لابديل عن المدرسة

فهد الخيطان

لاينكر القائمون على العملية التعليمية المخاطر المترتبة على عودة الطلبة لمدارسهم في ضوء الوضع الوبائي المقلق في الوقت الحالي. لكن الأردن ليس استثناء في هذا الشأن، فمعظم دول العالم اختارت استئناف التعليم في المدارس مع التحوط للتطورات وتدشين منصات للتعليم عن بعد.اضافة اعلان
مزيج من الشكلين في التعليم اعتمدته وزارة التربية في نصف مدارسها تقريبا التي تعاني الاكتظاظ، فأخذت بأسلوب التناوب في الحضور للمدرسة، فيما النصف الثاني بدوام مدرسي طيلة أيام الأسبوع.
هو عام استثنائي بلا شك في سائر مدارس العالم، وما كان بالإمكان الانتظار لحين انقضاء الجائحة، لأن ما من أحد في العالم يعلم نهاية لها، ولا موعدا لتوفر مطعوم للفيروس الخبيث.على العكس من ذلك هناك من أصحاب الاختصاص من يلوم الوزارة على عدم تبكير العام الدراسي لاستغلال الفترة التي تفصلنا عن فصل الشتاء، حيث تنتشر الإنفلونزا الموسمية ويختلط الأمر على المعنيين في تشخيص الإصابة بكورونا والتمييز بينها وبين الإنفلونزا.
ومن الصعب على الهيئات التدريسية والأهالي تحقيق امتثال تام من طرف الطلاب لقواعد التباعد الجسدي. ثمة مشكلة في تحقيق هذا الالتزام عند الكبار فكيف مع الصغار.
وفي اعتقادي أن الإجراءات المتشددة من لبس الكمامة وعدم الاختلاط ستفتر مع مرور الوقت، ويتخلى الطلبة عن السلوك الحذر. هذا هو حال الفئات اليافعة من الناس، ولن يكون مستغربا في وقت قريب تسجيل إصابات في صفوف الطلبة.
وزارة التربية ستطبق توصيات لجنة الأوبئة في هذا الشأن والتي تتلخص بالتبليغ عن الإصابة وتعطيل المدرسة 14 يوما والانتقال إلى التعليم عن بعد لطلبتها، وإجراء فحوصات طبية للطلاب المخالطين. وهى تقريبا القواعد نفسها التي تحكم التعامل مع أي اصابة تسجل في منشأة عامة أو خاصة.
أما المخاطر المترتبة على نقل الصغار فيروس كورونا للكبار من أهاليهم، فهى ذاتها التي نواجهها حاليا في حياتنا اليومية. وقد حصل مثل ذلك في مناسبات اجتماعية سجلت فيها اصابات في أوساط الكبار والأطفال. ومثلما نخشى اصابة كبار السن على يد الأطفال فإن الاحتمال قائم بشكل معكوس، خاصة مع عودة الحياة إلى طبيعتها في قطاعات اقتصادية.
لابديل عن المدرسة والانخراط الكامل في العملية التعليمية والتربوية، والتعليم عن بعد على أهميته لايمكن أن يحقق الغايات المنشودة من التفاعل بين المعلم والطالب، وتنمية الشخصية وبناء القدرات واكتساب الخبرات اللازمة لخوض تجارب الحياة القاسية.
ولعل في الجدل الدائر حول العودة للمدارس مفارقة عجيبة، ففي الوقت الذي تظهر فيه استطلاعات الرأي أغلبية غير مقتنعة بخطر كورونا، بل ترى فيه مؤامرة مدبرة، تبدي نسبة مماثلة تقريبا قلقا من فتح المدارس وخوفا على الأطفال من العودة إلى صفوفهم. وهي ذات النسبة إن لم تكن أكثر التي اعربي عن امتعاظها من التعليم عن بعد وسجلت اعتراضات وجيهة على الأسلوب عندما تم اعتماده قبل أشهر.