كوشنير في المنطقة: من يشتري الوهم؟

مرة جديدة يعود جاريد كوشنير للمنطقة مصحوباً بالإضافة لشريكه في إنجاز ملف التسوية جيبسون غرنبلات بكل من مبعوث الرئيس الأميركي للملف الإيراني براين هوك ونائبة آفي بيركوينز، وهو ما يستدعي الربط بالضرورة بتطورات الأزمة مع إيران. الزيارة التي بدأت الأربعاء للقدس المحتلة وتشمل الأردن ومصر والسعودية والإمارات وقطر هي الإيذان عملياً بالدخول في الشق السياسي من صفقة القرن التي تنوي الولايات المتحدة الاميركية طرحه، كما تشير التسريبات في مؤتمر دولي يعقد في كامب ديفيد يُدعى له العرب المعنيون بالصراع في الشرق الأوسط يسبقه لقاء تمهيدي في واشنطن تعرض فيه الخطوط الرئيسة لمشروع الرئيس ترامب. الأفكار الأساسية هي التي عمل على إنجازها الثلاثي؛ صهر الرئيس جاريد كوشنير ومستشاره جبسون غرنبلات وديفيد فريدمان السفير الأميركي في إسرائيل بعدما طرح الشق الاقتصادي في أواخر شهر حزيران في البحرين دون وجود أي مؤشرات حقيقية على نجاحه، بالرغم من أن جزءاً من الزيارة قد يتضمن مقترح انشاء صندوق بقيمة خمسين مليار دولار للتنمية وجذب الاستثمارات في الضفة الغربية وقطاع غزة. يتردد أن صهر الرئيس وعراب الصفقة يحمل بطاقات الدعوة للمؤتمر الذي يرجح أن يعقد قبل الانتخابات الإسرائيلية في أيلول والتي تعتبر مصيرية بالنسبة لمستقبل نتنياهو السياسي، ومجرد نجاح الإدارة الاميركية في إنجاز انعقاد المؤتمر وبحضور عربي حتى في ظل غياب السلطة الوطنية الفلسطينية هو في المحصلة دعم لنتنياهو أمام خصومه في الانتخابات، خصوصا تحالف أزرق أبيض وقد يدفع هذا التحالف لقبول فكرة الدخول في حكومة ائتلافية مع نتنياهو لاحقاً وهو ما تسعى له الإدارة الاميركية لأنه بخلاف وجود صيغة حكومة ائتلافية يصعب تمرير الصفقة، خصوصا في ظل مخاطر المحاكمة والفضائح التي يواجهها بنيامين نتنياهو والتي قد تلقي به في السجن او خارج الحياة السياسية. من الواضح أن كوشنير يريد أن يؤكد مرة أخرى وبوضوح أن تجربة حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي لم تنجح، ما يتطلب من العرب والفلسطينيين التخلي عن هذا السياق وخصوصا المبادرة العربية للتسوية التي أعلنت في قمة بيروت العام 2002، وضرورة تجربة ما يصفه بالأفكار الخلاقة "خارج الصندوق" وقوامها البدء من الأسفل إلى الأعلى بحيث يمكن حسب تصوره تحسين حياة الفلسطينيين وجعل تلك المناطق قابلة للاستثمار وهو بذلك يريد أن ينجز سلاماً اقتصادياً دون سيادة وطنية للفلسطينيين وحلاً للمعضلة الإسرائيلية الدائمة وهي توفير الأمن دون أن تقدم تنازلات وتتخلص من اللاجئين بتوطينهم في بلدان اللجوء على أن تتكفل بعض الدول العربية بتمويل ذلك مقابل تحجيم المخاطر الإيرانية عليها. على كل حال بمعزل عن مآلات زيارة كوشنير وهل ستُفضي إلى ما أفضت اليه سابقاتها فإن فرص نجاح الصفقة ما تزال غامضة، رغم تسريبات بأن هناك قبولا رسميا عربيا خلافا لما هو معلن وقد يكون هذا جزءا من حملة التضليل الإسرائيلية التي تسعى لتكريسها مستغلة حالة العجز وتبدل الأولويات عربياً، وأي مشروع تسوية لا يضمن عناصر أساسية أهمها حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني بدولة عاصمتها القدس الشرقية وتفكيك المستوطنات وحق العودة للاجئين الفلسطينيين لن يكون مصيره أفضل مما طرح سابقاً ولن يستطيع كوشنير مهما بلغت حالة الضعف العربي والانقسام الفلسطيني أن يسوق الوهم على أحد.اضافة اعلان