كل عام ونحن جميعا بخير

وجه الأردنيون صفعة قوية إلى دعاة الفتنة والكراهية، ورفضوا الانصياع لفتاوى تحريم معايدة الآخرين بأعيادهم، وأثبتوا مرة أخرى أن هذا البلد بكل مكوناته لا يمكن أن يخدعه أصحاب الادعاءات الزائفة والأفكار المتطرفة، وأن المجتمع بكل ألوانه ومكوناته يشكل لوحة جميلة ودرعا صلبة لا يمكن اختراقها.اضافة اعلان
ردود الفعل التي تابعناها من الأردنيين على فتاوى تحريم معايدة المسيحيين بمناسبة عيد الميلاد المجيد، كانت تلقائية وبسيطة، ولكنها عظيمة. وأبدع الأردنيون في الاحتفال المزدوج بمناسبتي المولد النبوي وأعياد الميلاد، فرسموا أجمل لوحات التآخي والتعاضد، وأكدوا للقاصي والداني أننا البلد الذي يضرب مثلاً في حقيقة الوحدة بين مكوناته، بعيدا عن الشعارات الرنانة والتمثيليات الزائفة.
لم يفرق الأردنيون يوما بين مسلم ومسيحي، بل ولم يخطر الأمر على بال أي منهم، فكانوا دائما يتعاملون مع بعضهم بعضا كأفراد في عائلة واحدة؛ يتشاركون الخير معا، ويواجهون الصعوبات معا، من دون تكلف أو مبالغة أو استعراض، فلا مكان لمثل هذه الأمور في العائلة الأردنية الواحدة.
لقد تلقى دعاة الفتنة وأصحاب فتاوى الكراهية صدمة كبيرة وهم يشاهدون كيف أصبحت فتاواهم حافزا للأردنيين ليؤكدوا وحدتهم ورفضهم لأي لغة تمييزية إقصائية. وقد وجه رأس الدولة ملك البلاد تحية العيدين لجميع الأردنيين، وأكد أننا جميعا نعيش في ظل المواطنة التي تجمع ولا تفرق، وصولاً إلى كل شاب وفتاة في كل بيت وحارة وموقع للتواصل الاجتماعي التي امتلأت بآلاف الصور والعبارات التي تؤكد على الوحدة وترفض شق الصف.
أرسل مسيحيو الأردن التهاني لأشقائهم المسلمين بمناسبة ذكرى المولد النبوي، وبادلهم المسلمون الأمر ذاته وهنأوهم بذكرى الميلاد المجيد، وصلى الجميع على الأنبياء جميعا، وانتشرت أشجار الميلاد وزينتها في كل أرجاء البلاد وفي البيوت وفي المحال وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وعم الضوء شوارعنا وبيوتنا وقلوبنا كما دائما، واختبأ الظلاميون من دعاة الفتنة في جحورهم كما دائما.
ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية رسالة مهمة يجب أن لا تمر مرور الكرام، فقد أثبت الناس في غالبيتهم أنهم أوعى وأذكى من كل محاولات شق الصف وزرع الفتنة، ولم يكن هناك حاجة إلى تنظيم حملات مضادة لفتاوى الظلاميين فقد تصرف الناس على طبيعتهم وسجيتهم المحبة للفرح والخير والسلام، وأثبتوا أن الأردن، هذا البلد الصغير في مساحته، ما يزال يقدم للعالم دروسا رائعة في الكثير من القضايا، وأن حصننا منيع وعصي على الأفكار السوداء، وأن أصحاب هذه الأفكار ما هم إلا اقلية منبوذة في مجتمع يحب الألوان والفرح.
وكل عام ونحن جميعا بخير، ولا عزاء لأصحاب فتاوى الكراهية والظلام.