كورونا: تباين تصريحات وزيري الداخلية والصحة حول "التعافي" تثير جدلا

محمود الطراونة

عمان - أثار تباين في تصريحات وزيري الداخلية مازن الفراية والصحة فراس هواري حول الحالة الوبائية، جدلا بين خبراء في ملف كورونا، ذلك أن الهواري حذر قبل أيام من موجة ثالثة لفيروس كورونا، في وقت أعلن فيه الفراية خلال محاضرة له في نقابة المهندسين أول من أمس "اننا دخلنا مرحلة التعافي من جائحة كورونا".اضافة اعلان
خبراء الفيروسات والأوبئة والصحة، أكدوا في تصريحات لـ"الغد" أن الفراية، الأقرب لتلك المؤشرات، فالحالة الوبائية التي تحتاج للاستقرار، مستمرة بالانخفاض منذ أكثر من شهر، ولا مؤشرات إلى موجة ثالثة كما حذر الهواري.
ورأى عالم الوبائيات عزمي محافظة، ان المؤشرات لا تدل على وجود موجة ثالثة قياسا إلى عدد الحالات لكل 100 ألف، ولنسبة الدخول إلى المستشفيات وأعداد الوفيات التي تتناقص بشكل كبير، فضلا عن النسبة الإيجابية للإصابات التي بقيت في انخفاض دون الـ5 % لأكثر من شهر.
ويتفق المحافظة مع تصريحات الفراية، ويلفت إلى انه برغم التجمعات، بخاصة في شهر رمضان وعيد الفطر، لكن الواقع الوبائي لم ينتكس، ويبدو جيدا، ولا مؤشرات على موجة ثالثة.
وأشار المحافظة، إلى أن غالبية من يحذر من موجة ثالثة، لا علاقة لهم بعلم الوبائيات، داعيا وزارة الصحة لإجراء دراسة بشأن الأجسام المضادة، لتراعي وجود عينات من المحافظات والذكور والاناث، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.؟
وشدد على أن تلبية هذا الأمر، يطمئن المواطنين، بدلا من التنجيم والتكهن حول هل نحن بأمان أم لا؟
وكان الفراية، أكد أنه وبعد مرور أكثر من عام على الجائحة، بقي القطاع الصحي متماسكا، وهذا بدوره ساهم بوصولنا إلى بدء مرحلة التعافي، إذ تراجعت الإصابات وزادت السعة السريرية، وأصبح بالإمكان إعطاء المطاعيم لنحو 100 ألف شخص يوميا.
الهواري الذي أعلن أن المملكة تستعد حاليا لموجة ثالثة من كورونا، أكد اتخاذ عدة إجراءات في هذا الصدد، برفع قدرة القطاع الصحي والكوادر الطبية، وتكثيف تلقي اللقاحات المضادة لكورونا، مشيرا إلى أننا سنصل إلى صيف آمن عبر رفع أعداد الحاصلين على المطاعيم في مطلع تموز (يوليو) المقبل.
عضو المركز الوطني لحقوق الإنسان ابراهيم البدور، بين أن البيانات حول تراجع الفيروس جيدة، ولكن لا يعول على ذلك، فالمستقبل مجهول والفيروس عنيد، ويمكن زيادة الإصابات في أي لحظة، لافتا إلى أنه إذا أردنا أن نكون بأمان، فيجب ان يكون لدينا مناعة مجتمعية بين 70 % و80 %.
وأضاف أدعو هنا وزارة الصحة لإجراء دراسة للمناعة المجتمعية، لنقطع الشك باليقين، علما بانه اجريت دراسة وأطلقت بداية العام الحالي، أشارت إلى وجود مناعة مجتمعية بنسبة 40 % من الفيروس لدى السكان.
وأوضح أن تباين التصريحات بين وزيرين في حكومة واحدة، يدفعنا لأن نتساءل: أين نمضي؟ وما هي خططنا للمستقبل القريب؟ وهل نحن في أمان فعلا؟
اختصاصي الصدرية والتنفسية محمد الطراونة قال إن "هناك تناقضا كبيرا في تصريحات الوزراء، فمن متخوف من الواقع الوبائي إلى مطمئن له، لافتا إلى أن "الصحة" تؤكد وجود 100 حالة متحورة في الأردن، كذلك ستفتح محال الاراجيل الأسبوع المقبل، فماذا نحن فاعلون في حال عاد الوضع الوبائي إلى ما كان عليه سابقا؟
وأضاف ان أساس الموجة الثانية ارتبط بـ5 حالات أصيب أصحابها بالمتحور البريطاني، وكان وضعهم قاسيا، فلماذا اذن سنفتح محال الاراجيل، التي قد تكون سببا بتزايد الإصابات؟
ودعا الحكومة لان يكون قرارها مدروسا ونابعا من الآراء العلمية، لاننا لم نصل بعد للمناعة المجتمعية، والتي تحدث حين تصل نسبة الحاصلين على المطعوم إلى 70 % بجرعتيه، وبفاصل زمني يزيد على أسبوعين.
وطالب بإعادة تفعيل المركز الوطني للأوبئة والأمراض السارية، ويفترض بأنه نواة لدعم الآراء العلمية والإدارات الصحية لاتخاذ القرار السليم علميا، لكنه غير مفعل في الواقع.
غير أن الأمين العام لوزارة الصحة لشؤون الأوبئة عادل البلبيسي، أكد أن الوزارة تعتزم إجراء دراسة للمناعة المجتمعية، وستباشر بها خلال أسبوعين بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.
وأضاف الطراونة، ان الدراسة التي بدأت مطلع العام، سينطلق الجزء الرابع بعد الانتهاء من البروتوكولات الصحية المخصصة لذلك.
وبين ان تصريحات الفراية والهواري، وإن بدت مختلفة لكنها تشير إلى حالة واحدة، تفيد بأن الواقع الوبائي مستقر ومريح، إلا انه لا يعرف بعد إذا ما كان هناك تطور على الحالة الوبائية بعدما لمسنا عدم التزام الأيام الماضية بالوقاية الصحية من الفيروس.
ولفت إلى انه وبعد أسبوعين من فتح القطاعات، لم نلمس ارتفاعا في الإصابات والمخاوف من الاختلاط في محال المقاهي والاراجيل.
وتساءل حول علاقة وزير الداخلية بتلك التصريحات؟ وهل هناك غرفة عمليات حكومية ما تزال تعمل بتناغم لمكافحة الفيروس ووضع الخطط الكفيلة بذلك؟ ام أن دوره كوزير مقتصر على تشديد الرقابة على الالتزام بإجراءات الوقاية والتباعد الاجتماعي.
كما يبدو ان التنسيق بين الوزيرين "غير موجود"، وفقه، فكلا التصريحين لا يستند على معلومات أو دلائل أو دراسة مجتمعية، توضح الوضع الوبائي الحالي، ثم اين دور المركز الوطني في ذلك، بخاصة واننا ما نزال في عين العاصفة ولم نخرج من تداعياتها بعد.