كيف غادر الكردي البلاد؟

قبل شهر ونصف الشهر تقريبا، غادر رئيس مجلس إدارة شركة الفوسفات ومديرها التنفيذي وليد الكردي، البلاد إلى جهة غير معلومة. وقال مقربون في حينه إن الكردي توجه إلى بروناي التي يعد ممثلا لها في الشركة، وأنه سيعود حاملا الأدلة التي ترد على المشككين بهوية المالك الحقيقي لأسهم "الفوسفات". وفي وقت لاحق، سرت معلومات تفيد أن الكردي انتقل من بروناي إلى لندن، وليس في نيته العودة إلى الأردن في الوقت الحالي.اضافة اعلان
حصلت كل هذه التطورات بينما كانت لجنة نيابية تحقق في ملف خصخصة الفوسفات. ونقل الزميل وائل الجرايشة عن مصادر في لجنة التحقيق أنها استدعت الكردي قبل سفره ثلاث مرات للاستماع إلى أقواله، إلا أنه رفض الاستجابة.
وقبل أن يغادر الكردي البلاد بفترة ليست قليلة، كانت هيئة مكافحة الفساد تنظر في ملفات شركة الفوسفات، خاصة ما يتعلق منها بمرحلة ما بعد الخصخصة؛ أي الفترة التي كان فيها الكردي هو الآمر الناهي وصاحب القرار الأول والأخير في الشركة. ومنذ ذلك الوقت كانت المعلومات التي تتسرب من تحقيقات "مكافحة الفساد" تشير إلى وجود تجاوزات مالية كبيرة في الشركة، يتحمل الكردي مسؤولية مباشرة عنها. ولا أعلم إن كان الكردي قد خضع للتحقيق من قبل الهيئة أم لا.
أخيرا، وبعد طول انتظار، أحالت "مكافحة الفساد" إلى المدعي العام الملف الأول من ملفات الفوسفات والمتعلق بعقود تأمين واتفاقيات شحن. ولم تتردد "الهيئة" في توجيه اتهامات مباشرة لوليد الكردي. وتفيد مصادر في "مكافحة الفساد" بأن هناك ملفين آخرين سيحالان قريبا إلى القضاء، ويتضمنان اتهامات للكردي بالتورط في قضايا أكبر بكثير من تلك التي تمت إحالتها إلى الادعاء العام.
ملامح الاتهام للكردي كانت واضحة منذ أن باشرت هيئة مكافحة الفساد تحقيقاتها، وتبلورت بشكل أوضح بعد تشكيل لجنة التحقيق النيابية، فلماذا سمحت السلطات المختصة للرجل بالسفر، ولم تتخذ إجراء احترازيا بحقه يقضي بمنعه من السفر لحين انتهاء التحقيق، كما حصل مع عشرات الشخصيات التي منعت من السفر في قضايا أقل شأنا من "الفوسفات"؟.
هل كان قرار المنع من السفر متعذرا من الناحية القانونية، أم أن هناك تساهلا حصل "بنية حسنة"، كما الحال في سفر السجين خالد شاهين إلى لندن؟!
لا نتبنى أيا من هذه السيناريوهات، لكن من مصلحة الدولة أن يعود وليد الكردي إلى البلاد ليمثل أمام القضاء، وإلا فإن الأسئلة ستكثر عن سر سفره إلى الخارج قبل تحويله إلى القضاء. ومن مصلحة الكردي أن يعود أيضا؛ فحتى الآن لم توجه له الاتهامات بشكل رسمي، وعليه أن يخرج عن صمته ويدافع عن نفسه أمام القضاء، كي لا يتحول إلى مدان هارب من وجه العدالة.
ليس مهما محل إقامة الكردي اليوم، المهم هو كيف تمكّن من مغادرة البلاد في ذروة التحقيق في ملف تجاوزات إدارة شركة الفوسفات.

[email protected]