كورونا وحرب النفط والاقتصاد العالمي

أدى تفشي فيروس كورونا الى تداعيات اقتصادية ومالية على الاقتصاد العالمي بشكل دراماتيكي ومن الصعب التكهن بحجمها وبمداها وآثارها المستقبلية سواء أكان ذلك على مستوى الاقتصادات القطرية اوعلى الاقتصاد العالمي الكلي.اضافة اعلان
وانطلقت حرب أسعار النفط بعد فشل منظمة أوبك وحلفائها من الدول المنتجة للنفط خلال اجتماعها الاول خلال اليومين الماضيين بعد انتشار كورونا في اكثر من 90 دولة في العالم حتى الآن.
الأقطاب التي باتت تقود حرب الإنتاج والأسعار للنفط هما اكبر دولتين منتجتين للنفط في العالم، المملكة العربية السعودية وروسيا.
الفشل المعلن في توافق دول أوبك وحلفائها من المنتجين للبترول كان على حجم الإنتاج والأسعار في ظل تراجع الطلب على النفط من قبل الصين اكبر مستورد ومستهلك للنفط في العالم، وذلك بسبب الفيروس الذي تفشى من الصين الى معظم الدول حتى الآن، ولم يعلن بعد عن اي نجاح طبي للقضاء على الفيروس، وقد أحدث ذلك تراجعا حادا في الاقتصاد العالمي وحركة التجارة الدولية والحياة اليومية في العديد من البلدان المصابة بالمرض وادى الى المزيد من التراجعات الاقتصادية وايضا من المتوقع استمرارها في المدى المنظور.
المملكة العربية السعودية تتصدر المشهد بصفتها المؤثر رقم واحد في أسواق النفط العالمية وصاحبة الحصة السوقية الأكبر في سوق النفط، وموقفها تمثل بزيادة الإنتاج وخفض الأسعار، وهذا ما يرضي ويتلائم مع سياسة حليفها التاريخي الولايات المتحدة التي أبدت ارتياحها لسياسة السعودية.
اما روسيا ثاني اكبر منتج للنفط في العالم فموقفها هو الإصرار على خفض الإنتاج والمحافظة على الأسعار ورفعها، وذلك بسبب الحصار الاقتصادي على روسيا من قبل الولايات المتحدة وبعض حلفائها للصراع التاريخي التقليدي على النفوذ والسياسات الدولية بين الولايات المتحدة وروسيا.
اما الصين التي يتجاوز إنتاجها القومي ما يزيد على 14 تريليون دولار والقائم على الإنتاج التكنولوجي والصناعي الأكبر، وهي المستهلك الاول للطاقة والنفط في العالم فإن كورونا ادخل هذا الاقتصاد في حالة من الإرباك والتراجع، ويحتاج الى فترة ليست قصيرة لاستعادة زخمه بعد ان يتم التوصل بنجاح الى مضادات فاعلة للقضاء على الفيروس، وأنه خلال هذه الفترة سيكون هناك تراجع حاد من قبل الصين في الطلب على النفط، الذي من المتوقع ان يستمر بالتراجع الى حدود الـ20 دولارا حسب المؤشرات والدراسات المستقبلية لحركة الاقتصاد الكلي الدولي.
اما بالنسبة للولايات المتحدة فإن تراجع الأسعار سيخدم المستهلك الاميركي ويخدم الحملة الانتخابية للرئيس ترامب في الانتخابات القادمة، الا ان ذلك سيكون له آثار سلبية قوية على تراجع مؤشرات الأسواق المالية الاميركية والعالمية، بسبب الانخفاض الحاد في الإنتاج الصناعي والتجارة الدولية في الحاضر والمستقبل المنظور.
أما الآثار على الدول النامية والصناعية وغير المنتجة للنفط، والاردن جزء من هذه الدول، فإن ذلك يشكل خدمة لانخفاض فاتورة الطاقة والنفط على الحكومة والمستهلك، وسيوفر فائضا ماليا من مخصصات الطاقة على الحكومة الأردنية من المفروض ان تحسن استثمار هذا الفائض المالي لمصلحة المواطن والتنمية الشاملة في الدولة.