"كوكتيل سموم" يخترق صحة الإنسان وبيئته.. والتوعية طوق النجاة

حنان الكسواني عمان - "التدخين يسمم كوكبنا".. عنوان لرسالة مهمة موجهة للحكومات وراسمي السياسات تبنتها منظمة الصحة العالمية هذا العام، بمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن تعاطي التبغ الذي يصادف اليوم 31 /5، وتشدد من خلالها على "تعزيز التشريعات وتحميل المنتجين المسؤولية عن التكاليف البيئية والاقتصادية المتكبّدة عن نفايات منتجات التبغ وتدمير صحة الإنسان والتلوث البيئي". ولم تكتف المنظمة الأممية بذلك، بل أضافت "هاشتاغ" جريئا ضمن حملة إعلامية عالمية تحت عنوان "فلنفضح _التبغ"، والتي تركز على كشف الجهود التي تبذلها دوائر صناعة التبغ من أجل "تبييض" سمعتها وتسويق منتجاتها، بوصفها مراعية للبيئة. كما تسهم دوائر صناعة التبغ في تغيّر المناخ، وتحدّ من القدرة على التكيّف مع تغيّره، وتتسبّب في إهدار الموارد وإلحاق الضرر بالنظم الإيكولوجية، لأنها تسهم سنوياً في انبعاثات غازات الدفيئة، بحسب المنظمة التي اشارت، عبر موقعها الالكتروني الرسمي إلى أن "للتبغ آثارا متفاوتة للغاية على مختلف الفئات الاجتماعية والاقتصادية بسبب تركيز نسبة 90 % تقريباً من إجمالي أنشطة إنتاجه في العالم النامي." وتحقيقا لحماية البيئة جاءت فكرة اليوم العالمي لمكافحة التدخين، باعتبارها تمثل فرصة حقيقية يستغلها المدخن للإقلاع عن التدخين حفاظا على صحته ومجتمعه وبيئته، بحسب أمين سر جمعية "لا للتدخين"، الدكتورة لاريسا الور، التي أكدت لـ"الغد" أن هذه الحملة العالمية تسعى إلى زيادة وعي الجمهور بأثر التبغ على البيئة، بدءاً بزراعته وإنتاجه وتوزيعه وانتهاءً بنفاياته، وستمنح الحملة متعاطي التبغ سبباً آخر للإقلاع عن التدخين. وتعتبر الور أن أعقاب السجائر هي "أكبر ملوث عالمي وخطير على صحة المواطن والبيئة"، مستندة الى عدة تقارير دولية صحية وبيئية برهنت أن أعقاب السجائر تتسبب برفع منسوب التلوث البيئي، وأن عادة رميها في المحيط البيئي فوق التربة أو في مجاري الصرف الصحي، تشكل خطرا على البيئة. وأشارت إلى أن السجائر بمختلف أنواعها تعتبر "مزيجا من السموم" تؤثر على الانسان والبيئة والثروة الحيوانية والزراعية وتلوث المياه الجوفية. وتنعكس خطورة هذه المشكلة البيئية على الدول التي ترتفع فيها نسب التدخين بين مواطنيها، حيث أكدت الور لـ"الغد"، بالاستناد الى الدراسات العلمية، أن "تأثيرات التبغ لا تقتصر على الصحة فقط، بل على البيئة، وذلك عبر رمي أعقاب السجائر، أو ما تسببه من انبعاثات عنها، لا سيما أن مادة النيكوتين تتميز بارتفاع درجة سميتها". وطالبت الحكومة برفع الضرائب على منتجي السجائر، وأن تشدد العقوبات على بيع السجائر بخاصة للمراهقين والأطفال، وأن تمنع التدخين في الشوارع باستثناء الأماكن المخصصة لذلك، أسوة بالتجربة اليابانية الناجحة للحد من مخاطر التدخين. ورغم أن زراعة التبغ متوقفة في الأردن منذ سنوات لإضرارها بالتربة واستهلاكها للمياه، اقترح رئيس جمعية التنمية للإنسان والبيئة الأردنية الدكتور أحمد الشريدة تشديد المراقبة على زراعة التبغ في الأراضي الحمراء بطرق غير مشروعة، لما لها من تأثير كبير في قتل البكتيريا النافعة في التربة، بالإضافة الى انها تمتص المواد الضرورية في الأرض مثل الماغنيسيوم والبوتاسيوم والحديد. يشار الى أن الأجهزة المختصة في دائرة الجمارك ضبطت العام الماضي مزرعة تبغ في الرامة تقدر مساحتها بأكثر من 200 دونم، إضافة إلى ضبط 70 طنا من مستلزمات انتاج السجائر في موقع بمنطقة سحاب. وأوضح الشريدة، الباحث في مجال حماية البيئة وصون الطبيعة والتنمية المستدامة، أن التكلفة الاقتصادية لتعاطي التبغ ضخمة، وتشمل تكاليف الرعاية الصحية الباهظة الناجمة عن معالجة الأمراض التي يسبِّبها تعاطي التبغ، فضلاً عن فقدان رأس المال البشري نتيجة الوفيات والأمراض التي تعزى لأسباب تتعلق بالتبغ. عالميا، تتسبّب زراعة التبغ بتدمير قرابة 3,5 مليون هكتار من الأراضي الزراعية سنوياً، وتسهم في إزالة الغابات، وخصوصاً في البلدان النامية، وفق الشريدة الذي أشار الى أن إزالة الغابات تؤدي لزيادة تدهور التربة وانخفاض العائدات الزراعية وتقويض قدرة الأراضي على دعم نمو أي محاصيل أو نباتات أخرى فيها. ويعيش ما يزيد على 80 % من المدخّنين البالغ عددهم 1,3 مليار شخص على الصعيد العالمي في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، حيث يبلغ عبء الاعتلالات والوفيات الناجمة عن التبغ ذروته. ويسهم تعاطي التبغ في زيادة رقعة الفقر، إذ يحرف إنفاق الأسر المعيشية عن احتياجات أساسية مثل الطعام والمأوى، وفق ما اشارت إليه منظمة الصحة العالمية. بدوره، أشار استشاري الأمراض الصدرية والتنفسية والعناية الحثيثة، الدكتور محمد حسن الطراونة إلى مصطلح طبي جديد يتم تداوله حول العالم يُدعى أمراض الرئة المرتبطة بالتدخين الالكتروني، مبينا ان هذا المسمى نشرته منظمة الصحة العالمية في تقريرها السنوي عن وباء التبغ العالمي، بعد ان اكتشف أطباء الامراض الصدرية والتنفسية ارتفاع معدلات الالتهابات بالحويصلات الرئوية جراء هذا النوع من التدخين. أما بالنسبة الى تدخين السجائر الالكترونية بعد عملية التسخين واحتراق الأدخنة المتصاعدة، فيؤدي إلى الاضرار بالخلايا المناعية داخل الرئة، بحسب الطراونة الذي أشار الى أن الغازات والأبخرة المتطايرة من هذه السجائر نتيجة عملية الاحتراق تؤدي إلى الإضرار بالرئة والجهاز التنفسي والقلب. محليا، لاحظ الطراونة ان المراجعين الذين انتقلوا إلى تدخين التبغ الإلكتروني كان لديهم أيضا تهيج في القصبات وضيق في التنفس وبخاصة النساء والمراهقات، اذ بات يعتبر التدخين الالكتروني والأراجيل بأنواعها مقبولا اجتماعيا. وأشار الى وجود مصطلح جديد في عالم التدخين هو "التدخين الثلاثي"، حيث وجدت الدراسات العلمية الأجنبية تأثيرا سلبيا على صحة الافراد بسبب بقاء الروائح المنبثقة عن التبغ ومنتجاته في البيئة، سواء الخارجية او داخل المنازل. وتتسبب السجائر بمختلف أنواعها بقتل نصف متعاطيها تقريبا، أي أكثر من 8 ملايين نسمة سنويا، بينهم نحو7 ملايين يتعاطونها مباشرة، ونحو 2ر1 مليون من غير المدخنين يتعرضون لدخانها قسرا" وفق الطراونة.

إقرأ المزيد : 

اضافة اعلان