كفاح علماني منظم

هآرتس

ميخائيل هندلزلتس

6/8/2009

كعلماني خالص يرى نفسه يهوديا بكل معنى الكلمة (وإسرائيليا ايضا)، وليس مؤمنا لكنه مع ذلك يعيش وفقا لعقيدته، قرأت مقالتي نيحميا شتريسلر الهجوميتين، "نهاية البيت الثالث" و"نهاية البيت الثالث ب"، المنشورتين في 28/7 و3/8، واللتين قال فيهما انه يعتبرني وامثالي "علمانيين ساذجين لا يدركون ان هذه حرب على البيت".

اضافة اعلان

انا لا استطيع دحض الحقائق التي اوردها شتريسلر حول وجود تيارات تربوية مستقلة تابعة لشاس واغودات اسرائيل، وحول اعفاء تلاميذ المعاهد الدينية من الخدمة العسكرية، ولا حتى دحض الحديث عن المجموعات الاصولية التي تشتري الشقق في الاحياء التي كانت علمانية، الامر الذي يدفع سكانها العلمانيين الى الرحيل. كما لا استطيع ايضا المجادلة بشأن الروايات حول تلاميذ المعاهد الدينية العليا الذين يعدون العائلات العلمانية الفقيرة بحدائق الاطفال الرخيصة، او يغرون الفتيان بالعودة إلى حظيرة الدين... ولكن عند قراءة ادعاءات شتريسلر حول وجود نظرية منهجية مبلورة لدى الاصوليين الساعين إلى اقامة دولة توراتية هنا بطرق لطيفة ناعمة، وعبر استخدام المال، تعود إلى الذاكرة الادعاءات التي طرحت في الماضي (بما في ذلك من اشخاص يشاركون اليوم في حكومة نتنياهو الذي تبنى مبدأ "الدولتين لشعبين") في كل مرة تحدث فيها ذرة من التقدم في الاتجاه الايجابي لمحادثات جس النبض التي تدرس امكانية القيام بخطوات تفضي إلى السلام مع الفلسطينيين.

الادعاءات الأخيرة كانت تقوم على ان الفلسطينيين يخططون لتدمير دولة إسرائيل على "طريقة السلامي"، ومفادها ان كل اصبع اسرائيلي ممدود للسلام سيفترس من قبل الفلسطينيين. ووفقا لتحليلات مشابهة لسلوك الفلسطينيين، وصل ايهود باراك الى استنتاج "عدم وجود شريك" على الطرف الآخر.

الاصوليون حصلوا على اغلب الاموال لاهدافهم بفضل جهود ممثليهم المنتخبين وموافقة السياسيين العلمانيين، الساذجين وغير الساذجين، من اصحاب الاولويات الديمقراطية العلمانية المغايرة لاولوياتي انا واولويات شتريسلر. جزء من هذا المال جاءهم من رجال الاعمال الذين يؤمنون بنهجهم. ويقترح شتريسلر تحقيق المساواة من خلال وسائل اقتصادية ذات فرص نجاح تشبه تلك التي يمتلكها السلام الاقتصادي مع الفلسطينيين.

ليست لذلك احتمالية كبيرة في اطار النهج السياسي الديمقراطي، ولذلك سيتوجب تحقيق الهدف باستخدام القهر الاداري الذي ستنجم عنه مشاكل اجتماعية ان لم يعط الناس هامشا زمنيا للتكيف مع المستجدات.

انا اؤيد الكفاح من اجل الفلسفة العلمانية؛ من خلال اقناع السياسيين العلمانيين الذين صوتّ انا وشتريسلر لهم حتى يعرضوا على الجمهور العلماني نفس الشروط لرياض الاطفال التي يوفرها الاصوليون، من ميزانية الدولة او من تبرعات رجال الاعمال العلمانيين الديمقراطيين من انصار السوق الحرة.

الكفاح القيمي دفاعا عن البيت العلماني يجب ان يتم من خلال قناة بث جماهيرية تعرض على الشبان العلمانيين شيئا مختلفا عما تعرضه عليهم القنوات التجارية. ويتوجب وضع اغراءات للشبيبة العلمانية يمكنها ان تنافس الاغراءات التي يقترحها عليهم الاصوليون.

انا اعرف ما الذي ستفضي اليه الحرب دفاعا عن البيت الروحي او المادي: ستؤدي الى منتصرين وخاسرين، وبالاساس سقوط الضحايا. فتشويه صورة الاخر تعتبر في العادة ركيزة من اجل تبرير الافعال الشريرة الذاتية وتشويه صورة الآخر ضمن نفس المعسكر، الامر الذي يعني انني انا المختلف مع غيري من العلمانيين سأصبح شيطانا ايضا فيما بعد. وانا ايضا كنت افضل قبول الاخرين لكل مواقفي وكنت مستعدا لقبول التفاوض حول ثلاث دول لثلاثة شعوب (الدولة الثالثة للاصوليين، الا ان هذا ليس بالامر العملي).

مصلحة العلمانيين لا تكمن في اعلان الحروب، وانما في الكفاح بالطرق السلمية ضمن القيود الديمقراطية التي يقبلونها للتعايش في احترام متبادل؛ مع الاصوليين مثلما مع العرب والفلسطينيين.