كلام هادئ في تعديل مفاجئ

تعدلت الحكومة بعد طول انتظار، وكان التعديل مخيبا للآمال، ولم يكن وفق السياق المتوقع للتعديل، فلم يكن واسعا، بقدر ما كان محدودا، ولم يكن شاملا، كما لم يحمل أي رسائل سياسية تطمينية للشعب أو لقوى المجتمع المحلي.اضافة اعلان
التعديل الرابع لحكومة الدكتور عمر الرزاز كان مؤملا منه الكثير، وكان الأمل أن يضع حدا لكل الانتقادات التي واجهتها الحكومة في تعديلاتها السابقة، والتي لم ترض مراقبين ومتابعين ونوابا وقوى مجتمعية.
فالتعديل إذا اردنا قراءته بشكل منفصل لم يحمل رؤية إصلاحية، إذ لم يتم استحضار اسماء ذات صفة إصلاحية معروفة للمجتمع، ولم يحمل رؤي سياسية مستقبلية يشعرنا أن هناك اسماء وازنة دخلت في الحكومة سيكون لها تأثير وأثر إصلاحي شامل، فالعلبة التي تخرج الوزراء لم تتغير ابدا.
لست هنا في طور الحديث عن آلية تشكيل الحكومات، فقد تحدثنا في هذا الموضوع مطولا، وطالما اشرنا لأهمية أن تتغير طريقة التشكيل، وأهمية دمج الاحزاب والنواب في الحكومات حتى تصبح تلك الحكومات اقرب للشعب من تلك التي تتشكل برمشة عين.
فلو اردنا قراءة التعديل من منظور إصلاحي شامل سنجد أن جديده الوحيد هو تغيير مسميات بعض الوزارات كوزارة البلديات، والاتصالات، وتغيرهما أدخل الحكومة في جدل قانوني ودستوري حول ضرورة إصدار قانون بتشكيل الوزارات الجديدة والغاء السابقة ام لا؟!
حقيقة الأمر ان البعض عول على التعديل الذي حصل أن يأتي بجديد، ويؤسس لمرحلة أولى من مراحل الانتقال لفكر الدولة الحديثة التي لا تؤمن بالمحاصصة ولا بالتوزيع الجغرافي بقدر ايمانها بالكفاءة، والقدرة على الانتاج والعمل، بيد ان التعديل واصل الدوران حول ذات النقطة والهدف، وذات الطريقة التي تتشكل فيها الحكومات والتي تقوم على المحاصصة، والجهوية والجغرافية.
الأمل كان معقودا أن تبدأ الحكومة الحالية عصرا جديدا من النهضة التي تحدثت عنها ابان تشكيلها، وأن تبدأ فعلا وقولا بعقد اجتماعي جديد يضعنا أمام بداية الطريق باتجاه الدولة المدنية الوطنية التي نريدها، بيد أن ما جرى كان مربكا ومفاجئا لنا جميعا، إذ لم تشعرنا حكومتنا العتيدة بأي أمل بالسير نحو هذا الطريق، وواصلت ما فعلته حكومات سابقة من شعارات لم تقنع الناس بجديتها.
صحيح ان الحكومة فتحت بعض ملفات الفساد الراكدة، وصحيح ان الرئيس لا أحد يمكن ان ينتقد نزاهته، بيد أن ذاك ليس هو طريق الإصلاح الوحيد، فالطريق بحاجة لخطوات عملية تشعر الجميع وخاصة القوى المجتمعية والنقابات والاحزاب والنواب اننا بالفعل نسير نحو الإصلاح وبناء الدولة الحديثة.
لسنا بحاجة لاختراع العجلة لكي نقنع الناس اننا نسمع منهم ونتلمس ما يقولون، ولسنا في عوالم معزولة عن بعضنا البعض لكي لا نعرف ما يقال في الصالونات المغلقة والمفتوحة، ولسنا في بلاد الواق واق لكي لا نقرأ ما يكتبه الناس على صفحات التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتويتر) وغيرها، ولسنا في حالة ابتعاد عن بعضنا البعض لكي نبقي الآذان صماء لا تسمع ما يقال، وما يكتب، وما يهمس به سرا وعلنا، وكل ذاك جعلنا نراهن بان تسمع الحكومة ما يقال، وان تتخذ خطوات ايجابية باتجاه أن تكون أكثر قربا من الناس، وتتلمس ما يقولون.
كان مؤملا أن نشهد تعديلا نستطيع من خلاله مواجهة كل ما يحاك وما يقال عن صفقة القرن التي تبشر بها الولايات المتحدة والتي يتأثر بها الأردن بشكل أو بأخر، وان نستطيع من خلاله فتح أبواب كانت مغلقة أمامنا لم نستطع فتحها حتى اليوم وان نؤسس لفكر اقتصادي مختلف عن كل الطرق التي تم فيها إدارة الاقتصاد والاستثمار في البلاد.