كلام في الهوا..

"ليس من حق أحد أن يسألني مجرد سؤال، عن عقيدتي فهذا شأنٌ بيني وبين خالقي"..  الإمام محمد عبده.
مشهد: ليس بعيداً عمّا نتناقله عبر فضاءات الأثير مُقرِّبين المسافات، حَاثّين العقارب على الإسراع وقتل الدقيقة تلو الأخرى، نصطدم كل لحظة بحالة جديدة من كلام في الهوا ليس على الهواء..اضافة اعلان
مواطنون: كلام نطلقهُ (سداح مداح) دون حساب، نستعرضُ به ادعاءاتنا ونداعب عُقدنا المُزمنة بالاختباء وراء الصورة الزاهية البهية التي نرسمها لتؤول جواز سفر، يفتح المعابر والقلوب، ويُسهل الصعب، ويُحسن نقاط القبول ويرفع وتيرة الاحترام.
رجل 1: كان يمضي معنا ساعات ما قبل الاجتماع اليومي مع مسؤولينا في أحاديث عامة وخاصة، نكاتٌ تغلب عليها (ثيمة) الرجل والمرأة.. ضحكته المُجلجلة كانت حاضرة ومتكررة وكأنها ضحكة مؤداة في مسلسل تلفزيوني.. وما أن يبدأ الاجتماع وتُغلق الأبواب، حتى يقف مستأذناً الحضور .."عفواً اسمحوا لي أن أُغادر لأُصلي العصر وأعود"!!
لطالما سألت نفسي، لِمَ لمْ يُصل طوال تلك الدقائق التي قضاها قبيل الاجتماع في إلقاء النكات، وحَرصَ أن يستأذننا للصلاة، لم أجد الإجابة ولم احاول، فقد كنت أتذكر تلك الحجج الواهية التي كان الطلبة يتحججون بها لدى الأستاذ للهروب من غرف الصف، فيستأذنون للوضوء أو للصلاة، لم يكن الأستاذ (يتخنفس) بكلمة أو يجرؤ على الرفض!!
كلام في الهوا نقوله لنرسم لأنفسنا صوراً زاهية، نضمنُ بها رؤية أفضل لنا في عيون الآخرين..
مذيع: في إحدى الفضائيات العربية تابعت باهتمام مذيعاً محللاً يتناول موضوع الديمقراطية في التاريخ، فكان يشير إلى مفهوم الديمقراطية لدى الإغريق والرومان والاسلام ويشير إلى ديمقراطية بلده "المتجذرة.." فيما الشاشات المعلقة في خلفية الصورة تعرض دون أن يتنبه (لا المذيع ولا احد نوابغ فريق العمل) لانتهاكات للأمن ضد متظاهرين سلميين وفي أكثر من شاشة.. والمذيع مستمر في نشر حال الديمقراطية البهية في وطن الحرية!!
مجموعة نواب: كان التسابق نحو استعراض الحرص على المواطن وكرامته وحقه في الحياة  سمة لصيقة بهم، هم جاؤوا أصلاً على أكتاف المواطن المدمى بحاجات يومه، متجاوزين كرامته مُفاوضين على ثمنه المتواضع مقارنة بتكاليف اليافطات والمقار والصور..
"مشكلة أن يكون سعر المواطن بخساً، لكن الجريمة ان يكون للمواطن سعر أصلاً، في زمن يقول تجار الكلام ما لا يفعلون، ويعملون بعكس ما يعرضون ويستعرضون".
لا يتوجب علينا لإثبات وطنيتنا أن نقضيَ لحظاتنا متحدثين عن الوطنية والشرف والكرامة بسبب أو بدون، ثم نتحدث عن عدائنا المتأصل للإقليمية والعنصرية والطائفية دون حتى أن نُسأل عنها وبلا مقدمات وما أن نختلي بأنفسنا او بمريدين لنا حتى نخلع الساتر الترابي المُمعن بالتنكر!!
نجمة ناعمة: قضت جُل حواراتها الصحفية تتحدث عن سر السعادة الزوجية، ثم سرعان ما اكتشف الاعلام عمق خلافاتها العائلية وانفصالها..
موظف كبير: أمضى سحابة عمره الوظيفي يحث على الالتزام والانتماء للوطن.. ثم خرج بفضيحة مالية مدوية.كله .. كلام في الهوا!!

[email protected]