كم درسا لنتعلم الدرس "الفقر والبطالة"؟


لا أعلم كم درسا نحتاج كي نتعلم الدرس الأساسي بأن الحفاظ على الأردن واستقراره يتطلب إيجاد حلول جذرية للمشكلات والمعضلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بطرق وأساليب تختلف عن الطرق والأساليب التي خلقت هذه المشكلات والمعضلات.اضافة اعلان
الأردن واجه خلال العقود الثلاثة الماضية العديد من الأزمات الكبرى، فكل بضعة أعوام يخرج عشرات آلاف من المواطنين الى الشوارع في احتجاجات شعبية واسعة تطالب بإصلاحات اقتصادية، هذا إضافة إلى آلاف الاحتجاجات العمالية التي تطالب بتحسين شروط العمل و/أو المطالبة بفرص عمل.
الملامح العامة لمشكلاتنا اقتصادية واجتماعية؛ حيث اتساع الفقر (تراجع المستويات المعيشية لقطاعات واسعة من المواطنين)، وتفاقم مشكلة البطالة، لم تأت سوى من الخيارات الاقتصادية التي أدارت بها الحكومات المتعاقبة مختلف الملفات الاقتصادية والاجتماعية.
اللافت أن مختلف الحكومات التي استلمت زمام الإدارة في الأردن خلال العقود الماضية، لم تختلف خياراتها الاقتصادية ولا حتى أساليب إدارتها لهذه الملفات، والاختلاف كان وما يزال يظهر فقط في اللغة التي تستخدمها الحكومات وشخوصها عند عرضها للأولويات التي تستهدفها.
ففي الوقت التي تشير فيه الاستراتيجيات الوطنية -وكان آخرها الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية 2016-2025، أن أحد أهم أسباب تفاقم مشكلة البطالة يكمن في اتساع التعليم الجامعي على حساب التقني والمهني، نجد أن الحكومات على أرض الواقع تطبق سياسات توسعية في التعليم الجامعي.
والحكومات بذلك تقوم بالضرب بعرض الحائط بمختلف السياسات البديلة التي تقترحها الخطط والاستراتيجيات ذات العلاقة، خاضعة لضغوط أصحاب المصالح في (التعليم الجامعي الخاص)، الذين يريدون مزيدا من الطلبة للالتحاق في الجامعات الخاصة.
إضافة الى ذلك، ومع تزايد أعداد الفقراء (إحدى أهم المشكلات في الأردن) ودخول مئات الآلاف من العاملين الى هذه الشرائح (العاملين الفقراء)، الذين لا تكفي دخولهم الشهرية لتوفير الحدود الدنيا من الحياة الكريمة لهم ولأسرهم، ما تزال سياسات الأجور تنحو باتجاه عدم زيادتها، وحتى الحد الأدنى للأجور الذي يقبع عند نصف خط الفقر المطلق للأسرة المعيارية، لا يوجد نوايا للحكومة بزيادته.
النموذجان السابقان المتعلقان بسياسات التعليم والأجور كافيان لتوضيح الكيفية التي تدار بها الملفات المفصلية المسببة لأهم اختلالين نعاني منهما في الأردن؛ البطالة والفقر.
ونؤكد هنا أنه غير الممكن تغيير الواقع الصعب الذي يعيشه غالبية مواطنينا ونحن نطبق السياسات ذاتها التي أدت الى نشوء وتعميق هذه المشكلات، وآن الأوان لننتقل من مرحلة إدارة الأزمات وتدويرها، الى مرحلة تغيير مناهج حل الأزمات لتجاوزها.