كيف يدخر الأردنيون المال في ظل ارتفاع الأسعار الذي يأكل دخلهم؟

730dff268c
730dff268c

شروق البو- يعاني الأردنيون كسائر شعوب العالم، من تضخم اقتصادي وارتفاع كبير في الأسعار أثر على جميع مناحي الحياة.

اضافة اعلان

يأتي ذلك بالتزامن مع تساؤلات يطرحها مواطنون حو الطرق التي تُمكّنهم من الادخار في ظل هذه الظروف وتنمية الأموال التي يحوزونها حتى وإن كانت قليلة.

وأثرت جائحة كورونا التي ضربت العالم في نهاية العام 2019، وما تبعها من إجراءات وإغلاقات على الاقتصاد العالمي ومعدلات النمو، الذي ما لبث أن يلتقط أنفاسه حتى دخل في دوامة الحرب الروسية على أوكرانيا، وما لحقها من ارتفاع مخيف في أسعار الطاقة والغذاء وأجور الشحن.

أضف إلى ذلك التغير المناخي الذي يؤثر على العالم ككل، ما تسبب بالتأثير على زراعات ومحاصيل أساسية؛ مثل القمح والشعير والذرة والزيوت، إلى جانب فقر المياه.

وبين المطرقة والسندان، بقي المواطن حائراً بشأن الادخار، خصوصا وأن دخله أقل من مصروفه الشهري؛ ولأجل ذلك يقدم خبير اقتصادي طرقاً للادخار وتنمية الأموال.

"حلول"

قال أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك الدكتور سامح العجلوني، إن الأصل في المعيشة هو الاقتصاد بطبيعة الحال، حتى وإن لم يمكن هناك تضخم وارتفاع في الأسعار وأزمة عالمية تؤثر على الغذاء والنفط والطاقة، وهو ما نعيشه الآن، والأردن ليس بمنأى عن العالم.

وأضاف العجلوني في حديثه لـ"الغد" أنه "بما أن مواردنا محدودة جدا ظاهريا، فالأولى أن يفكر المواطن بطرق للتوفير وتنمية الأموال أو المدخرات".

وتابع: “جزء من هذه الطرق يجب أن يبدأ بالمنظومة التربوية؛ لأنها الأساس، وأهميتها تكمن في التأثير على وعي الأطفال وصغار السن، لكن قضية غرز المفاهيم الاقتصادية الرشيدة لا تؤتي ثمارها بين يوم وليلة".

وحول السلوك الاستهلاكي في ضوء الظروف السائدة، أكد ضرورة إعادة التفكير بأنماطنا الاستهلاكية "التفاخرية أو الكمالية"، والتي فاقت الحدود، وهو ما يظهر جليا عند زيادة استهلاك المواطنين لسلعة معينة بعد ارتفاع أسعارها، كما هو الأمر بالنسبة للمحروقات والكهرباء.

ولفت العجلوني إلى أن للبنوك والمؤسسات المالية دورا في زيادة الاستهلاك، فهذه الجهات تفتح أذرعها للمواطنين للاقتراض منها بأبسط الشروط، بهدف قضاء حاجاتهم وتلبية رغباتهم، لا سيما شراء سيارة، أو منزل، أو لغايات السفر والسياحة والترفيه.

وبين أن ذلك قد يُشير إلى عدم ترتيب أولويات الإنفاق لدى المواطنين بشكل سليم، وهو أمر مهم جدا في ضبط النفقات، بحيث يتم صرف النقود على الأغراض الأكثر أهمية، فالمهمة، ثم الأقل أهمية.

وأوضح أن هناك بنودا للإنفاق يمكن الاستغناء عنها؛ مثل السجائر، خصوصا وأنها مضرة، وكذلك الإفراط في شراء الوجبات الجاهزة، والإنفاق على قطاع الاتصالات مما هو ضروري وغير ضروري وبما يفوق حاجة الفرد، وبالتالي على المواطن أن يغير نمطه الاستهلاكي في كل هذه الجوانب التي تزيد الإنفاق.

وأشار أستاذ الاقتصاد إلى مسألة الاستجابة لإغراءات الدعايات والإعلانات، بمعنى أن الفرد أصبح يرغب بتبديل وتجديد الهاتف الخلوي والحاسوب والأثاث والملابس حتى وإن كان يملك منها ما يكفيه ويسد حاجته، في حين ينبغي على المواطن ألا يستجيب لهذه الرغبات كثيرا.

وقال الخبير الاقتصادي: "بما أن سعر البنزين مرتفع، يمكن للفرد أن يتطرق لأساليب توفيرية؛ مثل الذهاب سيرا على الأقدام عند شراء السلع من أماكن قريبة، وعند الذهاب لأداء الصلاة في المسجد على سبيل المثال، وكذلك الأمر بالنسبة لأجهزة التكييف مثلا، فلا ينبغي تركها تعمل على مدار الساعة".

وأضاف: "على الرغم من أن شبكة المواصلات في الأردن لا تشجع المواطن على ترك سيارته بسهولة، إلا أنه عند قطع مسافات قصيرة بواسطة المشي، فهناك فائدة صحية تعود على الإنسان".

وشدد على أهمية التمسك بثقافة الاستهلاك بقدر الحاجة، وتعلم ثقافة التوفير وعدم الإسراف بأي حال.

ولفت الخبير الاقتصادي إلى ما يسمى "الاقتصاديات التشاركية"؛ كما يفعل بعض الجيران أو الأصدقاء الذين يسكنون بالمنطقة ذاتها، ويتناوبون فيما بينهم على استخدام سياراتهم للذهاب إلى أماكن العمل وما إلى ذلك.

وتابع العجلوني: يمكن لأي مواطن يمتلك قطعة أرض فارغة، أن يزرعها ويعزز الاعتماد على الذات لديه أو أن يزرع أغذية أساسية على سطح منزله إن أمكن ذلك، ليحقق نوعا من الاكتفاء الذاتي.

ودعا إلى ضرورة تقنين شراء الوجبات الجاهزة، وإعداد ما يمكن تحضيره من الأطعمة السريعة منزليا، فلا شك أن هذا سيوفر قدرا كبيرا من المال.

وفيما يتعلق بالادخار، قال العجلوني إن خفض النفقات وترشيد الإنفاق على جميع المستويات يؤدي- بلا شك- إلى الادخار، فالأصل أن يحوّل الفرد ما يخفضه من نفقات إلى مدخرات.

وحول تنمية الأموال في ضوء الظروف الحالية، أوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك أن الاستثمار يجب أن يُسهم في علمية الإنتاج الحقيقية بأشكالها المختلفة؛ من إنتاج زراعي وصناعي وخدماتي، أما شراء الأسهم والسندات فهي عبارة عن أدوات تملك واستثمارات مالية وليست حقيقية.

وتابع: "على الإنسان أن يصبر ويستمر بالادخار حتى يجني مبلغا معينا يستطيع من خلاله أن يقوم بأي نشاط إنتاجي يتماشى مع الميزة النسبية التي لديه ومجال إبداعه وما يمكن لأفراد أسرته أن يقوموا به أيضا، بحيث يتشارك معهم بالمال في هذا المشروع لبيع سلعة أو تقديم خدمة".