لا أريد أن أعرفهم

لا أريد أن أعرفهم
لا أريد أن أعرفهم

 

 ياعيل باز ميلميد- معاريف

"اعرفهم وستحبهم"، تقول جملة قصيرة وموجزة في معظم الحالات ليس هناك أصح منها. وهي تنطوي على افتراض بأن المعرفة الأكثر وثوقا بشخص ما، أو مجموعة من الناس، تعرضوا للوصمات المسبقة دون معرفتهم حقا، ستؤدي إلى شطب جزء من تلك الوصمات وإلى رؤية مغايرة، أكثر عطفا.

اضافة اعلان

كل هذا، لأسفي، ليس صحيحا عندما يدور الحديث عن أجزاء معينة من المجتمع المنسجم جدا للأصوليين، والذي واضح مسبقا بأن كل تعميم بشأنهم يوجد فيه نوع من التشويه. ومع ذلك، من الصعب على المرء الا يعمم. لعشرات السنين وهم يعيشون معنا ظاهرا، وبين ظهرانينا ظاهرا، أما عمليا فليست لدينا أدنى فكرة من هم وما هم.

نحن نعرف بضع حقائق أساس، مثل تلك، المثيرة على نحو خاص للحفيظة بأن الكثيرين منهم لا يخدمون في الجيش، وأن عائلاتهم كبيرة جدا، وان جزءا من الرجال لا يعملون الا في تعلم التوراة ولا يخرجون إلى العمل كي يعيلوا عائلاتهم الكبيرة. وهم يعتقدون عنا نحن العلمانيين، أمورا أشد وأقسى بكثير. وهذا ليس موقفا استهلاليا مناسبا للتقارب حقا.

في الاسابيع الاخيرة كانت لنا فرصة للتعرف عليهم بشكل افضل. فقد بدأ هذا بالاضطرابات الشديدة في القدس على فتح موقف سيارات كارتا في ايام السبت، وتعاظم إلى حجوم مخيفة في اعقاب ما سمي بقضية "الام المجوّعة".

بعض من الاهتمام الذي يبديه الجمهور لمصير طفل صغير ابن ثلاث سنوات ونصف، جوع حتى الموت تقريبا، وأمه، التي حسب الاشتباه بذلت كل جهد مستطاع كي لا يتحسن وضعه الصعب، ينبع أيضا من الفرصة التي أعطيت للجمهور الغفير للاطلاع للحظة على العالم الغريب وغير المعروف لطائفة مثل "تولدوت أهران".

بعض المعرفة ليس فقط لا تجلب المحبة، بل العكس بالضبط هو الذي حصل. قشعريرة تملكت الكثيرين لمشهد مئات من اهالي "تولدوت" هذه، ممن يحمون بتفانٍ أما مشبوهة بفعل على هذا القدر من الفظاعة. كما أن مئات الشبان والاطفال الذين خرجوا في ايام السبت ليرشقوا الحجارة ويعربدوا في القدس لم يحدثوا محبة كبيرة، بل فهم في أن الشرخ أعمق بكثير مما كنا نعرف، وكلما عرفنا، هكذا يتعمق.

أين يمكن أن يمر الخط الذي يربط بين مجتمع علماني، يؤمن بقيم الديمقراطية، المساواة والليبرالية، وبين مجتمع منعزل كل رغبته هي أن يقيم هنا دولة "شريعة"؟ لماذا سنرغب على الاطلاق في أن نتعرف على طائفة تطلب بكل القوة ضد اطباء يحاولون انقاذ طفل واحد صغير عديم الحيلة. لماذا سنرغب في أن نتحدث وان نكون "شعبا واحدا" مع كل اولئك الطلاب الدينيين العنيفين؟

لا توجد أي مواساة في أن ما نحن نفكر به عنهم، يفكرون به عنا، وبتطرف اكبر. يكفي أن نسمع الوزير السابق شلومو بينزري يستخرج من المخزن العفن الادعاء الممجوج بشأن تنطح الاشكنازيين للشرقيين المساكين، والذي هو فقط، وليس أفعاله، هو الذريعة لتشديد عقابه ورفعه إلى أربع سنوات. ها هو وجه آخر للصدع الكبير، غير القابل للجسر.

احصاء مخزون عدد "الشعوب" التي يتشكل منها المجتمع الإسرائيلي بشع جدا، وهو اغلب الظن لا يسير نحو التغير. وعليه، لأسفنا، ملزمون بأن نحافظ على فصل القوات. فليعيشوا هم حياتهم ونحن حياتنا دون أن "نعرف" الواحد الاخر. ومن هنا، فإن كل كفاح لسكان حي ما، مثل كفاح سكان حي رمات افيف، ممن يحاولون منع سيطرة الأصوليين على أجزاء من حيهم الهادئ، محق وسليم. فليس لنا ما نبحث عنه في بني براك ومئة شعاريم وليس لهم ما يبحثون عنه في رمات افيف واحياء مشابهة له. نعم، فصل مطلق. لا مفر من التخلي عن حلم شعب واحد.