كيف تؤثر إزالة الألغام على نسب النمو؟

فرح عطيات

عمان - كشفت دراسة متخصصة عن أن "إزالة الألغام من مناطق الحدود الشمالية، ووادي الأردن، ومحافظة العقبة، أدت الى استغلال الموارد الطبيعية بشكل أكبر، ورفع نسب النمو الاقتصادي المستدام، فضلًا عن أنها أسهمت بالحفاظ على التنوع البيولوجي".

اضافة اعلان


وقالت الدراسة، التي أعدها مركز جنيف الدولي لأنشطة إزالة الألغام للأغراض الإنسانية، مؤخرًا، وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والهيئة الوطنية لإزالة الألغام وإعادة التأهيل، "إن إزالة الألغام من المناطق الحدودية في منطقة العقبة أتاحت المجال أمام استخدام الأراضي لتطوير مشاريع سياحية وبنية تحتية مختلفة ومستدامة".

المؤتمر العالمي لمساعدة ضحايا الألغام يبداً أعماله في عمان

وأشارت مخرجات الدراسة، التي تعد الأولى من نوعها في الأردن، وحملت عنوان "نتائج التنمية المستدامة للأعمال المتعلقة بالألغام في الأردن"، إلى أن "العديد من الأراضي في وادي الأردن، والتي جرى العمل على إزالة الألغام منها تحولت الى زراعية، استفاد منها أبناء المجتمع المحلي، بحيث خلقت فرص عمل متعددة".

وقال مدير برنامج البيئة والتغير المناخي في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الدكتور نضال العوران "إن فكرة الدراسة تنطلق من ربط أثر إزالة الإلغام على التنمية المستدامة الممثلة بأهدافها الـ17، بالاستناد إلى نماذج لمناطق ثلاث".


وضرب العوران "مثلاً على الربط في محافظة العقبة، هنالك منطقة واحة أيلة الملاصقة للحدود، والتي تم فيها إزالة عدد كبير من الألغام خلال الأعوام العشرين الماضية، لإتاحة المجال أمام إقامة مشروع سياحي اقتصادي، وخلق فرص عمل، والتشجيع على إدماج المرأة في مثل هذه المشاريع".

"وهذه الخطوة طبقت في منطقة وادي الأردن، فبعد إزالة الإلغام من المنطقة الحدودية فيها، استطاع المزارعون استغلال المزيد من الأراضي وزراعتها، وإنشاء الآبار المائية كذلك"، تبعا للعوران.


وأظهرت نتائج الدراسة، التي حصلت "الغد" على نسخة منها، أنه "يمكن للمجتمع الدولي، وأصحاب المصلحة الرئيسيين، من زيادة اتساق السياسات الشاملة، والتخطيط القائم على الأدلة عبر دمج أنشطة الأعمال المتعلقة بالألغام في الجهود الوطنية لأهداف التنمية المستدامة وتعزيزها، والمضي فيها قدماً".


وبينت النتائج الرئيسية للدراسة "أن قطاع الأعمال المتعلقة بالألغام أسهم بشكل واضح في تعزيز الأبعاد الخمسة لخطة التنمية المستدامة للعام 2030، والمتعلقة بــ: الشراكة، والسلام والناس، وكوكب الأرض والازدهار".


وبعد ثمانية أعوام من إعلان استكمال التزامات الأردن بموجب المادة 5 من اتفاقية حظر استعمال، أو تخزين، أو إنتاج، أو نقل الألغام المضادة للأشخاص، تحلل الدراسة تأثير الإزالة التي تم إجراؤها في المناطق الثلاث المتأثرة بشكل أساسي، والمتركزة في الحدود الشمالية مع سورية، ووادي الأردن، والعقبة.


وفي الحدود الشمالية، أسهمت خطوة إزالة الألغام في تسهل التنقل الآمن للأشخاص، والهجرة بشكل منظم ومسؤول، والذي يعزز من الهدف العاشر المتعلق في الحد من أوجه عدم المساواة.


ولفتت الدراسة الى أن "الوصول إلى الموارد الطبيعية عبر إزالة الألغام وإقامة سد الوحدة أسهم في توفير مياه شرب مأمونة، ونظيفة وصحية، وميسورة التكلفة، وزيادة كفاءة استخدام الموارد المائية".

وفيما يتعلق بالسياحة المستدامة المرتبطة بالحفاظ على البيئة لهذه المنطقة، فإنه جرى استعادة النظم الإيكولوجية ذات الصلة بالمياه في منطقة النهر، ومع ذلك قد تعيق الحرب الأهلية السورية المساهمة في تحقيق الهدف الثامن ذي العلاقة بالعمل اللائق ونمو الاقتصاد.


ولا يقتصر الأمر على ذلك، فقد أدى التخلص من الألغام الى توسيع نطاق ذلك، فقد أدى التخلص من الألغام الى الوصول إلى الحقول الصالحة للزراعة على طول منطقة الحدود الشمالية، لتزيد من أنشطة الرعي، والإنتاجية الزراعية، ومعالجة الفقر المدقع، والحصول على الموارد، بما في ذلك الأراضي.


كما سمح الإفراج عن الأراضي بإنشاء منطقة تجارة حرة، والتي عززت من الاستثمارات في البنية التحتية، وخلق فرص العمل، وزيادة نمو دخل الفرد، والإنتاجية الاقتصادية من خلال الابتكار، وفقا لما جاء في الدراسة.


"أما في وادي الأردن فقد أدت إزالة الإلغام الى الوصول للموارد الطبيعية، وبشكل أخص التربة الغنية بالبوتاسيوم، وإنشاء شركة البوتاس العربية، وتحقيق الهدف التاسع المتمحور في الصناعة، والابتكار والهياكل الأساسية"، كما ورد في الدراسة.


وتعد منطقة وادي الأردن بمثابة "سلة الخبز" الوطنية؛ حيث تحتوي على معظم الأراضي الصالحة للزراعة في البلاد، اذ أسهمت الإجراءات المتعلقة بالألغام في الهدف المتعلق بالقضاء على الفقر، وضمان الوصول إلى الموارد الاقتصادية، بما في ذلك الأراضي.


وجاء في الدراسة "أن تطوير المشاريع الزراعية الجديدة، ودعم صغار المزارعين أدى إلى تعزيز العمل اللائق والنمو الاقتصادي، وتحقيق الغاية بشأن ضمان الحفظ والاستعادة، والاستخدام المستدام للنظم الإيكولوجية، واستعادة تربة الأراضي المتدهورة المتأثرة بالتصحر والجفاف".


وحول النمو الاقتصادي المستدام في المنطقة، فإن التخلص من الألغام كان له دور في الإنتاجية الاقتصادية، من خلال التحديث التكنولوجي والتنويع، والاستخدام الفعال للموارد الطبيعية، والحصول على المياه.

كما أسهم في موقع المعمودية (المغطس) في تحقيق السياحة المستدامة، التي تخلق فرص عمل، وتعزيز الجهود المبذولة للحفاظ على التراث الثقافي العالمي.


وفي محافظة العقبة، كان تعزيز النمو الاقتصادي المستدام والتنوع البيولوجي النتائج الأبرز لإزالة الألغام، وفق الدراسة، التي تحلل حالة أيلة، الواقعة في حقل ألغام سابق، والتي أصبحت الآن منطقة تشغلها الفنادق والشقق والمرسى.

وفيما يتعلق بالطاقة النظيفة، عزز المشروع السياحي بشأن الوصول إلى الطاقة المتجددة، والحديثة وكفاءتها، وإضافة إلى ذلك، عززت إزالة الألغام التقدم نحو تطوير أدوات لرصد آثار التنمية المستدامة على السياحة، وحفظ الموارد البحرية.


وتوسعت العقبة باستمرار منذ أن أصبحت منطقة اقتصادية خاصة في العام 2001، وبما أن المناطق الملغومة السابقة كانت متخلفة بشكل رئيس، فقد وفرت الأراضي المفرج عنها مساحة آمنة للتطورات السكنية واسعة النطاق استجابة للنمو السكاني.

وفي شأن مساعدة الضحايا، حددت الدراسة المساهمات المباشرة في 10 من أهداف التنمية المستدامة و21 من الأهداف المرتبطة بها، في حين أن الناجين ما يزالون يواجهون العديد من التحديات المتعلقة بالحصول الكامل على الخدمات الصحية.

فقد أسهمت جهود مساعدة الضحايا بشكل مباشر في وصولهم إلى خدمات الرعاية الصحية الشاملة الأساسية، وزيادة التمويل والتدريب وتوظيف القوى العاملة الصحية.


كما أسهمت مساعدة الضحايا في تعزيز السياسات الموجهة نحو التنمية التي تدعم الأنشطة الإنتاجية والوصول إلى الخدمات المالية، والعمل اللائق للجميع، في وقت تُظهر فيه الدراسة المساهمات المباشرة للتوعية بمخاطر الذخائر المتفجرة والمتوافقة مع 6 أهداف من التنمية المستدامة و12 من الأهداف المرتبطة بها.

وتقدر الهيئة الوطنية لإزالة الألغام أن "برنامج التوعية بمخاطر الألغام قد وصل إلى أكثر من مليون مستفيد، بما في ذلك المواطنون الأردنيون والسوريون، ما يسهم بالحد بشكل كبير من جميع أشكال العنف بطريقة مستدامة".


وبحسب الدراسة، فقد أظهرت الأعمال المتعلقة بالألغام أمثلة ناجحة في تعزيز المشاركة الجوهرية وإدماج المرأة في جهود القطاع في الأردن، والزيادة من تكافؤ فرص العمل.