"كورونا" يعصف بالنساء.. وخسائرهن تتضاعف بعد توقف مشاريعهن الصغيرة!

Untitled-1
Untitled-1

منى أبوحمور

عمان - مجددا، تعصف جائحة كورونا وتداعياتها بالأسر الأقل حظا، وتجعل أبناءها في مهب الريح، فمع توقف المهرجانات والبازارات والفعاليات التسويقية، واستمرار فرض الحكومة حظر يوم الجمعة حتى نهاية العام، حُرمت العديد من النساء من الاستمرار بمشاريعهن الصغيرة التي لطالما اعتشن منها خلال موسم الزيتون.اضافة اعلان
نساء عديدات، يعلن أسرهن بشكل كامل، وفي المحافظات تحديدا، يعتمدن على مواسم معينة تدر الدخل عليهن، وتساعدهن على تأمين مستلزمات وحاجات أفراد الأسرة، في وقت تزداد فيه الحياة صعوبة بمتطلباتها التي لا تنهي. وتلجأ العديد منهن إلى الاعتماد على الشغل اليدوي، تحديدا بالمنتجات البيتية وتسويقها عبر البازارات، وبيعها بشكل مباشر للزبائن، وهو الأمر الذي أصبح شبه مستحيل، لا سيما مع فرض حظر الجمعة لأوقات طويلة.
وفيروس كورونا، أخذ معه فصول العام، فمنذ شتاء هذا العام مرورا بالصيف الذي شارف على الانتهاء، وعودة فصل الشتاء من جديد، والأسر تعيش "تخبطا" كبيرا، لأن هذه المواسم كانت تدر الدخل عليها، خصوصا لمن يعتمد على الصنع المنزلي والبيع بشكل مباشر، وليس من لديه وظيفة ثابتة.
ليس الحظر وحده من بدد أحلام أسر مستورة كانت تنتظر موسم الزيتون بفارغ الصبر لتأمين احتياجاتها المنزلية وتسديد التزاماتها، بل طالت أيضا البازارات والمهرجانات التي كانت تقام في مثل هذا الوقت من كل عام بسبب الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة للتصدي لانتشار جائحة كورونا.
غياب مهرجان الزيتون لهذا العام بسبب الوضع الوبائي الذي يمر به الأردن، لم يمكن العديد من النساء اللواتي يجدن من هذا المهرجان ملاذا لهن ومنصة تسويقية تمكنهن من بيع منتجاتهن واستيفاء متطلباتهن المادية، ما يجعلهن وأسرهن في مهب الريح.
الناشطة في شؤون المرأة والمتخصصة في دعم منتجات المرأة المحلية ثائرة عربيات، تقول لـ"الغد": "الموت حالف منتجات المرأة المحلية هذا العام بسبب جائحة كورونا"، عازية ذلك إلى توقف المعارض والبازارات والمهرجانات، كمهرجان الزيتون وسوق جارا، باعتباها منصة تسويقية مهمة للسيدات، ما أدى إلى خسارتهن وتكدس بضائعهن.
وتشير عربيات إلى أن 70 % من منتجات السيدات المحلية كانت تباع في مهرجان الزيتون، ما يترتب على إيقافه خسارة كبيرة لهن وتكدس البضاعة وعدم القدرة على بيعها، في ظل عدم وجود منصة حكومية لمساندة هؤلاء النساء ومساعدتهن على الترويج لبضائعهن.
وتلفت عربيات إلى أن المنتجات الغذئية هي الأكثر تضررا بسبب غياب البازارات والمهرجانات؛ إذ إن العديد من الناس اعتادوا على ارتياد هذه التجمعات لشراء المنتجات الأردنية المحلية من النساء بحثا عن منتج جيد تفوق جودته ما يباع بالأسواق أحيانا.
شعور عربيات بالمسؤولية تجاه هؤلاء النساء، دفعها للترويج لمنتجاتهن عبر صفحاتها الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رغبة منها في الوقوف إلى جانبهن ودعمهن وتمكينهن من تأمين بعض التزاماتهن المادية.
وتشدد عربيات على دور الحكومة في إيجاد بدائل تسويقية للسيدات لتمكينهن من تسويق منتجاتهن وتعويض الأضرار التي لحقت بهن بسبب جائحة كورونا، وإقامة معارض تسويقية صغيرة ضمن ضوابط وشروط وإجراءات احترازية تكفل عدم انتشار الوباء والإصابة بالعدوى.
وتستهجن عدم اهتمام الجهات المعنية من مؤسسات حكومية ومجتمع مدني بالأضرار التي لحقت بالنساء وتزيد عليهن صعوبات الحياة.
أم أحمد واحدة من هؤلاء النساء؛ إذ تسببت جائحة كورونا بجعلها "غارمة"، بعد أن أصبحت غير قادرة على دفع أقساط قرضها الممول لمشروعها المنزلي للزيت والزيتون والمخللات.
وتوضح أم أحمد أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي ترتبت على أسرتها منذ بدء جائحة كورونا، أثرت على دخلها في الصيف والشتاء بسبب توقف البازارات والمعارض.
ليس ذلك فحسب، فقد كان غياب خدمة التوصيل في منزل أم رعد وعدم درايتها الكافية بالتسويق الإلكتروني، من الأسباب الإضافية لتكدس منتجاتها في المنزل وعدم القدرة على بيع الزيت والزيتون والمخللات والمكدوس التي اعتاد زبائنها على شرائها، ما أجبرها على تأجيل تسجيل ابنها في الجامعة لهذا العام.
تبعات كورونا منذ بدء الجائحة تعصف بالأسر الضعيفة والأقل دخلا، لتجد نفسها في نهاية المطاف متعثرة في السداد وغير قادرة على تأمين احتياجاتها.
ومن جهته، يشير اختصاصي علم الاجتماع الاقتصادي حسام عايش، إلى أن الأضرار الناتجة عن كورونا أثرت بحياة الكثير من الأسر، وساعد على ذلك حالات الإغلاق التي رافقت جائحة كورونا وتأثيرها المباشر على معيشتها وقدرتها على التكيف، خصوصا وأنها عائدة على عائلات محتاجة.
ويكمن تأثر هذه الفئة بشكل كبير، بحسب عايش، بالاعتماد على البيع المباشر للمواطنين وهي تستغل المواسم والمناسبات لكي تقيم مشروعها وتنجزه، وتبيع منتجاتها وتحصل على الدخل، لذلك فإن حالات الإغلاق ومنها يوم الجمعة تعد "كارثة حقيقية" باعتبارها متنفسا لهذه الأسر لبيع منتجاتها.
غياب المشاركة في البازارات، بحسب عايش، يحول دون تمكن المرأة من بيع منتجاتها، فالإغلاق بالنسبة لها يعني إغلاق نافذة الحياة التي تعتمد عليها، وهذا يسبب معاناة أسر وأفراد وعائلات أخرى لأسباب مختلفة لكنها تجتمع جميعها على الإغلاق.
ويؤثر الإغلاق، بحسب عايش، على قدرة المرأة في استدامة حياتها، ما يؤثر على دخلها، وبالتالي قدرتها على التعايش من جهة أو التكيف مع الأوضاع الناشئة عن كورونا من جهة أخرى، فالحقيقة أنه لابد أن يكون هنالك مؤسسة أو جهة متطوعة تدرس هذه الحالات والأسر التي تعتمد على أيام بعينها، وبالذات يوم الجمعة الذي يستفاد منه في تسويق المنتجات، والتواصل مع العائلات ومن ثم شراء المنتجات وبيعها بعد ذلك، لكي تستطيع الوفاء بالتزامات الأفراد.
في جميع الأحوال، على المجتمع أن يجد حلولا للمشكلات، وآن الأوان لإعطاء الجهات المتخصصة، العائلات، كل الاهتمام بالقدر نفسه الذي يُعطى فيه الاهتمام للقضايا الكبرى. فهي رغم أنها قد تكون أصغر، لكن بنتيجتها تؤثر على المواطن بشكل كبير.

جانب من منتجات النساء - (ارشيفية)