لا تنازل عن حق العودة والقدس

يبدو أن المفاوضات بين السلطة الوطنية الفلسطينة والحكومة الإسرائيلية، قد دخلت مرحلة حاسمة وشديدة الخطورة والتعقيد. والدليل على ذلك الحديث المستمر، والاتصالات المكثفة التي تقوم بها كافة الأطراف المشاركة في المفاوضات، والطرف الراعي لهذه المفاوضات الولايات المتحدة الأميركية، حول قضايا اللاجئين الفلسطينيين وحق العودة والتعويض ومدينة القدس المحتلة ومصيرها، والتواجد الإسرائيلي في الأغوار. اضافة اعلان
ويبدو، أيضا، مما يُنشر من تصريحات حول سير المفاوضات، أن قضية اللاجئين وحق عودتهم إلى وطنهم، تشكل نقطة مفصلية ومهمة، ولن يُكتب للمفاوضات نجاح إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق حول هذه النقطة. وكان حق العودة، وقضية القدس، سببا مباشرا لفشل مفاوضات سابقة، وبالتحديد مفاوضات كامب ديفيد العام 2000، عندما رفض الرئيس الفلسطيني الراحل ياسرعرفات الضغوط الأميركية والإسرائيلية، وأصر على حق العودة، والقدس عاصمة لدولة فلسطين العتيدة.
ولن نتفاجأ إذا ما فشلت المفاوضات الحالية، بالرغم من كل الجهود التي تُبذل لإنجاحها. وطبعا، الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة الأميركية، راعية المفاوضات، لإنجاح هذه المفاوضات، ما هي إلا ضغوط تمارسها أميركا، ممثلة بوزير خارجيتها جون كيري على السلطة الفلسطينية بالدرجة الأولى، وذلك لتقبل بما تطرحه إسرائيل بخصوص اللاجئين والقدس والمستوطنات، والتواجد العسكري في المناطق الحدودية مع الأردن.
قد يتم التغلب على بعض العقبات المفصلية، من خلال إرغام السلطة الفلسطينية على قبول الأمر الواقع. إلا أن إرغامها على قبول الأمر الواقع بشأن القدس واللاجئين، سيفجر المفاوضات، ويوصلها إلى نهاية غير سعيدة على الإطلاق، مثلها مثل مفاوضات قبلها، وخصوصا كامب ديفيد العام 2000.
فإسرائيل ترفض التنازل عن القدس، وقد زرعتها بالمستوطنات، وهي تعمل على تهويد حتى المسجد الأقصى. كما ترفض الموافقة على حق اللاجئين في العودة، كما ترفض حتى حلولا شكلية على هذا الصعيد، على شاكلة الموافقة على عودة مئات من الفلسطينيين ضمن برنامج لم الشمل، للتغلب على عقبة حق العودة.
لا يبدو، مما يقدم إسرائيليا وأميركيا، أن الأمور تتجه إلى حل القضية الفلسطينية حلا عادلا وشاملا، وإنما هو حل على حساب الفلسطينيين وأرضهم ومقدساتهم ودولتهم. وأعتقد أن السلطة لو وافقت على ما يطرح عليها من حلول، وخصوصا فيما يتعلق باللاجئين، فإنها تقضي على نفسها، وعلى وجودها وقدرتها على التعامل مع المشهد الفلسطيني.
لن يقبل الفلسطينيون (الشعب)، داخل فلسطين وخارجها، أي حلول لا تضمن حق العودة الحقيقي وليس الشكلي. ولن يرضوا أن تُحلّ قضيتهم من خلال تهجير جديد، أو توطين. لقد قدم العرب شهداء وتضحيات كبيرة من أجل فلسطين، ولن يقبلوا بحلول تصفوية، تستغل الظروف الحالية، لتقضي على قضيتهم المركزية.

[email protected]

m1962swedan@