لا أعباء مالية لإقرار "حقوق الطفل"

أطفال يلعبون داخل حضانة في عمان-(أرشيفية)
أطفال يلعبون داخل حضانة في عمان-(أرشيفية)
نادين النمري عمان - فند خبراء ادعاءات تحميل الموازنة العامة أعباء إضافية بإقرار الحكومة لقانون حقوق الطفل، مبينين أن مخصصات الطفل موجودة أساسا ضمن موازنات الجهات الحكومية المعنية بتلبية حقوق الطفل، وعليه فإن إعادة توزيعها بين بنود موازنات البرامج المتعلقة بالطفل سيلغي حتماً أي تكاليف أو أعباء مالية إضافية في حال إنفاذ قانون حقوق الطفل. وقال هؤلاء خلال أعمال ورشة دعم كسب وتأييد لإقرار مشروع القانون العالق في رئاسة الوزراء منذ آذار (مارس) 2019، إن "إقرار القانون على المدى البعيد سيكون له عوائد اقتصادية واجتماعية عالية"، مشددين على أن إعادة توجيه المخصصات المالية الخاصة بالطفل بطريقة مجدية تحقق الكفاءة والفعالية من الإنفاق الحكومي. وعانى مشروع قانون حقوق الطفل من تعثر كبير في إقراره، إذ خرجت أول مسودة للقانون في العام 1998 لكنها بقيت حبيسة أدراج مجلس النواب حتى العام 2003 عندما سحبتها الحكومة، ليصار إلى إعداد مسودة قانون جديد من قبل المجلس الوطني لشؤون الأسرة والتي رفعت إلى الحكومة في آذار (مارس) 2019، وهي منظورة في ديوان التشريع والرأي حاليا. وبحسب دراسة الأثر المالي لمشروع لقانون فإن كلفته تقدر بنحو 78 مليون دينار مقسمة على 25 مليون للسنة الأولى، و26 مليونا للسنة الثانية و27 مليونا للسنة الثالثة، فيما تتركز هذه الكلف على قطاعي التعليم والصحة. ووفقا لدراسة الأثر المالي فإن مشروع القانون يدعو إلى تعزيز الخدمات الصحية بشمول الأطفال غير المؤمنين بخدمات الرعاية الصحية الأولية بكلفة 56 مليون. وتعزيز الخدمات التعليمية والتوسع نحو زيادة المراحل التعليمية الإلزامية بما فيها رياض الأطفال بكلفة 21 مليون دينار. يقول الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة الدكتور محمد مقدادي إن إقرار قانون الطفل ينبع من عدة جوانب أولها الحاجة التشريعية الماسة للقانون باعتباره حاجة وطنية والتزاما دوليا على عاتق الدول، وثانيها ربط الأثر المالي للقانون بالنفقات العامة بالمديين المتوسط والبعيد والذي يضمن عدم التضخم والزيادات المطردة بالنفقات العامة مستقبلا وبما يتماشى مع مبدأ "الوقاية خير من العلاج". وينسحب ذلك على محاور الرعاية الصحية والتعليم والرعاية البديلة وأيضا دور القانون في حال إقراره في تحسين وتطوير وترسيخ للخدمات وحماية الطفل بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة التي اعتمدتها الحكومة بتطوير جودة خدماتها. وتساءل، "كم من الأموال تخصص كل عام سواء من موازنة الدولة والمؤسسات المانحة لمحاولة معالجة تلك المشاكل الآخذة بالتزايد.. أليست هذه أسبابًا كافية لأن يكون لدينا قانون لحقوق الأطفال؟" وتابع، إن "جميع ما تضمنته مسودة مشروع القانون لا يتضمن أي قضية جدلية فهو قانون حقوقي تنموي استثماري والمهم أنه لا يتعارض بأي شكل مع توجهات الحكومات المتعاقبة في خططها المعلنة". من جانبه قال مساعد الأمين العام لوزارة التنمية الاجتماعية للإدارة والتطوير عايش العواملة إن "تطبيق أحكام قانون حقوق الطفل سيؤدي حتما إلى تحقيق إيجابيات متعلقة بالمصلحة الفضلى للطفل من حيث نمائه نفسيا وتربويا واجتماعيا. كما سيؤدي إلى وفر بالموازنات المرصودة في برامج الرعاية الاجتماعية لمختلف فئات الأطفال سواء الأيتام أو الإعاقة أو المعنفين أو فاقدي السند الأسري ممن سيشملهم تطبيق هذه الأحكام. ولفت العواملة إلى أن كلفة الطفل الواحد في دور الرعاية تبلغ 650 إلى 700 دينار شهريا فيما تبلغ كلفة الطفل في الرعاية البديلة 100 إلى 150 دينار شهريا ما يعني أن تطبيق أحكام القانون سيؤدي إلى وفر يقارب 550 دينار لكل طفل. وفي ورقة قدمتها الخبيرة ومستشارة المجلس الدكتورة أروى النجداوي حول الموازنات الصديقة للطفل قالت، إن "مخصصات الطفل هي أصلاً موجودة ضمن موازنات الجهات الحكومية الرئيسية المعنية بتلبية حقوق الطفل، فإن إعادة توزيع مخصصات الطفل بين بنود موازنات البرامج المتعلقة بالطفل سيلغي حتماً أي تكاليف أو أعباء مالية إضافية في حال إنفاذ قانون حقوق الطفل". وأضافت، إن إقرار قانون حقوق الطفل في الأردن أصبح لزاماً دستورياً، في ظل ما نص عليه الدستور الأردني، بالإضافة لمصادقة الأردن على اتفاقية حقوق الطفل الدولية، والتزامه بتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030. وشددت على ضرورة قيام الجهات الحكومية المعنية بشكل رئيس بحقوق الطفل (وزارة التنمية الاجتماعية، وزارة التربية والتعليم، وزارة الصحة) بإعادة النظر في توزيع مخصصات الطفل بين بنود موازنات البرامج، وبما يضمن الاستجابة لمتطلبات مشروع قانون حقوق الطفل، وتنفيذ البرامج ذات الأولوية المختارة وتوجيه المخصصات المالية الخاصة بالطفل بطريقة مجدية تحقق الكفاءة والفعالية من الانفاق الحكومي مع الأخذ بعين الاعتبار الأثر الاقتصادي والاجتماعي طويل المدى على الاستثمار بالطفل. وفي دراسة قدمتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" حول الأثر المالي والاقتصادي والاجتماعي لإقرار القانون فإن كلفة القانون تقدر بنحو 77 مليون دينار منها 56 مليونا في القطاع الصحي، وقطاع التعليم 21 مليونا. لكن الدراسة أوضحت أن إعادة التوزيع للموارد والنفقات سيساهم في تحقيق وفر مالي، لافتة على سبيل المثال أن متوسط تكلفة الرعاية البديلة ضمن الأسر 143 دينارا لكل طفل شهريا مقابل 714 دينارا في دور الرعاية أي أن الرعاية البديلة تبلغ كلفتها أقل بخمس مرات وهو ما يمكن تحقيقه في حال إقرار القانون. وبين الخبير في مجال التربوي الدكتور زياد الطويسي أن "الاستثمار في التعليم المبكر لصفوف الروضة الأولى والثانية يعد من أكثر الاستثمارات عائدا إذ يبلغ العائد مقابل كل دولار يتم إنفاقه على التعليم في هذه المرحلة نحو 19.5 دولار"، لافتا إلى أن 70 % من الطلبة يتحسن تحصيلهم التعليمي في حال التحقوا برياض الأطفال. واعتبر الطويسي أن مشروع قانون حقوق الطفل يعد دافعا لتغيير العلاقة بين مكونات العملية التعليمية للتركيز على المستفيدين، ويعد مقدمة لتشريعات أخرى تعزز النظام. وحول الأسباب الموجبة لقانون حقوق الطفل، أشارت الخبيرة والمستشارة القانونية الدكتورة حنان الظاهر إلى غياب آلية تنفيذية وتشريعية للتنسيق بين الجهات المختلفة المسؤولة عن حماية الطفل وبالتالي هناك ضرورة لإيجاد تشريع ينظم العلاقة بين هذه الجهات لضمان منح الحقوق للأطفال بصورة صحيحة. وقالت، "لقد ظهرت بعض القضايا الاجتماعية التي تهم الأطفال والتي تحتاج بدورها لسن وإصدار قانون يعالج أحكامها بشكل واضح ومستقل. ورأت الظاهر في بنود القانون بيئة تشريعية ملائمة لحل مشكلة ضعف الموارد المالية التي تخص الأطفال والسياسات المتعلقة بهم، فتظهر الحاجة إلى النص على توجيه الموازنات العامة بما يخدم حقوق الأطفال ويضمن تطبيقها. من ناحيتها قالت مديرة وحدة التشريعات في المجلس نائلة الصرايرة إن مشروع القانون رسم المبادئ الأساسية للطفل في مواده الأولى بالحق بالحياة والتعليم والحفاظ على كرامته. ومنع التمييز والحفظ على استقراره الاجتماعي وحق منح الطفل إبداء رأيه والتوعية بالحقوق وتأهيل العاملين وتدريبهم على تطبيق حقوق الطفل بأكمل وجه، لافتة إلى أن الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان والتي أطلقت في العام 2016 تضمنت جدولا زمنيا وأدوات قياس.اضافة اعلان