لا مناص من تطوير "التوجيهي"

أعلنت مساء أمس نتائج امتحان الثانوية العامة "التوجيهي" للدورة الصيفية، ففرح بها من حقق النجاح وحصد علامات عالية، وغضب وحزن من فشل في اجتياز الامتحان الذي يعتبر من أهم الامتحانات، وأكثرها مصيرية في حياة المرء.اضافة اعلان
وقبل يومين، نشرت "الغد" تحقيقا استقصائيا حول عمليات غش وتسريب وبيع أسئلة "التوجيهي"، كشف الكثير من هذه العمليات، ما يؤشر سلبيا إلى الامتحان ونتائجه التي على ضوئها يحدد مصير الطالب في المستوى الجامعي.
تشهد الساحة المحلية نقاشا، منذ عدة سنوات، حول امتحان التوجيهي، وكيفية تطويره وتحسينه ليصبح امتحانا أكثر عدلا، ومقياسا حقيقيا لقدرة الطالب على إكمال تعليمه الجامعي في التخصص الأكاديمي المناسب. وبالرغم من طول فترة النقاش، وتعدد أساليبه، ومشاركة الكثيرين من المختصين والجهات المعنية، إلا أن الامتحان بقي على حاله، ولم يشهد أي تطوير.
غالبية المجتمع، وخصوصا المتخصصين والأكاديميين والخبراء، يدعون إلى تطوير الامتحان، حتى لا يبقى امتحانا يثير الرعب في صفوف الطلبة وأهاليهم. وكذلك، حتى يصبح امتحانا يقيس قدرات الطلبة، ويضعهم في المسلك الأكاديمي الصحيح.
ليس مناسبا على الإطلاق إطالة أمد النقاش حول تطوير امتحان التوجيهي بدون اتخاذ إجراءات حقيقية على الأرض؛ إذ إن إبقاء الأمر على حاله يضر بالعملية الدراسية الثانوية والجامعية. وتواصل النقاش حول "التوجيهي" منذ عدة سنوات، مع إقرار الغالبية بضرورة تطويره، يثير تساؤلا محقا، مفاده: ما الذي تنتظره وزارة التربية والتعليم والجهات المختصة لتحقيق ذلك؟
لقد نظمت عشرات المؤتمرات والندوات، وأجريت الدراسات لتطوير الامتحان، ولم يتخذ أي إجراء على أرض الواقع. وقد حان الوقت الآن لمعالجة هذا الأمر، والانتقال إلى مرحلة جديدة في امتحان التوجيهي، لإنهاء حالة الرعب التي يعيشها الطلبة والأهالي، ولتحقيق الأفضل على الصعيد الأكاديمي.
ليس ترفا تطوير "التوجيهي"، وإنما ضرورة يفرضها التطور العلمي والأكاديمي. ولا يجوز أن تظل وزارة التربية والتعليم تراوح مكانها في هذا الموضوع. وللأسف، فإن الوزارة تتعامل مع عملية تطوير التوجيهي بطريقة ارتجالية، مرتبطة بشكل كبير بشخصية الوزير. فإذا كان الوزير من المتحمسين لتطوير الامتحان، فإن الوزارة تتحرك، وتعقد المؤتمرات والندوات، وتعلن عن توجهات على هذا الصعيد. أما إذا كان الوزير من أنصار إبقاء الامتحان على ما هو عليه، فإن الوزارة  تغط في سبات عميق، ولا تحرك ساكنا على صعيد التطوير.
يجب أن تختلف الامور في هذه المرحلة التي نتحدث فيها عن إصلاح التعليم الثانوي والجامعي. وهذا يستدعي خطوات فعلية على الأرض لتطوير الامتحان. هناك العديد من المقترحات، بعضها مطبق في دول متقدمة، ومنها احتساب جزء من علامات "التوجيهي" للقبول في الجامعات، وما تبقى منها يحسب من خلال امتحان للقبول الجامعي. فهناك اقتراحات مفيدة وتناسب الوضع عندنا، وما على الوزارة إلا أن تقر التوصيات والاقتراحات التي اقترحتها مؤتمرات ولجان شكلت من أجل تطوير الامتحان.
لا يجوز أن نبقى نتحدث عن تطوير "التوجيهي" كل عام، ولا نتقدم أي خطوة على هذا الصعيد. إن تطوير التوجيهي والمناهج الدراسية في كل المراحل، بما فيها المرحلة الجامعية، ضرورة لا يمكن تجاهلها. وإذا تجاهلناها، فإن العالم سيتقدم، فيما نحن نبقى نراوح مكاننا!

[email protected]