كيف تفكر الحكومات؟!

موفق ملكاوي

أول من أمس، وافق مجلسُ النواب الكريم على مشروع قانون تطوير الأراضي المجاورة لموقع المغطس، بما في ذلك الموافقة على إنشاء مؤسسة غير ربحية تحت اسم “مؤسسة تطوير الأراضي المجاورة لموقع المغطس”.

اضافة اعلان


حتى لو قيل لنا إن الهيئة الجديدة بلا مخصصات، فهذا تخبط جديد في مجال الإدارة العامة، وباب آخر للهدر المالي، ينضاف إلى عشرات الأبواب الأخرى التي لم نستطع سدها أو تقليصها عبر عقود، والتي تسمى الهيئات أو المؤسسات المستقلة التي تستنزف إيرادات الخزينة، والأهم أنها تعمق الترهل الإداري.


كيف تفكر الحكومات؟ سؤال لا بد أن يطرق بابنا كلما تجلت عبقرية حكومة ما بقرارات من “خارج الصندوق” مثل البدعة الأخيرة التي انتبهت إلى منطقة يفترض أن يخضع تطويرها لصلاحيات وزارة السياحة.

مثلا، فإن فشلت فلربما يسعف الحظ هيئة تنشيط السياحة في اقتراح معجزات يمكن لها أن تسهم في استثمار تلك الأراضي التي تنشغل الحكومة فيها عن البطالة بين الشباب والتي بلغت نسبتها 50 %، أو نسبة الفقر في المملكة التي تسجل اليوم 24 %.

أي بالأرقام الصريحة ما بين مليونين ونصف المليون إلى ثلاثة ملايين شخص، وهي أرقام يشكك فيها الناس وبعض المنظمات العاملة ويقولون إنها أكبر من ذلك.


كيف تفكر الحكومات، إذن، وما هي أولوياتها؟


هذا سؤال ينبغي أن يطرح في سياقاته الموضوعية والمجردة للوصول إلى إجابة واضحة لا لبس فيها، من أجل أن نعرف يقينا إن كنا نرتكز إلى حاجات وطنية أو أننا مرتهنون في تخطيطنا وقراراتنا لاعتبارات لا يمكن تصنيفها أو فهرستها ضمن الخانة الوطنية!!


أخشى ما نخشاه اليوم هو أن نكون قد فقدنا البوصلة الوطنية التي وضع أسسها الواضحة آباء مؤسسون أظهروا انتماءهم الحقيقي للأردن من خلال التشريعات، وبناء المؤسسات، وتحديد العلاقة بين المواطن والدولة، وبين الدولة والجوار.

هؤلاء الآباء المؤسسون، إن جاز التعبير، تم استبدالهم، خلال عمليات إحلال طويلة ومعقدة، بمسؤولين لا يعرفون البلد، والأخطر أنهم يمتلكون أجندات خاصة مرتبطة حصريا بمصالحهم الشخصية وتشعباتها وتقاطعاتها مع مصالح جهات ودول أخرى تصر على أن يبقى الأردن في دائرة الضعف وعدم القدرة على الاعتماد على الذات.

ذلك لكي يظل مكانا مؤهلا لإسقاطاتها التي تعبر عن نظرة ضيقة تجاه البلد، والذي اعتبرته على الدوام كيانا وظيفيا يعبر عن تطلعاتها في “جني الأرباح” بمفهوم المتعاملين مع البورصات!


المشكلة الحقيقية، أن هذا الفهم يتشارك فيه أعداء صريحون مثل إسرائيل، و”ميسرون” مثل الولايات المتحدة الأميركية، وأيضا مواطنون تنطبق عليهم كامل اشتراطات المواطنة وعلى رأسها الرقم الوطني وحقوق المواطنة وواجباتها، وهم الفئة الأخطر التي تسرب أفرادها إلى مفاصل الدولة بما فيها من موالاة ومعارضة وموظفين حكوميين وفي القطاع الخاص أيضا.

وقد يتبادر للذهن أنهم يسعون إلى أهداف مختلفة، لكن حقيقة الأمر أنهم ينطلقون من هدف واحد يتمثل في إضعاف الدولة وتدمير “البيروقراط” الذي تأسس بشكل صحي على مدار عقود طويلة.


نسأل من جديد: كيف تفكر الحكومات؟ ونسأل هل “نظرية المؤامرة” التي نتحدث عنها هنا يخرج منها “الصخب” الذي افتعلته الحكومة في ملف “نحاس ضانا” الذي تمسك فيه أهلنا في الطفيلة، كمنقذ لهم من براثن البطالة والفقر والعوز، أم هو انقياد أعمى لشركات لم نعد نملك ما يمكننا مقاومة تأثيراتها وسطوتها؟


هي أسئلة مطروحة اليوم أمام الحكومة الحالية والحكومات السابقة واللاحقة، ومطروحة كذلك على وعي المواطن الذي بات لا يؤمن بأي شيء من طرف الحكومة، ويمارس تجاهه شكا قاتلا.


ولكن، في نهاية الأمر، وعندما يتعلق الأمر بنية التخريب الممنهج في ملف ما يسمى “نحاس ضانا”، أو أضحوكة “مؤسسة تطوير الأراضي المجاورة لموقع المغطس”، هناك دائما ما يمكن أن يقال، وربما يفسر كثيرا من التخبط الذي يشيع من حولنا، وعلى مختلف الصعد.

 

المقال السابق للكاتب:

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا