كيف يراقب الآباء أبناءهم على مواقع التواصل الاجتماعي؟

يجب أن تبدأ مراقبة الأهل استخدامات أبنائهم على مواقع التواصل الاجتماعي منذ الصغر لأنها تحقق التقرب إليهم وتمنحهم الثقة - (MCT)
يجب أن تبدأ مراقبة الأهل استخدامات أبنائهم على مواقع التواصل الاجتماعي منذ الصغر لأنها تحقق التقرب إليهم وتمنحهم الثقة - (MCT)

ديما محبوبة

عمان- وصل اهتمام وهوس البعض بمواقع التواصل الاجتماعي إلى حد الإدمان والانعزال عن العالم، والانطواء، وإهدار الوقت بلا فائدة.

اضافة اعلان

والبعض يستخدم هذه المواقع لتكوين علاقات مع الجنس الآخر، في غياب رقابة الأب والأم. لكن هل يجوز للأب أو الأم أو الأخ اختراق خصوصية الابن والابنة، أو الأخ والأخت، ومراقبتهم من خلال الاطلاع على صفحاتهم الإلكترونية والتفتيش فيها؟

في هذا الشأن تظل آراء الأهل متباينة ما بين مؤيد ورافض، ومتردد، إذ لكل وجهة نظره في التعامل مع الأبناء، وعلاقتهم مع المواقع الاجتماعية.

ومن وجهة نظر خالد خليفة فإن مراقبة تفاعلات الأبناء على مواقع التواصل تكون من خلال توجيههم نحو ما ينفعهم ونصحهم، لا بالتدخل المباشر القسري الذي قد يتسبب في خلق مشاكل لا طائل منها بين الأبناء والآباء.

ويضيف خالد قائلا "لا بد من استشارة المهتمين بهذا الشأن، من الخبراء والمستشارين التربويين، لضمان عدم تأثير التقنية السلبي على الأبناء، وكيف يتم إرشادهم وتوجيههم، وتحذيرهم من التعامل مع وسائل الاتصال الحديث بشكل سلبي، مؤكدا أهمية تطبيق الرقابة الذاتية، إلى جانب استخدام برامج المراقبة على الأجهزة المنزلية من قبل أولياء الأمور، لمنع الدخول إلى المواقع الإباحية، بإنزال برامج بديلة مفيدة.

في حين يبين أبو حاتم أن هنالك أبناء وبنات يتعاملون مع التقنيات من دون إدراك لعواقب الاستخدام السيئ لها، بل وقد انجرف بعضهم وراءها إلى أبعد مما يتصور الأهل، ومن دون ضوابط أخلاقية.

ويرى أبو حاتم ضرورة وضع حلول عاجلة، وإشراك المختصين، ووزارة التربية والتعليم في الحد من هذه الظواهر السلبية والمدمرة التي ما انفكت تتفاقم يوما بعد يوم، بسبب عدم التعامل مع التقنية الحديثة بشكل سليم.

أما الأربعينية ميسر الخطيب فتشير إلى انفتاح الأبناء والبنات على التقنيات الحديثة بدون ضوابط ولا مراقبة، ولجوء الكثيرين إلى طرق ووسائل كثيرة يسقطون فيها أسرارهم على الإنترنت.

ولذلك ترى الخطيب أن الرقابة لا تجدي نفعا، وأنه ليس من حل أمام الأهالي، في هذا العصر المعقد، سوى أن يربوا أبناءهم منذ الصغر على الأخلاق الحميدة، والقيم المجتمعية التي تجعلهم يحافظون على ذواتهم، ولا يستعملون التقنيات الحديثة إلا بما يفيدهم في شتى مجالات الحياة، يدعمون بها معارفهم ويوسعون معلوماتهم الفكرية، مع محاولة الأهل مراقبتهم بطريقة غير مباشرة لمعرفة ميولهم، ومن ثم إمكانية توجيههم بشكل صحيح.

في هذا السياق يبين الاستشاري الأسري أحمد عبد أن المراقبة، لا تقتصر فقط على مراقبة الأخ لأخته، مثلا، إذ لا بد أن تكون هذه المراقبة برعاية الأب والأم، ويجب أن تبدأ رعاية الأهل لأبنائهم منذ الصغر، لأنها تحقق التقرب إليهم، وتمنحهم الثقة، مشيرا إلى أن "الاحتواء الأبوي" هو الذي يجعل الوصول إلى أفكار الأبناء عملية يسيرة وسهلة ومفيدة في آن واحد.

فعلى هذا النحو، كما يقول، يستطيع الأهل من خلال توجيهاتهم أن يسيطروا على الأبناء، محذرا في الوقت ذاته من الترهيب الممل، الذي يبعث الخوف ولا يحقق أي جدوى، مع السعي لتربية هؤلاء الأبناء على القيم المجتمعية والدينية.

ويضيف عبدالله "يجب إقناع الأبناء بضرورة الامتناع عن الخطأ بدون تهديد، وإقناع الولد أو البنت بالتقرب من الخير والابتعاد عن كل شر"، مشيرا إلى أن هذا الأسلوب مناسب لجعل الأبناء يعودون إلى رشدهم، ويستمرون على طريق الخير. 

كما يجب أن لا ينسى الآباء، وفق عبدالله، عامل "التشجيع"، المادي والمعنوي، فله دور كبير في توجيه الأبناء، وخصوصا في فترة المراهقة.

ويلفت عبد الله أيضا إلى أن البعض عجزوا عن تربية أبنائهم فتركوهم يواجهون مصيرهم بمفردهم، ولو كان الأب أو الأم قريبين من أبنائهما لما حصلت الفجوة بينهم، ولما ارتمى الأبناء في أحضان أخرى خارج الأسرة، تحتضنهم وتربيهم حسب مبادئها، وسلوكياتها، وأخلاقياتها.

أما خبيرة التكنولوجيا والتربوية، هناء الرملي، فتبين أن هنالك عوامل ساعدت على عدم السيطرة على الأبناء والبنات، وعلى انفتاحهم المفرط على وسائل التقنية الحديثة، من دون متابعة ومراقبة، ومن هذه العوامل الثقة المفرطة التي يمنحها الآباء لأبنائهم بدون إدراكهم لدور التوجيه والتعليم والتربية.

وتضيف الرملي أن للمحيط الاجتماعي دورا في ذلك، بحكم أن غالبية الأسر توفر لأبنائها تلك الوسائل بلا حدود أحيانا، إما بقصد الترفيه البريء أو التقليد، أو محاكاة ما لدى الآخرين، خصوصا الأهل والأقارب، لدرجة أننا صرنا نلاحظ أن الطالب أو الطالبة في المرحلة الابتدائية الأولى يملك إحدى تلك الوسائل، ويتعامل معها بحرفية عالية.

ومن وجهة نظر علم الاجتماع يبين الاختصاصي د. محمد جريبيع، أنه مع نقص وسائل الترفيه والتربية الحديثة زادت نسبة التعلق بالتقنية، لأن معظم الشباب والفتيات وجدوا ضالتهم فيها، في التنفيس عن رغباتهم وتطلعاتهم، ذاهبا إلى أن الإفراط في تشخيص مشاكلهم على هذه المواقع أدخل الكثير منهم في متاهات سلبية لا حد لها، من خلال ما هو متوفر من صداقات سيئة وبرامج مخلة بالآداب والذوق العام.

ويضيف أن في المجتمع الأردني طاقات شبابية مبدعة في كثير من المجالات، ولكن هؤلاء أُهمِلوا مع الأسف، فما يعرضه بعض الشباب والفتيات على مواقع التواصل يبين أنهم مبدعون حقا، ولكنهم يستخدمون هذا الإبداع بطريقة خاطئة. 

ولهذه الأسباب ينصح جريبيع كل الشباب بإغلاق حساباتهم في المواقع التي لا يمكن الإفادة منها، وأن يفتحوا حسابات مفيدة، يتواصلون من خلالها مع أصدقاء يستفيدون منهم بشكل إيجابي.

[email protected]

dimamahboubeh@