لا تخذلونا فقد مللنا الانتظار!

لا شك ان اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية تقع على عاتقها مسؤوليات دقيقة ابرزها اقناع الأردنيين أن زمن الإصلاح أزف، وان لدى اعضاء اللجنة جدية حقيقية لتقديم رؤية اصلاحية ندلف بها المئوية الثانية من عمر الدولة، وهذا يتطلب اجتراح افكار اصلاحية تتناسب مع الرؤية المستقبلية للدولة، ونستطيع من خلالها التقدم الى الامام دون الدوران في دوائر مغلقة، او مواصلة الالتفاف حول انفسنا. هذا يتطلب ان تعمل اللجنة بشكل محترف ومختلف وان يقتنع الاعضاء الذي أوكل لهم مهمة اصلاح قوانين الانتخاب والبلديات والاحزاب وتعديلات دستورية ان دورهم مختلف وعليهم محاكاة مرحلة مقبلة تؤسس لدولة حديثة بعيدا عن الفكر المناطقي او الجهوي او العشائري او العائلي، ويحضر فكر الدولة الجامعة التي تقوم على ان الدولة للجميع دون استثناء، وهذا سيضع القطار في بداية الطريق السليم ويجعل اولئك الذين يتقولون ويراهنون ويشككون يقفون جانبا عندما يرون ان المنتج الذي تم تقديمه يحاكي رؤية اصلاحية حقيقية، ومن شأنه إخراجنا من المنطقة الرمادية التي جلسنا فيها مطولا. ولذلك فإن مقدمة القول هو التأسيس بأن الإصلاح بحاجة لإرادة، والإرادة بحاجة لمنظومة متكاملة من التشريعات تحكم عملها، وهذا ما يتوجب ان نتعامل معه لتنفيذ اي رؤية اصلاحية مقبلة، وذاك بحاجة لتراجع كل المرجعيات التي كان لها دور في العملية الانتخابية وتقديم الفكر الاصلاحي الحقيقي المبني على رؤية حديثة عمادها دولة القانون والمؤسسات والعدالة والمواطنة والشفافية والمصارحة ومحاربة الواسطة والمحسوبية والتأسيس للحكم الرشيد. "لجنة الإصلاح" عليها مسؤولية مزدوجة ليس البحث عن نظم انتخابية مختلفة فقط، وانما تقديم مشروع قانون انتخاب يتناسب مع الاردنيين وتطلعاتهم، وهنا يتوجب ملاحظة ان قصة اصلاح قانون الانتخاب لا تقف عند مواده فقط، وانما تعزيز منظومة الاصلاح بحيث تقل التدخلات وينقرض المال الاسود، والسماح للقوائم الانتخابية والاحزاب الوصول لقبة البرلمان من خلال وضع ارضية تساعدها في تحقيق ذلك ووقف الاستهتار الذي نلمسه عند حديث مسؤولين في غرف مغلقة عن الاحزاب، اذ لا يمكن ان نطور نظامنا الاصلاحي كلاميا او من خلال الشعارات دون ان نقتنع داخليا بالاصلاح كهدف ورسالة وفكر، وهذا يعني وضع كل ما يحول دون ذلك على الطاولة والتعامل معها بشفافية واقعية وحقيقية، فبدون الاعتراف بالمشكلة والاتفاق على حلها لا يمكن ان نخرج بنتائج ملموسة وافكار ابداعية. نحن لا نحتاج لقانون انتخاب او احزاب فحسب وانما حاجتنا لفكر يرفض التدخل في الانتخابات ويعزز منظومة الشفافية، ويؤمن بالأحزاب كمؤسسات مدنية سياسية من حقها ان تشكل الحكومات المستقبلية من خلال برامج سياسية واقتصادية واجتماعية، تطرحها من خلال قبة البرلمان وتكافح بهدف تطبيقها. ويحضر في هذا الجانب ايضا ان اي تعديلات دستورية يمكن التوصية بها يتوجب ان تتوافق مع الرؤية المسقبلية التي نخطط لها والتي نضع من خلالها قدمنا على الطريق الصحيح، فأي تعديلات يمكن التوصية بها يجب ان تأخذ بعين الاعتبار ان مهمة اللجنة هو التخطيط للمئوية الثانية للدولة، ومهمتها التأسيس دستوريا لذلك، وان تضع اللجنة نصب اعينها ان الأردنيين يطمحون للكثير من التعديلات الممكنة بما يحفظ رؤية الدولة الحديثة في الاصلاح والديمقراطية، والأردنيون ليس مشكلتهم فقط وضع علامات سؤال واستفهام على كل جديد، وانما الخوف منه واستحضار تجارب سابقة لتبرير ذلك الخوف، وبالتالي فإن لجنة اصلاح المنظومة السياسية يتوجب ان تترافق معها لجان اخرى لمعالجة الاوضاع الاقتصادية ومعالجة الوضع الاداري المترهل الذي بات يؤثر علينا انتاجا وتنافسية. بات ضروريا ان ندخل مئويتنا الجديدة متسلحين بإصلاحات دستورية وسياسية، وكذلك اقتصادية وادارية ووضع خطط قابلة للتنفيذ لمعالجة وضع اقتصادي قاس وترهل اداري اكثر قسوة.اضافة اعلان