"كلام الناس" يمنعنا من تنفيذ قراراتنا

كلام الناس يعوق البعض عن تحقيق أحلامهم-(أرشيفية)
كلام الناس يعوق البعض عن تحقيق أحلامهم-(أرشيفية)

ربى الرياحي

عمان- أمنيات وأحلام كثيرة لم يكتب لها أن تكتمل أو حتى أن تبقى قيد الانتظار ربما لأن الحكم بشأنها جاهز مسبقا ليس بحاجة إلى مناقشة لتغيير وجهات النظر.اضافة اعلان
كل ما علينا فعله هو التزام الصمت ومن ثم التنفيذ لنبقى في أعين أولئك الذين تجرأوا على أحلامنا بكلامهم القاسي السخيف ونظرتهم السطحية، أشخاصا لديهم من النضج والمسؤولية ما يكفيهم للابتعاد عن فكرة المغامرة التي قد تعرضنا للانتقاد لأسباب لا تستحق أن تذكر، ومع ذلك يقرر البعض وخاصة من لديهم الرغبة في رؤية إخفاقاتنا استخدامه ضدنا ليثبتوا أننا غير قادرين على تحمل نتائج قراراتنا للنهاية.
لذا نجد أن هؤلاء الأشخاص بالذات منحوا لأنفسهم الحق في اقتحام عالمنا ليصبح بإمكانهم أن يسلبوا منا طموحنا اللامحدود وثقتنا بأننا حتما نمتلك الحرية في اختيار المناسب لنا على الأقل. رافضين أي تدخل من شأنه أن يفقدنا حماسنا حتى وإن كان مجرد كلام عابر لا قيمة له قد يكون ذلك لأننا نخشى دائما كلام الناس غير المسؤول والذي من السهل جدا أن يؤثر فينا محاولا وضع القيود على قرارات مصيرية لا تحتمل التأجيل، الأمر الذي يجبر البعض على التنازل عن قراراته وقرارات من يحب فقط ليفلت من ألسنة الناس الجارحة التي لا تكترث بالمشاعر.
قرارات مصيرية مهمة نفضل أن تبقى طي النسيان فقط لنحظى بتقدير من حولنا وبثنائهم علينا متجاوزين احتياجاتنا ورغباتنا التي كنا نعتقد أن إمكانية تحقيقها أمر طبيعي وسهل لا يخضع للانتقاد واللوم من قبل أناس شغلهم الشاغل هو مراقبة المحيطين بهم وإشعارهم أن في الحياة خطوطا حمراء ينبغي التوقف عندها قليلا حتى لا يتهموا بالاختلاف وربما التمرد على منطق الناس الذين يتعمدون تشويش الآخر وإضعاف رغبته كل ذلك بدافع الغيرة أو التظاهر بالحرص الزائد على مصلحته.
نتعرض جميعا وبدون استثناء إلى كلام سطحي يخلو تماما من الوعي والإنسانية في أكثر المواقف دقة وخطورة يشتتنا ويقلقنا ويشعرنا بأننا عاجزون عن التصدي لسلبيته التي قد تقف عائقا بيننا وبين حلم يقاوم من أجل البقاء فقط لنرضي من حولنا حتى وإن كنا نعرف جيدا أن إرضاءهم غاية لا تدرك.
امتناع البعض عن البت في قضايا حساسة جادة تعنيهم وحدهم في الدرجة الأولى يعطي أولئك الذين تجرأوا على خصوصياتهم فرصة حقيقية لتغيير قناعاتهم وأفكارهم التي يرفضون مجرد الاعتراف بها ربما لأنهم لا يملكون الشجاعة لتبنيها لذا يقررون تزويدهم بأفكار أخرى تنسجم مع طبيعتهم ونمط تفكيرهم حتى يبقوا ضمن المقبول أو بالأحرى ضمن القوانين المجحفة التي تدين الاختلاف أياً كان كونها جامدة تقتصر فقط على كل ما هو اعتيادي مألوف من قبل، أما التحديث والتجديد بالنسبة لأولئك الذين اختاروا الوقوف في أماكنهم خشية من سماع الكلام الجارح والانتقادات المستفزة فهم يرونه خطأ كبيرا نرتكبه في حق أنفسنا وربما في حق الآخرين أيضا.
في مواقف كثيرة وتحديدا تلك التي تمنحنا القدرة على اختبار كل الأشياء من حولنا يتسلل إلى داخلنا شعور خفي يحاول أن يقضي على أي رغبة من شأنها أن تدفعنا إلى أعلى الجدار الذي لم نقوَ على اختراقه لاعتقادنا أننا بهذه الطريقة فقط سنكسب ود من حولنا وقربهم منا فنحن وبدون أن نتردد ننقاد لكلامهم ونتأثر به لدرجة أننا قد نتقمص شخصياتهم التي أبعد ما تكون عنا متجاهلين نقطة مهمة جدا وهي أننا أجبرنا أن نترك أحلامنا خلفنا لعلنا ننجح في أن نكون صورة طبق الأصل عنهم في كل شيء حتى القناعات، الأمر الذي يجعلنا حتما نتنازل عن حقنا في اتخاذ القرار الذي يتواءم مع شكل أمنياتنا والذي يستطيع حقا تجنيبنا ذلك الوجع القديم المرافق لخيباتنا لأننا ببساطة نريد أن نتحرر من هشاشة قراراتنا حتى لو كان المقابل هو الاستسلام لكلام الناس القائم على أنقاض تجارب فاشلة.

[email protected]