لاجئو الروهينغا يجترحون حياة جديدة من رحم المعاناة

مئات من الروهينغا في أحد المخيمات في بنغلادش -( ا ف ب )
مئات من الروهينغا في أحد المخيمات في بنغلادش -( ا ف ب )

كوكس بازار (بنغلادش)- يسعى العامل جمال (20 عاماً) من أقلية الروهينغا إلى إعادة بناء حياته في مخيم في بنغلادش بات بمثابة منزله وهو يحاول حمل الحجارة بعدما فقد ذراعه بإطلاق نار في بورما قبل عام ليفر على الاثر من حملة القوات الحكومية.اضافة اعلان
وقال جمال الذي انضم إلى نحو مليون شخص من أفراد الأقلية المسلمة المحرومة الجنسية في أكبر مخيم للاجئين في العالم "أحاول التأقلم مع العمل بهذا الوضع لكن الأمر يشكل تحدياً بدون ذراعي".
وأضاف الرجل الذي تم تغيير اسمه لحماية هويته وسيصبح والداً عما قريب "أريد أن أكسب بعض المال وأساعد عائلتي. يمنحني ذلك شعوراً جيدا".
وبدأ الكثير من الروهينغا مشاريع تجارية صغيرة أو فتحوا أكشاكاً أو عملوا على تعديل بنية الأكواخ الواقعة على سفوح التلال حيث تقيم الأقلية لتصبح الإقامة فيها لفترة طويلة أمراً ممكنا.
وتم استبدال الأكواخ المتآكلة والمراحيض القذرة التي طافت مع تدفق اللاجئين إلى بنغلادش في آب(اغسطس) العام الماضي ببنى تحتية أكثر ثباتاً. وأقيمت الآن طرقات معبدة وقنوات تصريف عبر المخيمات.
وبالنسبة للبعض، أتاح ذلك فرص عمل وشعوراً بوجود هدف بعد الأحداث المروعة التي شهدها هؤلاء في ولاية راخين البورمية.
أما جوهرة، التي تم كذلك تغيير اسمها، فتمضي يومها تحمل المياه لعمال البناء.
وقُطعت ذراعها خلال عملية دهم استهدفت قريتها عقب انطلاق الحملة الأمنية في 25 آب(اغسطس) العام الماضي. ولقي والداها وزوجها حتفهم خلال الأحداث.
وروت المرأة البالغة من العمر 40 عاما كيف حاولت الهرب للنجاة بنفسها قبل أن تتعرض إلى هجوم وحشي.
وقالت "لم أتمكن من الفرار. سقطت على الأرض وقطعوا ذراعي" بينما أشارت إلى وجهها المشوه اثر إصابة عميقة بساطور ادت كذلك الى فقدانها إحدى عينيها.
وإضافة إلى الندوب، لا تزال تعاني من آلام في الرأس.
ورغم طبيعته المتواضعة، إلا أن عملها سمح لها بمساعدة ابنة شقيقها وشقيتها بعدما خسرت زوجها خلال الحملة الأمنية العنيفة في بورما التي أحرقت على إثرها قرى بأكملها.
واعتبرت الأمم المتحدة أن حملة السلطات البورمية ترقى إلى تطهير عرقي.
ودفع العنف فرج الله إلى عبور الحدود حيث فتح صالون حلاقة في أيار(مايو) بعدما استدان من أصدقائه لشراء الموارد لعمله الذي أسسه تحت خيمة قبل أن ينمو سريعا ليتمكن من تحويل المكان إلى مبنى من الاسمنت.
لكن رغم أنه يعد في وضع يحسد عليه وسط الفقر المحيط به، لا يزال الحلاق البالغ من العمر 32 عاما يتطلع للعودة إلى بورما.
وقال "هذا وضع موقت. لا أنوي البقاء هنا أطول مما يجب. إذا تحقق السلام فسنعود".
وبعد عام من انطلاق أسوأ أزمة لاجئين منذ عقود، يخيم الملل والفراغ على التجمعات السكنية الضخمة في بنغلادش حيث يُمنع الروهينغا من دخول المدارس وتولي الوظائف.
ولم ير مئات الآلاف من الأطفال صفا دراسيا منذ عبروا الحدود ما يؤدي الى خطر تحولهم إلى "جيل ضائع"، وفق تحذيرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).
وفي تحد لهذه الظروف، يقرأ عرفات أي كتاب باللغة الإنكليزية ينجح في الحصول عليه في محاولة لعدم الانقطاع عن مادته المفضلة.
لكن الشاب البالغ من العمر 18 عاما يشعر بأن مهاراته تتدهور، ما يهدد أحلامه بأن يصبح استاذا.
وقال في ممر حيث كان برفقة أصدقائه "أرغب بالتعلم لكن لا توجد مدرسة. لا أعرف ماذا سيحصل في المستقبل".
وتحيط نقاط تفتيش عسكرية بالمخيمات المغلقة. وبحسب الشرطة، حاول أكثر من 58 ألفا من الروهينغا الفرار من دون جدوى منذ تدفق اللاجئين في آب(اغسطس).
وبين هؤلاء شمس العالم، وهو مزارع ووالد لثلاثة أطفال يبلغ من العمر 28 عاما، والذي يحاول جاهدا العثور على عمل لتوفير حاجات لا تقتصر فقط على معونات الرز والعدس التي تعيش العائلة عليها.
وحاول القيام بأعمال داخل المخيمات لكن المنافسة كانت شرسة ما أجبره على كسر القواعد فألقي القبض عليه أثناء محاولته الهرب.
وقال "لا يوجد ما أقوم به هنا. لا يمكننا العمل في الخارج. كل ما أريده هو القيام بشيء ما".
ويقوم آخرون بطقوس صغيرة لإلهاء أنفسهم عن التعاسة التي تعم المخيمات.
وكل يوم على مدى عام، يتجه عبد الغفور نحو جبال بورما البعيدة ويبحث عن إشارة هاتف للتواصل مع عائلته.
ويتجمع نحو عشرة أشخاص آخرين على قمة التلة ذاتها كل مساء بانتظار معرفة آخر الأخبار من وطنهم.
وفي بعض الأحيان، ينجح عبد الغفور في التقاط إشارة ضعيفة ويبعث بالرسائل النصية أو يتصل بشقيقه أو حماته مبتسما في وقت تحاول طفلته الرضيعة الإمساك بالهاتف.
وقال "نشتاق إليهم. كلما سمحت لنا الفرصة، نتحدث إليهم. إنه شعور رائع".- (أ ف ب)