لإنقاذ أنفسنا من الحصار

هآرتس

أسرة التحرير 6/6/2010

الإخفاق الاستخباري والتخطيط العليل لحملة السيطرة على "مرمرة" تدحرجا كلمح البصر ليصبحا أزمة في العلاقات الخارجية لإسرائيل، وليضعا مكانة إسرائيل في الدرك الأسفل أمام الرأي العام العالمي، والأسرة الدولية تطالب بالتحقيق في الحدث وتوجه انتقادات لاذعة للحصار الذي تفرضه إسرائيل على مليون ونصف المليون من سكان غزة، وهناك حكومات صديقة كالولايات المتحدة وفرنسا تطالب الحكومة برفع القيود عن نقل البضائع والمواد الخام المخصصة للاستخدامات المدنية إلى القطاع.

اضافة اعلان

رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، على عادته، سارع إلى امتشاق التهديد الإيراني وإنعاش فكرة "العالم كله ضدنا". وبدلا من البحث والعثور على النار التي تحرق منظومات العلاقات التي بنيت بكد شديد، يسير نتنياهو وراء وزير خارجيته المقاطع، أفيغدور ليبرمان، ويتهم العالم بالموقف المزدوج أخلاقيا تجاه إسرائيل. ولتخفيف المسؤولية عن الأزمة والهرب من واجب التغيير من الأساس لسياسته، يشوه نتنياهو الانتقاد ضد سياسة حكومة إسرائيل ويسوقه ككراهية ضد شعب إسرائيل.

نتنياهو وليبرمان يفرضان حصارا على دولة يهودية وديمقراطية زعمت بأنها ستكون نورا للأغيار، ويجعلانها دولة منبوذة. الخلاف على تجميد الاستيطان في الضفة والبناء في شرقي القدس سحق تماما الثقة السخية التي تلقتها إسرائيل بفضل إعلان نتنياهو عن تبني حل الدولتين. وفي الأسبوع الماضي صرف المؤتمر النووي الانتباه عن البرنامج النووي الإيراني نحو المسألة النووية الإسرائيلية. وقمة دول البحر الأبيض المتوسط، التي كان يفترض أن تفتتح في برشلونة اليوم (أمس الأحد)، ألغيت عقب رفض زعماء عرب مشاركة وزير الخارجية الإسرائيلي. ومحادثات التقارب تتخذ صورة الوصفة لتخليد الجمود السياسي.

حكومات معقولة في دول ديمقراطية تعمل حسب مصالح مواطنيها. ولكن حتى لو كان "العالم مزدوج الأخلاق"، كما يدعي نتنياهو، فإن عليه أن يغير من الأساس نهجه العدواني وإطار حكومته؛ إذ ليس في وسعه تغيير طبيعة العالم.

إن تحقيقا جذريا لحدث "مرمرة" ورفع الحصار المدني عن غزة هما خطوتان ضروريتان، ولكنهما بالتأكيد غير كافيتين. ومن أجل إنقاذ أنفسنا من الحصار الدولي، ومن مصيبة استراتيجية، فإن إسرائيل تحتاج حاجة ماسة وعلى عجل إلى سياسة أخرى.