"كورونا": مؤشرات مقلقة.. ومطالب بمراقبة "الناقل الصامت"

فحوصات عشوائية لفيروس كورونا في وسط العاصمة - (تصوير: أمير خليفة)
فحوصات عشوائية لفيروس كورونا في وسط العاصمة - (تصوير: أمير خليفة)

محمود الطراونة

عمان - أعرب خبراء أوبئة وصحة عن قلقهم من تغير الأوضاع الوبائية في المملكة لجهة ارتفاع أعداد الإصابات والإدخالات إلى المستشفيات، وزيادة النسب الإيجابية لفحوصات كورونا، مشددين على أن هذه المؤشرات باتت مقلقة، فيما طالبوا بمراقبة "الناقلين الصامتين" للفيروس على غرار الأطفال وطلبة المدارس.

اضافة اعلان


وقالوا في أحاديث منفصلة لـ "الغد" إن على الحكومة توجيه الفحوصات وزيادتها ومراقبة الأوضاع الوبائية في المؤسسات التعليمية، والتركيز على الالتزام بالشروط والبروتوكولات الصحية في مختلف المنشآت وخاصة التعليمية.


كما طالبوا الحكومة بإيجاد حلول لاقناع المواطنين بالمطاعيم، ووفق التصريحات المتضاربة التي من شأنها تشتيت الناس وزعزعة ثقتهم بالإجراءات الصحية واللقاحات.


وكانت سجلت المملكة أول من أمس 2120 إصابة بفيروس كورونا، وهو رقم لم يسجل منذ أشهر، إضافة إلى 14 حالة وفاة، فيما بلغت النسبة الإيجابية للفحوصات 5.56 %.


وفي السياق، قال استشاري الأمراض الصدرية والتنفسية والعناية الحثيثة الدكتور محمد حسن الطراونة، إن الأردن جزء من العالم والإقليم، ولا يجوز فصله، وبالتالي "علينا أن نكون مطلعين على التحديثات التي تجري كل يوم، حيث عاد العالم ليلتهب بإصابات كورونا من جديد".


وأضاف الطراونة: "نحن تجاوزنا ألفي إصابة يوميا، وأكثر من ألف إصابة على مدار أسبوع، فيما ارتفعت نسبة الفحوصات الإيجابية إلى أكثر من 5 %، وزادت الحالات النشطة، والإدخالات تجاوزت الإخراجات من المستشفيات، وهي مؤشرات مقلقة"، داعيا الحكومة إلى التيقن والتأكد من الوضع الوبائي وزيادة الفحوصات الموجهة.


وحث الحكومة ووزارة الصحة على ضرورة التأكد من الحالة الوبائية، وخاصة داخل المؤسسات التعليمية، مشيرا إلى أن الأطفال "ناقلون صامتون" للفيروس خاصة مع موسم الرشوحات التنفسية.


وطالب الحكومة بمراقبة التزام المواطنين والطلبة داخل المنشآت التعليمية في المدارس والجامعات بالإجراءات الاحترازية والتباعد، والبحث عن حلول لتشجيع المواطنين على تلقي المطعوم.


ولفت إلى أهمية الحصول على ثقة الجماهير والتوعية الصحية وزيادة عدد الفحوصات وتوجيهها، فضلا عن ضبط تصريحات ممثلي الصحة التي قال انها "تسبب تشتيتا للناس وافقادا للثقة في المطعوم وإجراءاتها لمكافحة الوباء".


بدورها، اعترفت وزارة الصحة بان الوضع الوبائي بات "مقلقا" وفقا لأمين عام وزارة الصحة لشؤون الأوبئة والأمراض السارية الدكتور عادل البلبيسي، الذي أكد أن الزيادة الحاصلة في أعداد الإصابات اليومية بفيروس كورونا باتت مقلقة لكن الوضع الوبائي "مسيطر عليه".


وأضاف البلبيسي في تصريحات صحفية ان المملكة لم تسجل مثل هذا العدد اليومي من الإصابات والتي بلغت أول من أمس 2120 حالة منذ 5 أشهر تقريبا، وأن وزارة الصحة تقيم الوضع العام من خلال الحصيلة الأسبوعية والتي تُعد هي المقياس الأهم والذي ما زال "ضمن المعقول".

وأشار إلى أن هذه الزيادة متوقعة في ظل ضعف الالتزام بالإجراءات الصحية، وضعف الإقبال على تلقي المطاعيم. مشيراً إلى أن نسبة الإشغال في المستشفيات ما زالت ضمن الوضع الطبيعي حيث لم تتجاوز 26 % في عموم المملكة.


من جهته، قال استشاري تشخيص الأمراض النسيجية والسريرية الدكتور حسام ابو فرسخ إن هناك ملاحظات جديدة بدأت تظهر لوباء كورونا، وكثير منها أصبح الآن من الحقائق ويجب التعامل معها على هذا الأساس، لتجنب قرارات وتوقعات غير واقعية.


وأشار أبو فرسخ إلى أن "الإصابات السابقة بكورونا هي أكثر من يحمي من هذا الوباء، حتى إنها تحمي أكثر بكثير من أخذ جرعتين من اللقاح، سواء كان فايزر أو موديرنا أو غيرهما".


وتابع: "إن مناعة القطيع لن تتوفر في الدول التي لقحت سكانها جرعتين فقط حتى وان جرى التطعيم بنسبة عالية ما لم تكن لديها نسبة كبيرة جدا من الإصابات الطبيعية"، مشيرا إلى أن الدول التي لقحت سكانها حتى لأكثر من 90 % لم تنج من موجات جديدة من الإصابات مثل بريطانيا والكيان الصهيوني مثلا.


ولفت إلى أن اللقاح بجرعتيه لا يحمي من كورونا الحالية الممثلة بسلالة دلتا، لأكثر من 39 %، لكنه يحمي بصورة أكبر، من الإصابات الكبيرة والموت.


وبين انه حتى تصل الدول إلى مناعة القطيع فيجب أن يبلغ عدد المصابين 75 % أو أكثر (الأردن والهند مثالا)، أو أن الدولة لقحت مواطنيها بالجرعة الثالثة (الكيان الصهيوني مثالا).


وأوضح أبو فرسخ ان اللقاح لمن أصيب بالعدوى يعطي زيادة مناعية بسيطة، لكنها قد تكون ذات فائدة على المدى الطويل، مشيرا إلى أن الدول التي أصبح اللقاح منتشرا فيها بنسبة تفوق 70 % اصبح العدد المطلق للمصابين والموتى بين الملقحين أكثر من غير الملقحين.


وأشار إلى أن الإغلاقات غير مفيدة كاستراتيجية طويلة الأمد لمنع انتشار الوباء، لكنها تفيد فى تقليل الحالات في الوقت الراهن، لكن إذا طالت فستطيل من أمد المشكلة لزمن أكبر، وتؤخر التعافي التام من كورونا.


وبين ان بعض الدول أغلقت لأكثر من 7 أشهر تماما وشهدت الإصابات فيها عددا قليلا، لكنها ما إن أعادت فتح قطاعاتها حتى انتشر فيها الوباء من جديد، لذلك لا أنصح بأي إغلاق على غرار ما فعلت أستراليا مثلا.


وأوضح أبو فرسخ أنه "وبناء على الحقائق السابقة فإنني أرى أن الوضع الوبائي فى الأردن مستقر جدا، لأن عدد حالات الوفيات في المتوسط يبلغ 10، وإدخالات المستشفيات تتراوح بين 70-90 يوميا رغم الانفتاح غير المسبوق والحفلات الكثيرة التي في كثير منها لم تراع الأسباب الاحترازية، مشددا على أن كورونا أصبحت "في أضعف حالاتها حاليا".


وأضاف: "أما حالات الإصابات اليومية فهي في المعدل الآن، أي نحو 1400 حالة يوميا، وهي مفيدة جدا لتثبيت مناعة القطيع على نار هادئة".

بدوره، قال الخبير الوبائي الدكتور عبد الرحمن المعاني لـ"الغد" إن الحالة الوبائية في المملكة كانت في حالة استقرار لغاية الأسبوع 39؛ أما في الأسبوع 40 فقد تغيرت الأمور الى الأسوأ، حيث ارتفعت إلى 7135؛ أما في الأسبوع 41 فأصبحت في ازدياد حيث وصلت إلى 7715 اصابة؛ وفي الأسبوع 42 كان عدد الحالات 9456؛ وفي الأسبوع 43 زادت إلى 10900 حالة يوميا.


وتابع المعاني: "نلاحظ الارتفاع المستمر في أعداد الحالات بفيروس كورونا المستجد منذ الأسبوع الأربعين، بسبب حالات التراخي في تطبيق الإجراءات الوقائية والاحترازية من قبل الحكومة والمواطنين في الوقت ذاته، وعدم احترام الارشادات الصحية والوبائية من قبل الجميع"؛ مشيرا الى ان الكثيرين لا يلتزمون في المولات والشوارع والحياة العامة، والحكومة توافق على إقامة المهرجانات والحفلات الغنائية والتجمعات الكبيرة، وهو ما أدى إلى ارتفاع أعداد الإصابات وازدياد المؤشرات الوبائية".


وأشار إلى ارتفاع نسبة الفحوصات الإيجابية إلى أكثر من 5 بالمائة وكذلك ارتفاع نسبة إشغال أسرة العزل وأسرة العناية الحثيثة في أقاليم المملكة كافة؛ وبالتالي "نحن في وضع وبائي حساس للغاية، ويجب أن نكون حذرين جدا، لأن أغلب المؤشرات الوبائية في حالة ارتفاع؛ ما يوشر إلى أن الاعداد سترتفع في الأسابيع الوبائية المقبلة ويمكن ان تصل أعداد الإصابات إلى أكثر من 3500 في اليوم الواحد".


وقال إن المطلوب من الحكومة "وقف جميع الموافقات على إقامة المهرجانات والحفلات الغنائية مهما كانت وتحت أي ظرف كان؛ والإسراع في الوصول إلى سائر المترددين عن أخذ المطاعيم وبجميع السبل حتى نصل إلى نسبة 70 بالمائة والحصول على المناعة المجتمعية؛ فضلا عن عدم التراخي في تطبيق وتنفيذ الحملة الوطنية للتطعيم في جميع المحافظات والألوية، وتفعيل الحملات الميدانية للتطعيم؛ والعمل على تطبيق وتنفيذ الإجراءات الاحترازية على الجميع".

إقرأ المزيد :