كيف تؤثر إستراتيجيات التسويق على ميولنا الشرائية؟

الغد- قال ديفيد ب. فيلدمان -في تقرير نشرته مجلة "سايكولوجي توداي" (psychologytoday) الأميركية – إننا نعيش في مجتمع يحرّكه المال. وإذا كنا محظوظين بشكل كافٍ للحصول على وظيفة ثابتة، فإننا نقضي ما معدله 90 ألف ساعة من حياتنا لكسب المال، ثمّ نقضي بقية الوقت في إنفاقه. وذكر الكاتب أن كل ما نقوم به تقريبا يتطلب إنفاق المال، بما في ذلك دفع الإيجار وتوفير الطعام. ووفقا لدراسة نشرت عام 2018، ينفق الأميركي العادي 5400 دولار سنويا على الشراء الاندفاعي، الذي يشمل في أغلبه المواد الغذائية التي لا يحتاجها، مثل المثلجات ورقائق البطاطس. في المقابل، تشمل عمليات الشراء الاندفاعيّة لنسبة كبيرة من الناس اقتناء الأزياء والأدوات المنزلية والأحذية. بالإضافة إلى هذا، فقد ارتفع إجمالي ديون بطاقات الائتمان في أميركا إلى قرابة تريليون دولار (ألف مليار دولار) مما يعني أن الشخص العادي يدين لشركات بطاقات الائتمان بنحو 6 آلاف دولار، مما يجعلنا نتساءل: لماذا نشتري تلك الأشياء؟ يقول الكاتب. خلال هذه الأوقات العصيبة -خاصة مع أزمة فيروس كورونا (كوفيد-19)- أصبحت تلبية الاحتياجات الأساسية أمرا غاية في الأهميّة بالنسبة للعديد من الناس، لكننا في أغلب الأوقات نتخذ قرارات شراء بناء على أسباب أقل منطقية أو غير ضرورية، يضيف الكاتب. إنفاق المال دون وعي يؤكد الكاتب أن التسويق والدعاية من الصناعات المتقدمة التي تقوم على علم النفس، وهي تهدف إلى التأثير علينا لإنفاق الأموال دون وعي. وينقل عن زميله مات جونسون خلال مقابلة على راديو "كيه بي إف آي" (KBFI) قوله ​​"على مدار العشرين أو الثلاثين عاما الماضية، أصبحت طرق المسوّقين لإقناعنا بشراء منتجات وخدمات معينة أكثر تطورا". وحسب جونسون "قد نذهب إلى مطعم فاخر وننفق الكثير من المال، بشكل يفوق أحيانا ميزانيتنا، وذلك للحصول على ما نعتقد أنه أطباق لذيذة. لكن اللذة التي نشعر بها لا تأتي من التفاعل الذي يحصل على مستوى اللسان. إن التفاعل يحدث في الواقع على مستوى الدماغ.. وهو ما يراهن عليه المُسوّق". عوامل تأثير أخرى إلى جانب الجودة، تتأثر خياراتنا الاستهلاكية بعوامل أخرى على غرار الغلاف والاعتراف بالعلامة التجارية. وحسب جونسون فإنه رغم الاعتراف العالمي الذي تحظى به بعض الشركات فإنها لا تتوانى عن إنفاق ملايين الدولارات سنويا على الإعلانات، لأن كل إشهار جديد تشاهده يؤثر في الواقع على خياراتك. وعاد الكاتب ليشير إلى أن العلامة التجارية وطريقة التغليف تبقى جزءا من متعة استهلاك البضاعة، إذ ينشأ شعور بالمتعة عند فتح غلاف العبوة الفاخرة لجهاز آيفون الجديد -على سبيل المثال- ورؤية شعار التفاحة المقضومة على الهاتف. استعادة السيطرة في المقابل، يفضل الكثيرون عدم الوقوع تحت تأثير إستراتيجيات التسويق. وفي هذا الصدد، يقدم كل من جونسون وبرنس غومان، في كتاب لهما عن الطرق الخفية للتسويق، نصائح حول كيفية استعادة بعض السيطرة. يقترح الاثنان أنه من خلال إدراك التأثير الذي يمكن أن يمارسه التسويق علينا، يمكننا اتخاذ خيارات مدروسة وحكيمة. ويتمثل اقتراحهما الأكبر والأبسط في التسوق بوعي من خلال تجنب تأثير العاطفة أو التشتت الذهني أو حتى تأثير الجوع. ويعتقد الكاتب أنه في ظل الضائقة المالية التي تحيط بالكثيرين بسبب جائحة كورونا، فإن أي شيء يساعدنا على اتخاذ قرارات أفضل للاستهلاك وتوفير المال يستحق وزنه ذهباً. (الجزيرة)اضافة اعلان