كيف نواجه تعاظم حماس؟

اضافة اعلان

عاموس يدلين

الآن، مع انتهاء المعارك، ينبغي فحص مسألة إعادة تعاظم قوة حماس. فعدم الإصرار على إقامة آليات تمنع اعادة تعاظم قوة حماس في نهاية جولات القتال السابقة "عمود السحاب" في 2012 و"الرصاص المصبوب" في 2009، هو، بقدر كبير، "الخطيئة الاولى" التي أتاحت لحماس المبادرة الى جولة القتال الحالية.
في موعد سابق من هذا الاسبوع نقل على لسان مصدر سياسي كبير، على ما يبدو وزير الخارجية، قوله ان "حماس لم تنتظر حتى ولا لحظة واحدة بعد جولة القتال الاخيرة وبدأت في استئناف تسلحها تمهيدا لامكانية جولة اخرى". وردا على ذلك، نفى مصدر امني كبير الادعاء وقال: "لا نعرف معلومات كهذه، وليس واضحا لنا الى ماذا استند ومن أين استمد هذه المعلومات".
ان خلافات الرأي السياسية بين مدرسة "الردع" وبين مدرسة "الإسقاط" التي بدأت مع بداية المعركة الاخيرة مع حماس، مقبولة وشرعية في دولة ديمقراطية. وبالتوازي، ينبغي اجراء فحص مهني لمسألة بناء قوة حماس بعد "الجرف الصامد" لغرض وضع سياسة ملموسة تستشرف المستقبل. من أجل القول إن حماس ستستأنف مساعي بناء قدراتها العسكرية فور وقف النار لا حاجة الى استخبارات حميمة وحديثة. هكذا تصرفت حماس في الماضي وينبغي الافتراض بأن هكذا ستتصرف في المستقبل ايضا.
حماس هي منظمة خطت على علمها المقاومة المسلحة وواضح أنها ستبذل كل جهد مستطاع، دون تأخير، لاعادة بناء قدراتها العسكرية التي تضررت بشدة في الخمسين يوما من معركة "الجرف الصامد". لقد فقدت حماس قدرتيها الاستراتيجيتين المركزيتين: منظومة الصواريخ بعيدة المدى، التي تحطمت على القبة الحديدية الاسرائيلية ومنظومة الأنفاق الهجومية التي دمرها الجيش الاسرائيلي بكاملها تقريبا. كما أن منظومات اخرى كمنظومات الإنزال من البحر ومنظومات الطائرات الصغيرة بدون طيارين، فشلت أو تضررت بشدة.
صحيح أن حماس توصلت الى وقف للنار دون أن تحصل على شيء تقريبا من قائمة مطالبها الطويلة التي طرحتها، ولكن اسرائيل ايضا لم تنجح في أن تفرض على المنظمة أيا من المطالب المركزية التي عرضها رئيس الوزراء كهدف للحملة: تجريد غزة واقامة آليات تراقب منع تعاظم حماس. هذا الهدف المتمثل في "عدم التعاظم" فوت كما اسلفنا في التسويات السابقة ايضا ويجدر ان يكون هدفا مركزا للمطالب الاسرائيلية في المفاوضات على الترتيب، المتوقع أن تبدأ في القاهرة بعد ثلاثين يوما من موعد وقف النار الذي اعلن في 26 آب (اغسطس) 2014.
والى أن يتحقق الترتيب (والذي احتمال ان يعالج بنجاعة مسألة التعاظم ليس عاليا) مصلحة حماس هي استخدام آلاف العاملين في مخارط الصواريخ وآلاف حافري الأنفاق ووضعهم في رأس قائمة متلقي الرواتب في المنظمة. من المهم الفهم بأن الضربة لحماس كانت شديدة ولكنها ليست تامة. من المهم التركيز على ثلاثة مجالات تتعلق بالتعاظم المستقبلي لحماس: أنفاق التهريب (التي عالجها المصريون)، منظومة الإنتاج، والأنفاق الهجومية.
1. انفاق التهريب: يقدر بأنه كان لحماس 800 - 1000 نفق تهريب ومعظمها دمرها المصريون، ولكن ينبغي الافتراض بأن بضع عشرات مع ذلك نجت وان حماس ستعطي أولوية لتهريب المال والسلاح في هذه الأنفاق. فالمساعدات الإنسانية، الغذاء، الوقود وحتى مواد البناء ستأتي على أي حال برعاية اسرائيلية عبر معبر كرم سالم.
2. منظومة إنتاج وسائل القتال: ينبغي الافتراض بأن 30 - 50 % من هذه المنظومة نجت من الجهود الاسرائيلية لتدميرها وان مواقع الانتاج هذه عادت لتنتج بالوتيرة القصوى الممكنة المشروطة بوفرة المواد الخام.
3. منظومة الأنفاق الهجومية: معقول التقدير بأن أساس عمل الحفريات لحماس يتركز الآن في انتشال الجثث والعثور على رجال الذراع العسكري الذين دفنوا في الأنفاق المدمرة. ومع ذلك، فإن فرضية العمل يجب أن تكون بأن منظومة الأنفاق الهجومية هي الأخرى قد بقي منها نفق أو اثنان لم يكتشفا او لم يدمرا بكاملهما، وان حماس ستبذل كل جهد مستطاع لإعادة بنائها. وحتى لو فشلت في تحقيق هدفها العملياتي، فإن الصدى الجماهيري وفي الوعي الذي حققته الأنفاق الهجومية لحماس يخلق التزاما متزايدا من جانب المنظمة زيادة الانشغال بهذه الوسيلة.
وحتى لو كان سيمر وقت طويل الى أن تحفر أنفاق تتيح قدرات استراتيجية، فإن حماس معنية بالإبقاء وبخلق استخدام لنفق هجومي كمنصة انطلاق لعملية موضعية. مفاهيم اساسية من التحليل:
1. حماس ستبذل كل جهد مستطاع لإعادة بناء قوتها والاستعداد للمواجهة التالية.
2. لا ينبغي توقع تعاظم كبير وسريع لحماس في المدى الزمني القريب - ففي هذه المرحلة تنشغل حماس بإحصاء الأضرار وبإعادة الترميم. وهي بعيدة جدا عن القدرات التي كانت لها في بداية تموز (يوليو) 2014. ومع ذلك، يوجد تخوف بالنسبة للمدى البعيد، لأن حماس أثبتت في الماضي قدرة ترميم وتعاظم مؤثرة.
3. لقد أثبتت حماس نفسها كمنظمة تتعلم – ينبغي الافتراض بأنها ستحقق في نجاحاتها وستحاول تعزيز المنظومات التي حققت لها انجازات، وكذا ينبغي الافتراض بأنها ستحقق في إخفاقاتها في ظل البحث عن سبل جديدة للمس باسرائيل.
4. لا شك أن حماس متشجعة من نجاحها في المس بالجيش الاسرائيلي وبالبلدات بواسطة نار قذائف الهاون وبالتالي فإنها ستعزز هذه المنظومة.
5. ستتم أعمال التعاظم لحماس، قدر الإمكان، سرا، في ظل محاولة إخفائها عن الاستخبارات الاسرائيلية. وينبغي الافتراض بأن السكان المدنيين سيوفرون غلافا دفاعيا لنشاط حماس.