كيف تستطيع نسخة "داعش" من "الصدمة والرعب" هزيمة قوات الدولة؟

رجال ميليشيات شيعة في طريقهم لنجدة الرمادي التي احتلها "داعش" - (أرشيفية)
رجال ميليشيات شيعة في طريقهم لنجدة الرمادي التي احتلها "داعش" - (أرشيفية)

ريد فوستر * – (سي. إن. إن) 9/6/2015

 ترجمة: علاء الدين أبو زينة

في الفترة الأخيرة، تقدم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بالتماس من أجل الحصول على كمية أكبر من الأسلحة لمواجهة تقدم المجموعة الإرهابية. ولكن، بعد ما يقرب من عام منذ بدء مسيرات "داعش" لعرض المعدات العسكرية الأميركية الثقيلة، والتي كشفت عن المكاسب الكبيرة التي حققها التنظيم في العتاد والمعدات العسكرية، إلى أي درجة مكنت هذه الأسلحة المتطورة المجموعة من توسيع وجودها داخل سورية والعراق؟اضافة اعلان
يشير تحليل أجراه فريق القدرات العسكرية في مؤسسة "إتش. آي. أس. جين" إلى أن استمرار توسع داعش "لا يمكن أن يعزى إلى استيلائه على الأسلحة العسكرية الثقيلة، وإنما يعود هذا التوسع بشكل رئيسي إلى استخدامه البارع للمعدات منخفضة التقنية نسبياً –والتي يتم استعمالها إلى جانب تكتيكات بالغة الفعالية".
بمجرد ملاحظة الأسلحة الثقيلة التي استولى عليها التنظيم ونهبها من الحاميات العراقية، سواء أثناء استخدام "داعش" لها أو قيامه بنقلها، وضعت طائرات التحالف الاشتباك وضرب هذه المعدات على رأس أولوياتها. وقد عنت السهولة التي يمكن بها التعرف إلى هذه المعدات وتدميرها -إلى جانب كمية التدريب والصيانة وقطع الغيار اللازمة لتشغيلها بفعالية- أن تكون الدبابات والمدفعية غائبة إلى حد كبير عن ساحات القتال في العراق وسورية.
مع ذلك، وكما أوضحت المكاسب العسكرية المستمرة التي حققها "داعش" في المنطقة، فإن الأمر لا يقتصر على حقيقة أن قيامه بنشر الأسلحة الثقيلة شأن غير عملي ببساطة، وإنما هو شأن غير ضروري أيضاً لتحقيق الأهداف التكتيكية للمجموعة.
مقاتلون مرنون، متحركون ومتحمسون
لم تسقط المدن والقواعد العسكرية في يد "داعش" نتيجة لنشره الدبابات السوفياتية السابقة وعربات الهمفي الأيقونية أميركية الصنع. كان الأمر الأهم والأكثر شيوعاً هو تقدم "داعش" عن طريق شن هجمات منسقة بالعبوات الناسفة البدائية –أحياناً باستخدام نفس مدرعات الهمفي كعربات محملة بالعبوات الناسفة -قبل شن الهجمات بواسطة مقاتلين بالغي المرونة والحركة وممتلئين بالحافز، والمجهزين بمجموعة متنوعة من الأسلحة الصغيرة والخفيفة. وقد ثبت ذلك بعد ما يقرب من عام على سقوط الموصل، عندما أنهى هجوم منسق جيداً شنه مقاتلو "داعش" المعركة المطولة من أجل السيطرة على الرمادي.
أثبت توظيف عناصر السرعة والمرونة والعنف فعاليته ضد قوات الدولة العراقية في تلك المدينة في أيار (مايو)، مثلما كان قد فعل في الموصل قبل عام من ذلك. وباستخدام ماركته الخاصة من "الصدمة والرعب"، كان "داعش" قادراً -بنشر العبوات الناسفة التي تحملها السيارات، ومجموعات صغيرة نسبياً ومنسقة تنسيقاً جيداً من المقاتلين المتحفزين بدرجة عالية والمجهزين بمعدات خفيفة نسبياً- على استغلال أوجه القصور الكامنة في قوات الأمن العراقية الأكبر منه حجماً بكثير.
بعدة طرق، حقق "داعش" بالشاحنات الخفيفة والمتفجرات والهواتف المحمولة أكثر مما حققه خصومه الأفضل تجهيزاً وتنظيماً والمستندين إلى هياكل دولة. وكانت السرعة وتركيز القوة تكتيكات تم استخدامها بنجاح عبر كامل تاريخ الحروب، ومن غير المرجح أن يقوم "داعش" بتغييرها إذا كان يستطيع مواصلة تحقيق النجاح باستخدام هذه الوسائل.
ومع ذلك، فإن السرعة والمرونة اللتين عرضهما "داعش" حتى الآن ناسبتا الطبيعة الهجومية إلى حد كبير لعملياته، والتي حقق من خلالها أكثر مكاسبه إثارة ومشهدية.
لقد تجنب "داعش" إلى حد كبير الاشتباكات الدفاعية المطولة التي تعطل المرونة وتسمح لأسلحة الدولة الأثقل بأن تحدث أثراً. وعلى الرغم من أن عمليات الدولة العراقية لتحرير تكريت كانت ناجحة في نهاية المطاف، فإنه لا يُعتقد أن "داعش" قد استثمر بشكل كبير في الدفاع عن تلك المدينة. وربما يكون من السابق للأوان معرفة المدى الذي يمكن أن تكون عليه فعالية المجموعة في الدفاع عن المناطق الحضرية في الأنبار أو الموصل.
التدريب الكافي
يكمن الخطر في احتمال أن لا يكون بناء الشركاء الدوليين قدرات الجيش العراقي وتجهيزه كافيين للتفوق على المعدل الذي يعزز به "داعش" مكاسبه. وعلى الرغم من أن القوات الخاصة العراقية التي دربتها الولايات المتحدة تعتبر قادرة، فإن أعدادها أقل كثيراً من إمكانية توفير كل من القدرات الهجومية والدفاعية للدولة، ولا يمكن زيادة أعدادها وتجديدها بسرعة أو بسهولة.
ما تزال مرتبات الجيش العراقي غير مختبرة إلى حد كبير، ولو أنه تبين أنها شديدة العوز في المناطق التي يسيطر عليها "داعش" حالياً. ويمتلك البلد كميات كبيرة من وسائل التنقل المحمية، والدروع والمساعدة من قوة التحالف الجوية، ولكن هذه العناصر يمكن أن تستخدم بشكل فعال فقط بالتنسيق الوثيق والتدريب الكافي والمناسب.
في نهاية المطاف، من غير المرجح أن تقوم الأسلحة والمعدات التي يسعى رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى الحصول عليها بتغيير التوازن في القتال ضد "داعش" –كما لن يكون من المرجح أن يسدي "داعش" معروفاً للدولة العراقية بأن يمنحها الوقت لزيادة جودتها التكتيكية أو كفاءتها التقنية.
يمكن أن يُهزم "داعش" عسكرياً، ولكن من المرجح أن تقع مهمة إلحاق الهزيمة به على عاتق قوات مجهزة على نحو مماثل ولديها نفس مستوى الحافز، مثل الميليشيات الشيعية. ويتم الاعتماد على هذه الميليشيات بشكل متزايد –ليس لتنفيذ عمليات دفاعية محلية في داخل المناطق التي يقطنها الشيعة فحسب، وإنما لتقديم الدعم أيضاً –كما تحل هذه القوات باطراد محل قوات الأمن العراقية على المستوى الهجومي.
مع ذلك، وحتى لو أثبتت الميليشيات الشيعية أنها العامل الحاسم في المعركة ضد "داعش"، فإن مثل ذلك النصر قد يجلب في ركابه عواقب غير متوقعة على البلاد.
من غير المرجح أن تكون دولة عراقية مستقبلية تبرز فيها الميليشيات كقوة عسكرية مهيمنة دولة خالية من الصراع. ويفترض أن يفضي الصراع الذي لا مفر منه تقريباً، والذي سيأتي في أعقاب ذلك الانتصار، إلى انقسام البلد على طول خطوط الصدع العرقية.

*ريد فوستر: هو رئيس فريق تحليل القدرات العسكرية في HIS Jane في لندن.
*نشر هذا التقرير تحت عنوان: How ISIS' own brand of 'shock and awe' is defeating state forces