كفوا عن إطلاق النار عليهم

هآرتس

 أسرة التحرير

حتى 15 أيار متوقع ما لا يقل عن اربع مظاهرات اخرى للفلسطينيين من قطاع غزة، في اطار أحداث مسيرة العودة: ثلاثة ايام جمعة، وذكرى يوم النكبة أيضا. ومع ان عدد المتظاهرين قل مقارنة بيوم المسيرة الاول، الا ان عدد القتلى ولا سيما عدد الجرحى بنار الجيش الإسرائيلي بقي عاليا جدا. بمعنى أن القيادات السياسية والعسكرية متمسكة بسياسة النار الحية والخطيرة على متظاهرين غير مسلحين، وتتخلى بوعى عن وسائل غير فتاكة، لا تتسبب بالاعاقة لمنع تسلل بعض من المتظاهرين عبر الجدار الفاصل. من جهة اخرى، فإن نواة صلبة ومستقرة من الغزيين متمسكة بفكرة الاحتجاج الجماهيري. وعليه فثمة اساس للخوف من أن ايام المظاهرات التالية ستنطوي على مصابين كثيرين آخرين.اضافة اعلان
يوم الجمعة الماضي قتل جنود اربعة متظاهرين، بينهم فتى ابن 15، واصابوا بالنار الحية 156 شخصا. وحسب معطيات وزارة الصحة الفلسطينية، فإن عدد الجرحى بالنار منذ 30 اذار ارتفع إلى 1700، معظمهم في الاطراف السفلى. وتؤكد محافل دولية كـ "اطباء بلا حدود"، منظمة الصحة العالمية و"مساعدة طبية للفلسطينيين" تقارير السلطة الفلسطينية، عن العدد العالي للجرحى والخطورة الاستثنائية للمصابين ("هآرتس"، امس). وحسب أطباء بلا حدود، فإن الرصاص الذي يستخدمه الجيش يتسبب بـ "تحطم على درجة متطرفة للعظام وللأنسجة الرقيقة، ولجراح خروج يمكنها أن تصل إلى حجم قبضة". معظم الجرحى سيعانون من اعاقات شديدة على مدى كل حياتهم، وكثيرون سيضطرون إلى اجتياز عمليات اخرى وعلاجات.
الجهاز الصحي في غزة، الذي بسبب الحصار الإسرائيلي ونزاعات فتح- حماس، يعاني من نقص عضال في الادوية، في الاجهزة الطبية المتطورة وفي توريد الكهرباء الامن والمنتظم، ينهار تحت العبء. مئات العمليات الجراحية للمرضى العاديين تأجلت، لتفريغ الجراحين، العتاد والمكان لجرحى النار الكثيرين. المعوقون والمعالجون الجدد، الذين ينضمون إلى الاف مصابي النار الإسرائيلية في الماضي، سيواصلون تحميل العبء المادي والنفسي على المجتمع في غزة، ولكنهم لن يكفوا عن التطلع إلى الاستقلال وسيزيدون فقط حقدها على إسرائيل.
مخطئ من يعتقد أن عبء هذا الكم الهائل من المصابين لا علاقة له بإسرائيل. وذلك أيضا لأنه سيأتي اليوم الذي ينفد فيه صبر المجتمعات اليهودية في العالم والدول الديمقراطية تجاه السياسة الإسرائيلية، ولكن الاهم من ذلك: تحت الضغط القومي للحكومة اليمينية المتطرفة التي لا ترى في الفلسطينيين بشرا متساوين، من شأن الجيش الإسرائيلي ان يفقد طابعه الانساني ويجعل القتل الزائد والمصابين بالجملة موضوعا عاديا. حان الوقت لوقف هذا الميل الهدام والتطلع إلى الاستخدام بالحد الادنى للنار والمس بالحد الادنى بالحياة وجودة الحياة.