؤية جاءت انطلاقا من معرفة دقيقة من قبل جلالة الملك باقتصاد المملكة والمنطقة، مع ضرورة أن يكون القطاع الخاص هو اللاعب الرئيس في دفع هذا الاقتصاد خصوصا بعد جائحة كورونا.


وكان جلالة الملك وجه لعقد هذه الورشات لرسم خريطة طريق تتم ترجمتها لخطط عمل عابرة للحكومات، بما يضمن إطلاق الإمكانات لتحقيق النمو الشامل، وما يرتبط به من استحداث فرص العمل وزيادة الإيرادات التي تنعكس بالتالي على مستوى معيشة المواطنين.


وقال جلالته: "نريده مستقبلا مشرقا نعزز فيه أمننا واستقرارنا، ونمضي خلاله في مسيرة البناء إلى آفاق أوسع من التميز والإنجاز والإبداع.. نريده مستقبلا نستعيد فيه صدارتنا في التعليم، وننهض فيه باقتصادنا، وتزداد فيه قدرات قطاعنا العام وفاعليته، ويزدهر فيه قطاعنا الخاص".


وهدفت الاجتماعات، التي ضمت نحو 300 من الخبراء والمختصين الذين يمثلون القطاعات الرئيسة المكونة لجميع النشاطات الاقتصادية، إلى وضع رؤية مستقبلية واضحة للقطاعات الاقتصادية وخريطة طريق استراتيجية، محددة زمنيا ومتكاملة وقابلة للتنفيذ.


ومن المعلوم ان الأعوام الماضية شهدت ارتفاعا كبيرا في معدل البطالة، إذ تضاعفت وتجاوزت 24 % في عشر سنوات، وتضاف إليها مؤشرات عجز الموازنة والدين العام، مع توقعات باستمرار الزيادة للعام الحالي.


ولذلك فإن الأهم من ذاك هو التطبيق، ومن المفروض السير بتطبيقها، لأنها تحتوي على مؤشرات قياس ومحاور واضحة، ونقاط إصلاح سريعة، بالإضافة إلى إجراءات طويلة الأمد واضحة المعالم، بينما يتعين على مجلسي النواب والأعيان مراقبة عملية التطبيق، وتقييم الوضع الراهن للقطاعات الاقتصادية الحيوية، بما في ذلك الإنجازات التي تحققت، وعوامل النجاحات السابقة، إضافة إلى التحديات السابقة ونقاط الضعف.


وعلى المجلسين مواجهة حالة التباطؤ الاقتصادي وتراجع القدرة على التوظيف، وتوفير فرص العمل التي جاءت انعكاسا لظروف إقليمية ودولية ضاغطة، منها آثار الأزمة المالية العالمية وجائحة كورونا التي أثرت في الاقتصاد العالمي.

إقرأ المزيد :