كيف يعزز الآباء قيمة الامتنان والتقدير في نفوس الأبناء؟

الآباء و الأبناء
الآباء و الأبناء
ديمة محبوبة عمان- يحتاج الآباء، وإن لم يعبروا عن ذلك، لكلمات وتواصل يشعرهم بالامتنان والتقدير من قبل الأبناء ويعكس أهمية وجودهم في حياتهم والجهود التي يقومون بها لإسعادهم وتأمين حياة كريمة لهم. الامتنان، ذلك السلوك الذي ينبع من داخل الطفل، لكن يتعلمه من والديه ليصبح مهارة مكتسبة مع الوقت، وأحيانا إن لم يدرك الابن ثيمة التقدير ولم يعبر عنها، فإنها قد تؤثر سلبا على نفسية الأب أو الأم وإن لم يفصحا عن ذلك صراحة. في تجربة مر بها الأب سليم نصير، تفاجأ من أبنائه الثلاثة بعدم السؤال عنه بشكل مباشر أو محاولة الاتصال به خلال فترة سفره للعمل في الخارج، حيث تعرض لوعكة صحية، وحينما كان يسأل زوجته يكون ردها أنهم يسألون عنه وعن صحته يوميا لكن من خلالها. لم يعبر سليم عن امتعاضه لزوجته، ففكرة أنه مريض على حد تعبيره، وأن أبناءه وإن كانوا بعين الآخرين صغارا، لكن من تجاوز عمره العشرة أعوام فهو قادر على التعبير عن مشاعره، فالاتصال وقول بضع كلمات تدل على حب وتقدير أقرب الناس إليه دلالة على الامتنان المحبب الذي ينبغي أن يكون ظاهرا بين أفراد العائلة الواحدة. وبقصة أخرى وموقف مختلف، يبين أبو أحمد أن هناك سلوكيات كان يقوم بها هو وأشقاؤه مع والديهم عندما كانوا صغارا لا يراها اليوم مع أطفاله، يقول "كان واجبا علينا أن نترك ما بين أيدينا وأن نركض إلى الباب لاستقبال والدنا ومساعدته على حمل الأغراض التي بين يديه وأن نرحب به ونقول له (يعطيك العافية) ونعبر دائما عن مشاعرنا". ويوضح أن الوالدين يدركان واجباتهما أمام الأبناء ويعطيان دائما أكثر من طاقتهما لكي لا يشعرانهم بأي تقصير، لذلك تأتي كلمات الحب والامتنان والشكر لتعطي دعما ودافعا للوالدين، وكأنهما يشعران أن ما يقومان به لا يذهب هباء منثورا. الحياة المتسارعة التي تعيشها أغلب العائلات والتزام الأمهات بواجبات كبيرة داخل وخارج البيت، جعلت بعض التفاصيل غائبة مثل تعليم سلوكيات ومهارات مهمة للأطفال لكي تبقى مرافقة لهم العمر برمته، ومنها التقدير والامتنان. ويرد أبو أحمد أن هناك من يقول "هذا واجبك أن تفعل ما تفعله لأبنائك من دون طلب الشكر"، مبينا أن ذلك صحيح، ولكن الامتنان شعور جميل يؤثر في النفس، ويكون العطاء بإيجابية وحب، فربما تكون بضع كلمات لكن وقعها كبير. اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة، يؤكد أن صفة الامتنان تعكس المشاعر الإيجابية والعلاقات الصحية، مؤكدا أن الامتنان لا يتعلمه الطفل وحده، بل سلوك مكتسب يظهر في كثير من المواقف. ودور الأم والأب أو المربين بأن يتم توجيه الطفل للشكر والامتنان، كأن يقوم الأب بتحفيز طفله لقول "شكرا يا أمي الطعام لذيذ وشهي" أو أن تقوم الأم بتحفيز وتعليم طفلها بأن يقول لوالده كلمات تدل على الحب والتقدير لتعبه وجهده. ويلفت مطارنة إلى أن تعلم هذه المهارة يفيد الطفل في حياته بالمستقبل وفي التعامل مع الآخرين، فعلى سبيل المثال، الموظف من واجبه أن يقوم بعمله، لكن كلمة الشكر والامتنان تساعده على الإتقان وتحسين مستواه، والعطاء يكون أكثر. ويساعد التعبير عن المشاعر على عيش حياة صحية للطفل، ومن الجيد أن يعي مثلا أن والده أو والدته متعبان في العمل أو يقومان بمجهود مضاعف لتحسين الوضع المادي أو أحدهما يشعر بوعكة صحية، وتكون المكافأة لهما بإظهار الحب والتعبير عن الامتنان. الاختصاصي التربوي د. محمد أبو السعود، يبين أن الحياة بصعوبتها وسرعتها والضغوط المادية والاقتصادية وجهود الأهالي لإسعاد وتأمين حياة كريمة للأبناء يتطلب منهم أن يعوا ذلك ويعبروا عن مشاعرهم الإيجابية نحو الأهل. ويقول أبو السعود "ثيمة الامتنان إن زرعت في الطفل فإنها تبقى مرافقة له وهي صفة محمودة بالمجتمع، كأن يشكر الطفل زميله أو زميلته على هدية بسيطة قدمت له أو تعاون قدمه له، وأن يشكر معلمه أو معلمته على الحصة الممتعة، وهو تماما ما ينطبق على الأهل". اقرأ أيضاً: اضافة اعلان