كيف تؤثر بنا أفلام الرعب؟

بمشاهدة أفلام الرعب.. هل يصبح الدماغ أكثر نشاطا واستجابة؟
بمشاهدة أفلام الرعب.. هل يصبح الدماغ أكثر نشاطا واستجابة؟
إسراء الردايدة– لماذا نحب مشاهدة أفلام الرعب؟ ولماذا الأفلام المخيفة تصيبنا بشعور غريب يرتبط بتدفق للطاقة والإثارة العقلية؟ ففي كل فيلم رعب تتوفر فيه عناصر مختلفة تعزز الشعور بالدهشة والمفاجأة، وغيرها. دراسة علمية حديثة أجراها علماء فنلنديون في جامعة توركو، وجدت أن أفلام الرعب تحفز مناطق في الدماغ، ومرتبطة بغريزة البقاء على قيد الحياة، والتي تؤدي لاستجابات يقظة وسريعة. حيث إن تلك الأفلام مصممة بخبرة، لتعزز تلك الإثارة التي تشبة تدفق الأدرينالين. ومن خلال الإطلاع على أكثر الأفلام رعبا خلال الـ 100 عاما الماضية، نظروا في كيفية تعامل أدمغة الناس معها، ليجدوا أن الدماغ قادر على توقع أمور معينة، ويعد رد فعل للتهديد. وأن أفلام الرعب هذه استغلت هذا لزيادة جرعات الإثارة فيها. وأن أكثر الأعمال رعبا هي أفلام الرعب النفسي التي تقود على أحداث حقيقية.

الدراسة والأفلام

الدراسة التي حملت اسم "الأنظمة العصبية للخوف غير المشروط" ونشرت بمجلة NeuroImage في عدد شهر يناير كانون الثاني، إذ قام باحثون في جامعة توركو في فنلندا برسم خريطة لاستجابة العقل البشري لأفلام الرعب من أجل فهم أفضل لكيفية تعامل الأفلام المخيفة والخوف المصاحب لها مع نشاط المخ. وأول ما قام بها هؤلاء العلماء هو تحديد تلك الأفلام بالاعتماد على تقييمات IMDB ضمت :A Nightmare on Elm Street، Poltergeist, 28 Days Later, Rosemary’s Baby and the 1932 classic Freaks  The Devil’s Backbone، The Waiting، The Conjuring، REC 2، Insidious، The Exorcist، Goodnight Mommy ، A Chinese Ghost Story، The Conjuring 2، Under the Shadow  وغيرها . اضافة اعلان

 ومن ثم اختاروا فيلمين وهما Insidious”  و“The Conjuring 2، وجعلوا المشاركين يتابعونهما باستخدام نظارات واقية خاصة أثناء وجودها داخل جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي، وطلب منهم تقييم خوفهم وفهرسة مخاوف الهلع فيها.

كيف يستجيب الدماغ لمشاهد الرعب؟

أظهر التصوير بالرنين المغناطيسي نشاط دماغيا مرتفعا بعد صدمات "متقلبة" مفاجئة في الأفلام، وسجلت زيادة في نشاط الدماغ خلال لحظات متوترة من "الرهبة"، وتوقع ما سيحدث.

فالعقول تتوقع باستمرار وتعد الجسم لاستجابة تطورية سريعة، لأن الدماغ يتوقع باستمرار العمل استجابة للتهديدات بطريقتين.

حيث يتم تشغيل مناطق الدماغ التي تشارك في الإدراك البصري والسمعي خلال لحظات ثابتة مفاجئة، مما يتيح استجابة تطورية سريعة للتخفيف من الخطر.

وتم تحديد تلك المناطق النشطة التي يتعزز نشاطها خلال استشعار مشاهد خطر وشيكة مع ازدياد الشعور بالقلق ببطء، وهو ما وضع الدماغ في حالة من "اليقظة المستمرة".

وجاء أكبر رد لما استشعروه من خوف لم يروه. وإنما كان خفيا في حالة ترقب، وعلل ذلك الدكتور ماثيو هدسون، وهو طبيب نفساني في جامعة توركو في فنلندا: "تستغل أفلام الرعب هذا الأمر بخبرة لتعزيز حماسنا، حيث كانت مشاهدة أفلام الرعب أيضا عذرا للاختلاط الاجتماعي، حيث يفضل العديد من الناس مشاهدة أفلام الرعب مع الآخرين على مشاهدتها بمفردهم".

وكان أكبر رد فعل  لما استشعروه من خوف لم يروه. وإنما كان خفيا في حالة ترقب، وعلل ذلك الدكتو ماثيو هدسون، وهو طبيب نفساني في جامعة توركو في فنلندا: "تستغل أفلام الرعب هذا الأمر بخبرة لتعزيز حماسنا،  حيث كانت مشاهدة أفلام الرعب أيضا عذرا للاختلاط الاجتماعي ، حيث يفضل العديد من الناس مشاهدة أفلام الرعب مع الآخرين على مشاهدتها بمفردهم".

وقد شارك في الدراسة 37 متطوعا، وتم قياس نشاط الدماغ باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) ، والذي يقيس نشاط الدماغ من خلال الكشف عن التغيرات المرتبطة بتدفق الدم.

وأكملت عينة مستقلة من 216 مشاركا دراسة استقصائية سئلت عما إذا كانوا قد شاهدوا الأفلام، ي صنفتهم على أساس الترويع والجودة.

لماذا فيلمي Insidious وThe Conjuring 2؟

فيما ذكر المشاركون عدد المرات التي شاهدوا فيها أفلام الرعب أو الأفلام بشكل عام، وتلك التي يعدونها مخيفة، والتي تعتبر بالنسبة لهم رعبا، هي تلك التي تعتمد على العواطف والرعب وهي الأكثر شيوعا في أفلام الرعب، وكان خيار الباحثين لهذين الفيلمين تحديدا، بناء على أنهما مصنفين أكثر رعبا وبجودة عالية.

ووفقا للدكتور هدسون فإن، "مشاهدة أفلام الرعب في التصوير بالرنين المغناطيسي تجربة جذابة، ويظهر الفيلم عن طريق نظارات واقية فقط في الجزء الأمامي من عينيك،"، وهو ما سمح بنمذجة استجابات الدماغ للخوف الحاد والمستمر على حد سواء.

وخلال تلك الأوقات التي كان فيها القلق يتزايد ببطء، أصبحت مناطق الدماغ المشاركة في الإدراك البصري والسمعي أكثر نشاطًا، كوسيلة للبحث عن إشارات تهديد في بيئتنا المحيطة.

وفي الوقت نفسه، وبعد صدمة مفاجئة أو "قفزة الخوف"، كان نشاط الدماغ أكثر وضوحا في المناطق المشاركة في معالجة المشاعر، وتقييم التهديدات واتخاذ القرار.

فالخوف الحاد و"النقزة" خوفا تزيد النشاط في جذع الدماغ/ المهاد، اللوزة والقشرة المخية، ومع استمرار التشويق المستمر تتضخم الاستجابات الحسية في الاساس بحسب د. هدسون، مبينا أن كلا الفيلمين حققا نتيجة مماثلة.

وهذه الدراسة أظهرت وجود نوعين من الخوف يعيشه الناس؛ الأول خوف مرتبط بوعي تحضيري مستدام وهو الشعور الوشيك بالرهبة، والثاني هو "رد الفعل أو الطيران الحاد"، والاسم الأكثر شيوعا له "قفزة التخويف أو التنقيز".

فمثلا أفلام الأبطال الخارقين تضم شكلا معتدلا من التهديد لسلامتهم مع وجود عنصر سعادة يدفع أحداث القصة، بينما أفلام الرعب تتضمن تهديدات خارقة، ولكن الخارق هنا مختلف، فالبشر مفتونون بما يخيفهم، شريطة أن تظل تلك التهديدات على مسافة آمنة.

وتوضح البروفيسورة لوري نومينما المشاركة في الدراسة، أن أدمغتنا تتوقع باستمرار وتحضرنا للرد على التهديد، وأفلام الرعب تستغل هذا بخبرة لتعزيز الإثارة لدينا، فالشعور بالرهبة يحدث حين يشعر الفرد أن هنالك أمرا ما ليس على ما يرام، وتكون الاستجابة الغريزية لديه هي "القفز من الخوف" مثلا في مشاهد ظهور مفاجئ لوحش أو مشهد لم نكن نتوقعه، ولكنه أشعرنا بالخطر.

"قفزة التخويف"

أمر واحد يشكو منه هواة الرعب، وهو الإفراط في استخدام استجابة "التجفيل" أو التي تعرف غالبا بقفزة "التخويف"، هي تقنية مشهورة ان استخدمت بطريقة صحيحة، ويكون مفعولها أكثر من رائع، لكن بعض الأفلام تعتمد عليها بشكل مبالغ به، فتغدو أحد عيوبه الجمالية والتقنية.

وبعض الناس يجدون أن كثيرا من الدم والعنف يجعل من فيلم العنف "سيئا”" مثل أفلام Saw أو أفلام السيطرة والهيمنة، وتلك التي تستخدم عنفا لا مبرر له.

لماذا يستمتع الناس بالرعب؟

بسبب "الوحش بالداخل"، فهي النظرية الأكثر شعبية لهذه الأفلام، فهي تخاطب اللاوعي، والجزء المكبوت داخل كل فرد، بجانبه الوحشي الذي تخفيه طبقة رقيقة من "الكياسة".

وبناء على هذه الفكرة، وعلى الرغم من أننا لا نوافق على ما يقوم به الوحش بوعي ظاهر، إلا أن جزءا كبيرا منا يستمتع برؤية القتل والفوضى، التي يطلقها الوحش التي لو استطعنا فعلها قمنا بها.

ولكن، ليس الجميع يستمتع بكل فيلم رعب، ما يوحي بعوامل أخرى في العمل، فقد ندعم معارك الوحش وإن لم نؤيد أعماله، لكن نجده "مذهلا".

لا سيما وأن وحشيته وكل ما يندرج تحته من أفعال مخيفة وقتلة متسلسلة، مثل ما قام به  تيد بندي في فيلمه، وهو شخصية حقيقية ومعروف كقاتل وخاطف استهدف الكثير من النساء، وقام بأفعال وحشية، ولكنه حمل شخصية "شاذة" نفسيا تدفعك لفهم ما يدور في رأسه.

ما الذي يجعل فيلم الرعب "مميزا"؟

في فيلم "صمت الحملان" لمخرجه جوناثان ديم، قدم رواية ذكية بطولة نسوية بين انتوني هوبكنز وجودي فوستر، عن فتاة شجاعة حساسسة وقوية جدا>

فيما كان "هانيبال" قارئا للأفكار شريرا وله كاريزما عجيبة، والمشهد النهائي للفيلم؛ حيث هرب وقام بأكل جزء من دماغ الطبيب الذي عذبه. فلهذا الفيلم مثلا قدرة على منحك مشاعر إيجابية تجاه شخصية مروعة موجودة، ما يجعله فيلما غنيا وقويا.

فيما أول فيلم من أفلام Halloween كان مرعبا جدا، وتحفة سينمائية لخبرة وبراعة تصويره، بينما في فيلم Alien، كان أداء الممثلة سيغورني ويف قويا جدا، وتصميم الوحش الفضائي بحسب الرواية كان أكثر رعبا مما ذكر فيها.

لذا قلة من أفلام الرعب تبرز، لأنها تكسر أرضية جديدة وتقلب الموازين القديمة، وتجدد الأنماط والأساليب في صناعتها>

فمن النادر أن يكون عنصر واحد، ما يجعل الفيلم مرعبا، بل يشمل عناصر لا يمكن التنبؤ بها، وهو ما يجعله فيلما جيدا وقويا.

وعلى مدى العصور تنوعت هذه الأفلام بجماليات من ثقافات متنوعة، تدخل في موجات إبداعية، لأن الرعب أمر ذاتي ولا يمكن تحديده بشكل كمي>

فالبعض يقفز من الرعب من مكانه، وآخرون تراودهم كوابيس حول تعقب قاتل متسلسل لهم، وفي المقابل آخرون لا يشعرون بشيء البتة.