كيف أُضعفت البلديات؟

هذه الأيام، يستعيد الخطاب الرسمي دور البلديات ومكانتها الديمقراطية والتنموية والتاريخية، وذلك في لُجة الأسبوع الأخير الذي سبق الانتخابات التي تُجرى غداً، مع تزايد الإشارات إلى ضعف المشاركة الانتخابية.اضافة اعلان
إذ نكتشف الآن أن رؤساء البلديات هم من صاغوا وثيقة الاستقلال الأولى العام 1946، وأن البلديات كانت فيما كانت، في زمن سابق، حكومات محلية بالفعل، لها أدوار سياسية على الأرض، وكانت مسؤولة عن كل شيء في المدن والبلدات؛ من المياه والكهرباء، وصولاً إلى الأمن ومراقبة الأسعار. كما كانت البلديات تتخذ مواقف سياسية في القضايا المحلية والقومية وحتى الدولية. ولا تنتهي هذه القائمة بأنه لا يمكن تجذير الإصلاح الديمقراطي بدون ديمقراطية محلية عميقة، تمثلها البلديات.
لقد مرت البلديات، بما فيها "أمانة عمان"، بسلسلة من عمليات التهشيم والتقزيم، لصالح نمط من المركزية القصيرة النظر، والفقيرة المعرفة؛ إذ تمت عمليات إعادة هيكلة قانونية للبلديات على مدى ثلاثة عقود، أفرغتها (أي البلديات) من مضمونها الاجتماعي والتنموي، وسحبت صلاحياتها واختصاصها؛ فيما زُجّ بها في سياسات أبعدتها عن فكرة الحكم المحلي، نتيجة تغلغل المنظور الأمني وهيمنته على البعد التنموي. وهكذا، شهدت البلديات أجيالا من القيادات الضعيفة، في غالبيتها، أضافت المزيد من الإضعاف، وحملتها بالديون.
نذهب غدا للانتخابات في أضعف حال، نتيجة الإصرار على قانون بلديات تجاوزته الدولة كما المجتمع، ولا يتفق مع خطابهما الإصلاحي، إضافة إلى الاسترخاء في تقديم هذه الانتخابات والتهيئة لها.
ولكن علينا أن نتذكر أننا نُجري انتخابات محلية وسط منطقة مشتعلة، لا يأمن الإنسان في بعض مدنها ودولها حتى السير في الشوارع. كذلك، فقد شهدنا في الأسبوع الأخير محاولة رسمية لإنقاذ الانتخابات البلدية. ولعل أهم ما جاء به التعديل الحكومي الأخير هو تسلم المهندس وليد المصري وزارة البلديات، مع حلول موعد إجراء الانتخابات؛ وهو خبير معروف بالعمل البلدي، إلى جانب خبرته في السياسة المحلية، والتزامه الديمقراطي. وقد انعكس ذلك في التعديلات المهمة التي أدخلت على تعليمات إجراء العملية الانتخابية للبلديات.

[email protected]