لا تقصفوا إيران!

كارولين فوريست (لوموند) 11/11/2011

 

ترجمة: مدني قصري

اضافة اعلان

لا شك أن الثيوقراطية الإيرانية عدو خطير ومشؤوم. ويمثل المجنون "المُنقذ" الذي تستعمله هذه الثيوقراطية رئيسا لها، محمود أحمدي نجاد، خطرا حقيقيا. ولا ينبغي إهمال رغبته المتكررة في تهديد دول المنطقة وإعارتها أذناً صماء. كما أن احتمال تزوّد إيران بالقنبلة النووية -الذي يؤكده تقرير الوكالة الدولية للطاقة النووية- هو احتمال مُرعب فعلاً. ومع ذلك، فليس هناك شيء أسوأ وأخطر على المنطقة من رؤية الحكومة الإسرائيلية وهي تفقد أعصابها وتقصف إيران في النهاية.
هناك ألف ذريعة وذريعة تقدمها الحكومة الإسرائيلية للتخفيف من تأثير عواقب مثل هذه العملية. حسبها أن تضرب حلقة في السلسلة لتأجيل البرنامج النووي الإيراني لعشرين أو ثلاثين عاما مقبلة. تكفي ضربة جراحية، كما كان الشأن في العراق قبل بضعة أعوام، فلن يكون الأمر أكثر تعقيدا ولا أكثر خطورة. وربما لن تعارض بعض الدول الخليجية التي نعرف مخاوفها من منافستها الشيعية في فتح مجالها الجوي لتنفيذ الضربة. وباختصار نقول: سيكون كل شيء أفضل في أفضل العالم، إلا أن هذا العالم لا وجود له.
نستطيع أن نثق في النظام الإيراني الذي يقول إنه دفن منشآته النووية تحت مواقع مُحاطة بالمدنيين. فالضربات إذن سوف تؤدي إلى وقوع ضحايا. وهذه الضربات، وهؤلاء الأموات سوف يثيرن، منطقيا، السخط والتنديد، في عالم يعيش اليوم في حالة غليان. والحال أن الزعامة الأميركية منكسة اليوم، وأوروبا غارقة في ديونها، والحركات الإسلامية بدأت تجني ثمار "الربيع العربي". وما تزال الصين وروسيا بلا ثقل كما كانتا دوما. وفي هذا السياق، فإن الضربة الإسرائيلية فوق التراب الإيراني، تنبئ بتبعات جديرة بأن توصف حقا بالكارثة النووية، على الصعيد السياسي.
لا شك أن الأثر الأول للضربة الإسرائيلية سيكون دفْع الشعب الإيراني إلى تقوية الصفوف والالتفاف حول نظام يمقته مع ذلك ويعاديه. وسيكون من مظاهر الأثر أيضا إيقاف التعفن الداخلي الذي يقضم رجال الدين. لقد صار محمود أحمدي نجاد في الوقت الحالي أكثر هشاشة من أي وقت مضى. أما المرشد الأعلى الذي يبث الحماسة فيه، فقد صار يتردد في إقصائه من الحكم. ولتلك الأسباب، فإن الضربة الإسرائلية قد تنقذه. كما أنها قد تمنح قليلا من الأكسجين للرئيس السوري بشار الأسد، ولإباداته التي يزداد التنديد بها يوما بعد يوم، حتى في داخل الجامعة العربية نفسها. وبالتأكيد سوف تحفز أي ضربة إسرائيلية قاسية الإخوان المسلمين في مصر التي يشتد فيها عودُهم. وسوف تعطي هذه الضربة، بشكل عام، دفعة قوية للإسلامويين في كل مكان. ناهيك عن خطر التهاب ظاهرة معاداة السامية التي باتت تتأجج أكثر فأكثر كلما وقعت إسرائيل في الخطأ. وذلك هو ما يحدث بالفعل في كثير من الأحيان. فعندئذ لن تجد الحكومة الإسرائيلية من يدافع عنها.
ربما تكون الإيجابية الوحيدة لمثل هذه الضربة هي أنها ستكون قادرة على إخراج الأوضاع من فوضاها. فبعد مثل هذه الضربة القوية سوف يتعين على إسرائيل أن تُوقف بناء المستوطنات، وأن تعيد وضْع عملية السلام على السكة، أو أن تعترف بدولة فلسطين في منظمة الأمم المتحدة. إن ما يشبه الطوباوية ليس شيئا آخر غير الحل الذي يُمليه العقل والمنطق، ألا وهو الشروع في أقرب وقت ممكن في إيقاف عملية التصعيد في الشرق الأوسط. لا يجب إعطاء أي فرصة لإيران للحصول على أي دعم من أي جهة كانت. وحتى يتمكن المجتمع الدولي من اتخاذ الإجراءات المطلوبة، لا بد من قطْع كل العلاقات مع إيران، على أمل أن يسقط هذا النظام، قبل أن يحصل على القنبلة فعلا!


*نشر هذا المقال تحت عنوان:
 Ne bombardez pas l'Iran

[email protected]