كيف تتشكل القيادات السياسية والاجتماعية اليوم؟

ربما سيكون بمقدورنا في الأيام القليلة المقبلة، ملاحظة وتقييم التشكل القيادي السياسي للمجتمع والدولة، ورصد التغير في تشكل وصعود ورحيل هذه القيادات.. أو نتساءل إن كان النواب يمثلون قيادة سياسية واجتماعية؟ وهم قادة سياسيون واجتماعيون بالطبع، ولكن السؤال إن كانوا بالفعل يمثلون حراكا اجتماعيا غالبا ومنشِئا لتوجهات سياسية وتشريعية وتنظيمية للدولة والمجتمع؟ اضافة اعلان
كان الحراك القيادي المتشكل في مجلس النواب، حتى فترة قريبة، يقوم أساسا على البيروقراطيين من كبار الموظفين، والضباط المتقاعدين، والتكنوقراطيين والمهنيين من الأساتذة والأطباء والمهندسين والمحامين.. وعدد من القادة السياسيين والاجتماعيين، مثل رؤساء البلديات وقادة العشائر، ونشطاء حزبيين وسياسيين، وإسلاميين، ووزراء سابقين وقادة في الدولة، وعدد من رجال الأعمال والأغنياء.
قادة العشائر، بالطبع، ليسوا بالضرورة كل نائب وصل بأصوات العشائر والبلدات. وهذه ظاهرة انتخابية تحتاج إلى وقفة متأنية. فالعشائرية السياسية أو الانتخابية لم تعد في أغلب الأحيان تقدم القادة التقليديين في المجتمع، والزعماء العشائريين، بل تكاد تكون هذه الفئة من القادة تنحسر. وحتى الذين واصلوا تأثيرهم السياسي والاجتماعي من قادة العشائر وأبنائهم وأحفادهم، فإنما حققوا ذلك بفعل المناصب السياسية والمكاسب الاقتصادية التي وصلوا إليها، ولم يعد تأثيرهم الاجتماعي والانتخابي مستمدا من كونهم قادة وشيوخا في العشيرة والمجتمعات. ويحشد العشائر والمجتمعات في البلدات والمحافظات والتجمعات الاجتماعية المنتمية إلى عشائر، أو أماكن حتى في عمان والزرقاء والمخيمات، يحشدها قادة جدد من الأغنياء، وخاصة الأغنياء الجدد الراغبين في تعزيز مكاسبهم الاقتصادية بنفوذ سياسي واجتماعي، وفي بعض الأحيان لأجل غسل سيرتهم الاقتصادية وحمايتها أو تغييرها أو التغطية عليها. وهناك أيضا قيادات مهنية وتكنوقراطية وبيروقراطية تستقطب الدعم العشائري والمجتمعاتي على أساس سيرتها الذاتية، ووعودها الممكنة في المستقبل، أو الرغبة في كسر الاحتكارات النيابية والقيادية والمناصبية التي تنشئ جدالات ونزاعات محلية!
ولذلك، فإن وصف الانتخابات النيابية بأنها عشائرية لا يبدو دقيقا، أو أنه أصبح ذا دلالة اجتماعية جديدة، ليست هي الانطباع الذي يقدمه الإعلام ويفهمه الصحفيون والمراسلون الأجانب. كما أن البعد العشائري والمكاني في الانتخابات والخطاب الموجه إلى الناخبين، لا يقتصر على المحافظات أو المواطنين الشرق أردنيين، ولكنه يشمل أيضا المواطنين من أصل فلسطيني. فهناك عشائر فلسطينية متماسكة، وتعمل وتتحرك لأجل إيصال مرشحين ينتمون إليها؛ وكذلك أبناء المناطق والمدن الفلسطينية، سواء في عمان والزرقاء أو في المحافظات. هذا معروف وبديهي للمواطن والقارئ الأردني، ولكنه يبدو مفاجئا وغير مصدق في الإعلام الخارجي!
لماذا اختفى أو انحسر رؤساء البلديات من مجلس النواب؟ ألا يؤشر ذلك على فشل تجربة دمج البلديات؟