لا لتخويف موريس ونتنياهو

هآرتس ميرون ربابورت المقابلة مع البروفيسور بيني موريس (عوفر اديرت، "ملحق هآرتس"، 9/1) هي مقابلة مضللة. من جهة، موريس يدعي أنه لا يوجد احتمال للتوصل إلى اتفاق سياسي مع الفلسطينيين لأن هدفهم هو القضاء على الصهيونية ومحو دولة إسرائيل. ومن جهة اخرى يزعم أنه بالضبط لعدم وجود احتمال لاتفاق مع الفلسطينيين، فإن دولة إسرائيل ستنهار، واليهود سيتحولون إلى اقلية مضطهدة. والطريق الوحيدة لهم للهرب من الذبح سيكون الهرب إلى أميركا أو اوروبا. حلقة مفرغة لا يمكن الخروج منها: اذا توصلت إسرائيل إلى اتفاق مع الفلسطينيين، فهي ستمحى لأن هذا ما يتطلع الفلسطينيون اليه. واذا لم تصنع اتفاقا أيضا ستمحى. الفرضية التي تقول بعدم وجود فرصة للتسوية مع الفلسطينيين لأنهم يريدون كل البلاد، وليسوا مستعدين للتسليم بوجود دولة إسرائيل، هي حجر الاساس في الفلسفة السياسية لنتنياهو. صحيح أن اهود باراك غرس بذور نظرية "لا يوجد شريك"، لكن نتنياهو حول هذه الرؤية إلى مسلّمة، ومنها يشتق سياسته العملية. ولأن الفلسطينيين يريدون القضاء على إسرائيل، وهم لن يعترفوا بوجودها في أي يوم، فخسارة أن نبدد الوقت على المفاوضات. يجب العمل على أن تكون إسرائيل أقوى من الفلسطينيين ومن اعدائها المحتملين، وفي المقام الاول إيران. في هذه الاثناء يجب الحفاظ على الوضع الراهن. نتنياهو يستخف بجميع النبوءات التي تقول إن غياب العملية السياسية ستؤدي إلى عزل إسرائيل والمس بمكانتها. حسب رأيه، حقيقة أن إسرائيل توجد على خط الجبهة للغرب مع الاسلام المتطرف، هي الضمانة لنجاحها. في نظره مقولة "للأبد سنحمل السيف" ليست نبوءة غضب، بل وصف للوضع. رغم أن موريس يعتقد أن نتنياهو هو الزعيم الافضل الذي يمكن لإسرائيل أن تضعه الآن، إلا أنه لا يوافق مع استنتاجاته. يبدو أن موريس كمؤرخ يعرف أنه في التاريخ لا يوجد فراغ، وليس هناك وضع قائم. لذلك هو يفهم أن التنازل عن فكرة الدولتين سيؤدي في نهاية الامر إلى دولة واحدة بحيث يكون اليهود فيها اقلية أو اكثرية صغيرة جدا. أيضا من هو مثلي، لا يعتقد أن الامر الاول الذي سيفعله الفلسطينيون عندما يتحولون هنا إلى اغلبية هو ذبح اليهود، مجبر على الاعتراف أن هذه ستكون دولة إسرائيل مختلفة تماما عن الموجودة الآن. الكثير من اليهود في إسرائيل هم على الطيف الذي يقع بين نتنياهو وموريس. من جهة، هم يعتقدون أنه لا يمكن التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين، وفي كل الاحوال، الوضع الراهن مفضل من ناحيتهم على التسوية. ومن جهة اخرى هم يخشون من أن الوضع الراهن سيقود إسرائيل إلى كارثة. الكثير من اليهود في إسرائيل يكونون في يوم مع نتنياهو وفي يوم آخر مع موريس. في يوم يؤمنون بخلود الوضع الراهن وفي الغد يقتنعون بأن هذا الوضع سيسقط على رؤوسهم. هذا البندول العاطفي، هكذا يبدو، ينعكس أيضا على الانتخابات. منذ فترة طويلة لم تكن هناك حملة انتخابات مشوشة بهذا القدر، عديمة المحور الرئيسي. للاسف الشديد، الجمهور اعتاد على أن الوسط – يسار غير قادر على طرح أي أفق سياسي. ولكن في هذه المرة أيضا لا يوجد لليمين حقا ما يطرحه. عندما يكون ترامب في البيت الابيض والعالم العربي في حالة انهيار، كانت لحكومة اليمين فرصة لمرة واحدة لتغيير الواقع السياسي باتجاه ضم جزئي أو كامل، وهذا لم يحدث. ليس عبثا أن الشعار الرئيسي في تبريرات نفتالي بينيت وأييليت شكيد لاقامة حزب اليمين الجديد هو أنهم وصلوا إلى ذروة التأثير. تزايد الاحزاب والانقسام في اليمين وفي الوسط – يسار هو الدليل على اضاعة الطريق للنظام السياسي في إسرائيل، وعلى الاعتراف بعدم قدرتها على تغيير الوضع والخروج من الحلقة المفرغة التي اشار اليها موريس. يمكن تفهم موريس ونتنياهو ومعظم الجمهور أيضا. احد اسباب الشعور بعدم وجود حل للنزاع هو حقيقة أن الحلول الموضوعة على الطاولة لا تناسب الواقع على الارض. سواء حل الفصل، في وضع فيه المجموعتان السكانيتان الواحدة متداخله فيه مع الاخرى، أو حل الدولة الواحدة الذي يعتبر ملغيا لحق تقرير المصير للشعبين، وأيضا ليس الوضع الراهن الذي يقود إلى الابرتهايد، والذي حتى من يؤيدونه للمدى القصير يدركون أنه غير قابل للحياة على المدى البعيد. لذلك، هناك حاجة اخلاقية لتقديم حل جديد. حل من جهة يعترف بأنه بين النهر والبحر يوجد شعبان ولهما علاقة عميقة بكل البلاد. ومن جهة اخرى يعترف بحاجة كل شعب من الشعبين إلى تقرير المصير. حل يكون قائم على الشراكة والمساواة والاحترام المتبادل. باختصار، هذه هي فكرة "بلاد للجميع": دولتان مستقلتان، إسرائيل وفلسطين، تعيشان معا في اطار مشترك، مع مؤسسات مشتركة تحافظ على حقوق جميع المواطنين في كل مكان يختارون العيش فيه. شعبان يعيشان إلى جانب بعضهما وداخل بعضهما البعض من خلال الاعتراف بأن لهما حق في هذه البلاد. محظور الذهول من تخويفات موريس ونتنياهو. ممنوع الوقوع في اليأس وكأنه لا يوجد لنا نحن المواطنين تأثير على مستقبلنا. وكأننا لا نستطيع خلق واقع افضل. يجب طرح حلم ايجابي للمستقبل، والدفع به قدما على الارض والايمان بأنه ممكن. ازاء التشاؤم التفاؤلي لنتنياهو والتشاؤم التشاؤمي لموريس، نحن مجبرون على اعادة الاعتبار للتفاؤل.اضافة اعلان