"كوني بخير".. أمنيات لأمهات وقفن سدًّا منيعا لحماية أسرهن من آثار الجائحة

Untitled-1
Untitled-1
منى أبوحمور عمان-لم يكن "عام كورونا" سهلا على الأمهات، وإنما كان صعبا ومتعبا وضاعف حجم المسؤوليات والضغوطات النفسية والأعباء عليهن. غير أن كل أم أثبت صلابتها وقوتها في وجه العواصف، فكانت الحارس الأمين لعائلتها. كورونا جاءت لتضاعف أعباء الأمهات، لتجسد جميع الأدوار؛ ممرضة ومعلمة وطبيبة ومعالجة نفسية لأسرتها وأبنائها الذين عانوا أزمات ومخاوف جراء جائحة تركت ندوبا مؤلمة في معظم البيوت. الأم التي يظهر دائما معدنها الأصيل ورجاحة عقلها وصلابتها في أوقات الشدة، إذ تمكنت بقلبها الحنون أن تحتوي أبناءها صغارا وكبارا، سهرت ليالي مضاعفة حينما ثبت اصابة أحدهم، ونذرت نفسها لمواجهة هذا الفيروس اللعين، خشية أن يصيب عائلتها. كان عام الأمهات مليئا بالاجراءات الاحترازية وسبل الوقاية، والبحث عن أصناف الأطعمة التي ترفع مناعة أسرهن، ممزوجا بالخوف من أن يباغت الفيروس أحدهم، وفي الصباح كانت المعلمة التي تتابع دروس أبنائها وهي في الوقت ذاته تفكر بطبق الغداء والبحث في الإنترنت عن طرق جديدة لمكافحة الوباء، وكذلك القيام بمهامها الوظيفية على أفضل حال رغم حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقها. لم تسعف الـ24 ساعه في اليوم الأمهات خلال عام كورونا، لإنهاء كل ما ينوين القيام به، فالجائحة زادت من أعبائهن ومخاوفهن أيضا. "كوني بخير".. أمنية من الأبناء موجهة للأمهات، وسط إجراءات احترازية، وخوف وحذر حتى لا يكونون السبب بنقل العدوى لهن، إنما يكونون الأمان والحماية. ويأتي يوم الأم للعام الثاني على التوالي على غير العادة، فقد اعتاد الكثيرون الاحتفال بهذا اليوم الاستثنائي، وفق المتخصص بعلم الاجتماع الأسري مفيد سرحان، والتجمع في بيت الوالدة، حاملين الهدايا الرمزية التي يعبرون فيها عن تقديرهم لدورها، وهم يدركون أنهم لن يستطيعوا الايفاء بجزء من حقها عليهم. الأبناء الصغار، اعتادوا على التوفير من مصروفهم اليومي، لشراء هدية ولو بسيطة في هذه المناسبة، لكن في هذا العام تأتي المناسبة في ظروف مختلفة، حيث استمرار انتشار وباء كورونا، لكن ذلك لن يمنعهم من التفكير بتقديم تذكار ولو كان بسيطا هدية لها في عيدها. اعتادت الأم في الظروف العادية أن تقوم بأدوار كثيرة، وفي ظل الوباء تضاعفت أدوارها، وتحملت مسؤوليات كبيرة فرضتها الجائحة، وفق سرحان، الذي يبين أن غريزة الأمومة تجعل منها أكثر حرصاً على أبنائها من نفسها، فهي دائمة التوجيه لهم بالالتزام بالإجراءات الوقائية، وأن يلتزموا المنزل بالرغم مما يسببه ذلك من أعباء إضافية. إلى ذلك، عملت الأمهات على تثقيف أنفسهن صحيا في ظل الوباء، وبعد ان كانت غالبيتهن يقمن بمتابعة دراسة الأبناء والإشراف على القيام بواجباتهم المدرسية في الظروف العادية، تحولت الأم إلى معلمة بسبب التحول إلى التعلم عن بعد، فهي تذكر الأبناء بمواعيد الدروس وتشرح لهم، وتتعاون مع صديقاتها في هذه المهمة الصعبة، حيث ان غالبية المواد الدراسية بحاجة إلى التخصص، عدا عن القدرة على إيصال المعلومة، وفق سرحان. وتزداد الأعباء بحسب سرحان، إذا كانت الأم عاملة مما يحتاج لقدر كبير من الجهد والمتابعة والصبر، فسواء كان عمل الأم عن بعد أو في موقع العمل فإنها بحاجة إلى تحمل مسؤوليات مضاعفة. ولعل معاناة الأمهات العاملات في القطاع الصحي كانت أكبر، وهن في قلق دائم ليس على صحتهن فقط بل خوفاً من نقل الوباء إلى الأسرة والأبناء، إضافة إلى حاجة المهنة الطبية في هذه الظروف للعمل لفترة اطول، وما لذلك من آثار نفسية سلبية على الأم والعائلة عموماً، فالتضحية لديها في أعلى درجاتها عندما تقدم الأم مصلحة المجتمع وصحته على كل شيء. ويشير لبمختص بعلم النفس التربوي الدكتور موسى مطارنة إلى أن أدوار الأم كبيرة وعظيمة سواء في المنزل أو بالرعاية التي تقدمها والعاطفة والاهتمام، إذ لطالما تحملت المشاق الكبيرة، لذا لابد من أن يكون للأبناء والزوج دور في مساندتها، خصوصا مع الأعباء التي تفرضها عليها جائحة كورونا. ولأن الأم مستودع الحب والعاطفة والتضحية، فهي لا تنتظر سوى المحبة والامتنان من أفراد أسرتها وشعورهم بوجودها وتضحياتها والتقدير والإهتمام لكل أدوارها التي تقوم بها. ووفق مطارنة، فإن تنمية الجانب المعنوي والنفسي لدى الأمهات مهم جدا في هذه الأوقات الصعبة وبكل وقت، لافتا إلى ضرورة وجود زوجها إلى جانبها وأبنائها ومساندتها وتخفيف الأعباء عنها، وتشجيعها على الاهتمام بنفسها وتقاسم الأدوار معها في كل الأشياء. ويعود سرحان ليؤكد بأن الظروف الاقتصادية الصعبة وتدني الدخل وتوقف بعضهم كلياً عن العمل، زادت الأعباء المادية، ودفعت الكثيرين إلى الترشيد الكبير للنفقات، والأم أصبحت هي المسؤولة في أغلب الأسر عن إدارة ما توفر من ميزانيته. ربما أخطر ما تتعرض له الأمهات في هذه الظروف، وفق قوله، هو تأثر الصحة النفسية والقلق الدائم، وهذا يؤثر على القدرة على مواجهة الوباء ودرجة المناعة، مما يستوجب تنظيم برامج دائمة لرفع المعنويات والحد من الآثار النفسية، وهي مسؤولية الجهات الرسمية والمؤسسات الأهلية ووسائل الإعلام. في هذا اليوم، يستوجب على جميع أفراد الأسرة، التخفيف من الأعباء التي تقع على عاتق الأم، ومساعدتها في إدارة شؤون المنزل، ومتطلبات الدراسة والمتابعة، والخروج من الروتين اليومي قدر الإمكان، ضمن الالتزام بالاشتراطات الصحية، كممارسة رياضة المشي أو النزهة القصيرة، أو الحوار الهادف والترفيه داخل الأسرة، وفق سرحان. ويلفت سرحان، الى أن أكبر هدية يقدمها الأبناء هذا العام، هو الالتزام بالإجراءات الوقائية، والحرص على عدم نقل الوباء للأسرة، والمثابرة على الدراسة بالاعتماد على النفس قدر الإمكان، والتعاون مع الإخوة الكبار. وبهذه الظروف، ينبغي على الزوج مضاعفة جهوده داخل الأسرة، فالظرف الطارئ بحاجة إلى التعاون والتكافل والتكامل في الأدوار، لأن في سلامة الأم سلامة للأسرة والمجتمع. ويشدد سرحان على أن لا تكون مناسبة عيد الأم، سبباً لزيادة اعداد المصابين، لذا وجب الابتعاد عن التجمعات الكبيرة حتى لأفراد الأسرة الواحدة، فزيارة الأم يمكن أن تكون بشكل فردي، دون اجتماع الجميع وعائلاتهم، فهدية هذا العام هي الالتزام لحمايتها. ويؤكد مطارنة أنه في عيدها، ينبغي الاحتفال بها، وإن كان ذلك بمشاركتها بالاحتفال عبر الهاتف وارسال هدية، واشعارها بالحب والامتنان، والوجود برفقتها، مع مراعاة اجراءات السلامة العامة. كذلك، أن يأخذ الأزواج والأبناء أدوارا عملية وفعلية داخل المنزل وإشعار الأم بأنهم دائما إلى جانبها"، فلايتركونها في المرض ولا في الحزن وحتى في أهم لحظات حياتها، حتى لا تشعر أنها دفعت أيام عمرها هباء.اضافة اعلان