كورونا: ضعف التطعيم في المناطق النائية

شخص يأخذ اللقاح في أحد مراكز التطعيم - (تصوير: أمير خليفة)
شخص يأخذ اللقاح في أحد مراكز التطعيم - (تصوير: أمير خليفة)

محمود الطراونة

عمان – يبدو أن مساعي الحكومة لتسريع وتيرة التطعيم توقفت إلى حدود معينة، بدليل أن أعداد المطعمين لم ترتفع إلى هامش كبير منذ أكثر من شهر، بسبب العزوف عن تلقي المطاعيم، فيما تشير إحصائيات إلى أن 40 % من فئة كبار السن في الأردن لم يتلقوا أي نوع من المطاعيم حتى الآن.اضافة اعلان
وكانت الحكومة تعهدت بتطعيم 4.5 مليون شخص مع مطلع أيلول (سبتمبر) الماضي، فيما لم يتجاوز الرقم الفعلي حاجز الثلاثة ملايين و700 ألف شخص، رغم جميع محاولاتها ووسائل التوعية التي تنتهجها، كما تواجه صعوبات بالوصول إلى المواطنين في أماكن سكناهم في مختلف المحافظات والألوية لإقناعهم بتلقي المطعوم عبر الاستعانة بالمنظمات الدولية لتأمين الدعم اللوجستي والفني للوزارة للوصول إلى تلك المناطق.
وجاءت نسب التطعيم في المملكة متفاوتة بين مختلف المحافظات، وأقلها في محافظة المفرق، وأعلاها في محافظة العقبة منذ بداية الحملة في كانون الثاني(يناير) الماضي حتى بداية تشرين الأول (أكتوبر) الحالي.
ووفقا لإحصائيات رسمية حصلت عليها "الغد" فإن أعلى النسب التي رصدت كانت على مستوى المحافظات، فيما غابت الألوية والأقضية النائية التي تتبع للمحافظات وخاصة ذات المساحة الشاسعة.
ففي العاصمة عمان بلغت النسبة للجرعة الأولى 65 % وللجرعتين 58 %، اما في محافظة الزرقاء فبلغت للجرعة الواحدة 47 %، وللجرعتين 41 %، كما بلغت في محافظة البلقاء 72 % و63 % على التوالي، ولمحافظة مادبا 60 % و51 %.
وفي محافظة إربد بلغت نسبة الجرعة الواحدة 44 % وللجرعتين 39 %، وفي محافظة عجلون 49 % و41 %، وفي محافظة جرش 43 % و35 %، فيما كانت أقل النسب في محافظة المفرق بواقع 39 % و32 %.
وفي محافظة معان بلغت نسبة الجرعة الواحدة 44 %، وللجرعتين 34 %، فيما سجلت محافظة العقبة أعلى نسبة بواقع 73 % و%62، وفي محافظة الطفيلة 51 % و42 %، ومحافظة الكرك 52 % و42 %.
من جهتها فإن وزارة الصحة، وفقا لمصدر مسؤول فيها، قالت إنها بصدد زيادة نسب المطاعيم في مختلف مناطق المملكة.
وكانت وقعت الوزارة نهاية الأسبوع الحالي خطاب نوايا مع جمعية الهلال الأحمر الأردني واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بهدف توفير الدعم اللوجستي من قبل اللجنة الدولية لحملة التطعيم الوطنية ضد فيروس كورونا، بهدف زيادة نسب التطعيم في المملكة من خلال ايصال المطاعيم إلى كل المدن والقرى في المحافظات.
وقال وزير الصحة فراس هواري على هامش توقيع الخطاب إن الأردن استطاع تأمين 17 مليون جرعة من اللقاحات لتغطية احتياجاته من المطاعيم، مؤكداً أن هذه الجهود ساعدت في احتواء الانتشار الواسع للعدوى ومضاعفاتها بين المواطنين والمقيمين واللاجئين إلى الحد الأدنى.
ويوفر الدعم اللوجستي المقدم وسائل تنقل فرق التطعيم، ووسائل التبريد والاتصالات والهواتف المحمولة والإنترنت وخدمات التواصل المجتمعي إلى جمعية الهلال الأحمر الأردني لتأمين خدمات تطعيم سلسة وفعالة يستطيع قاطنو المناطق النائية من المحافظات من الوصل إليها.
وستقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتغطية تكاليف تأمين الوزارة بـ 30 سيارة مستأجرة لاستخدام فرق التطعيم المتنقلة، وتغطية تكاليف الصناديق المبردة والثلج الجاف اليومي اللازمين لهذه الفرق المتنقلة، إضافة إلى تغطية تكاليف 30 جهازا لوحيا للفرق لاستخدامها لأغراض التطعيم.
وبموجب الخطاب الموقع، ستوفر جمعية الهلال الأحمر الأردني، عددا من المتطوعين لإجراء أنشطة توعية مجتمعية من خلال نشر المعلومات الصحية التي تم التحقق منها حول التطعيم والتشجيع عليه بين المجتمعات المحلية.
ووفقا لعضو في اللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة، أشار إلى أن الحكومة تسعى جاهدة إلى اقناع المواطنين بالمطاعيم، وأنها ستصل إلى منازلهم وتحاورهم لإقناعهم بجدوى المطعوم وخاصة كبار السن الذين لا يستطعيون الوصول إلى مراكز التطعيم.
وأشارت مصادر في وزارة الصحة لـ"الغد" إلى أن المناطق النائية تعد من أقل المناطق في نسب التطعيم، وفي بعضها وصلت إلى 4 %، لافتا إلى أن وزارة الصحة تسجل الإحصائيات وفقا لأعداد متلقي المطاعيم للمحافظة الواحدة، ولا تتضمن النسب التي تسجلها الألوية والأقضية أو النواحي ونسب المطعمين فيها، وهو ما يوجب على الوزارة التنبه له في المرحلة المقبلة.
وفي هذا السياق يؤكد الخبير الوبائي الدكتور عبد الرحمن المعاني أنه على الرغم من أن جميع الفئات العمرية معرضة لخطر الإصابة بالفيروس إلا أن كبار السن أكثر عرضة للمضاعفات حيث قد يتسبب بوفاة الذين تزيد أعمارهم على 80 عاما وغير المطعمين بمعدل أعلى بخمسة أضعاف من الفئات العمرية الأخرى على المستوى العالمي.
وأشار المعاني إلى أن الفيروس المستجد يؤثر على المصابين بأمراض مزمنة من غير المطعمين أكثر من الأصحاء؛ وخاصة فئة كبار السن منهم.
وحسب دراسة واقع كبار السن في الأردن التي تم إجرائها في العام 2017 بينت أن نحو 86 % من هذه الفئة يعانون من أمراض مزمنة أبرزها ضغط الدم؛ والكوليسترول؛ والسكري؛ وأمراض القلب؛ والفشل الكلوي المزمن؛ حيث بلغت نسبة من شخصت إصابتهم بالسكري وفق بيانات مسح السكان والصحة الأسرية للعام 2018 نحو 35 % بين الاناث و30 % بين الذكور.
أما بخصوص مرضى الفشل الكلوي المزمن فبلغ 1114 من الذكور و 999 من الإناث، وذلك حسب بيانات السجل الوطني لأمراض الكلى التابع لوزارة الصحة.
ويعاني 66 % من المواطنين الذين تزيد أعمارهم على 70 عاما يعانون من حالة مرضية واحدة على الأقل، وهم أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا المستجد، فيما قلص انتشار الوباء فرص توفر خدمات الطبية الطارئة التي لا علاقة لها بالوباء، ما يزيد من المخاطر التي تهدد حياة هذه الفئة من المواطنين.
وأوضح المعاني أن كبار السن في الأردن تأثروا أكثر من غيرهم من فئات المجتمع بالجائحة وتداعياتها الصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية، مؤكدا ضرورة تركيز الاهتمام على هذه الفئة كونها تعاني أمراضا مزمنة، وحتى يتمكن جميع كبار السن من تجاوز هذة الجائحة بأمان.
ويبلغ عدد سكان المملكة نحو 11 مليون نسمة، فيما تبلغ نسبة كبار السن من الإجمالي نحو 7.5 %، وبواقع 798 ألف نسمة؛ أما عدد من يعملون من هذه الفئة فيبلغ حوالي 40 ألف مواطن.
وقال المعاني: إذا علمنا ان معدل العمر المتوقع في الأردن يبلغ للاناث 74 سنة؛ وللذكور 72.5 سنة، وأن 60 % من الأردنيين فوق 60 عاما تلقوا أحد المطاعيم الأربعة ضد الفيروس المستجد تبقى نسبة 40 % لم تتلق أي نوع من المطاعيم المقررة لغاية الآن.
وعند عكس هذه النسبة المئوية يكون عدد المواطنين من هذه الفئة الذين لم يتلقوا أي نوع من المطاعيم 250 ألف مواطن، وتعتبر هذه الأرقام مشكلة حقيقية خصوصا إذا علمنا أن هذه الفئة هي الأكثر اختطارا، وتشكل أكبر عدد من الإصابات المؤكدة، وأعلى نسبة في دخول المستشفيات، وأعلى نسبة دخول إلى أقسام العناية المركزة والحثيثة؛ وكذلك أعلى نسبة مرضى موجودين على أجهزة التنفس الصناعي وأكبر نسبة وفيات.