لا نريد فقدان الأمل!

تمخض الحوار الذي أطلقته الحكومة على مدى عشرة أيام عن إقرار ما خرج من مشروع قانون ضريبة الدخل المعدل، الذي تم إحالته إلى مجلس الأمة، حيث من المرتقب إقراره في الدورة العادية الثالثة، المتوقع انطلاقها في النصف الثاني من الشهر القادم.

اضافة اعلان

ورغم إدخال الحكومة لتعديلات مهمة على المشروع مقارنة بما ورد بمسودة المشروع التي نشرت سابقا، إلا أن هذه التعديلات لم تطل محاور مهمة في القانون تكاد تجمع عليها الناس والفاعليات المختلفة، وعلى رأسها سقف الدخل المعفى من الضريبة للأسر والأفراد، وضرورة اعتماد إعفاءات التعليم والصحة للأسر، وذلك لعدم المس بالطبقة الوسطى التي ترزح منذ سنوات تحت ضغوط كبيرة أخرجت جزءا كبيرا منها إلى مربع طبقة الدخل المحدود!

في التقييم الموضوعي لمشروع القانون الذي خرجت به الحكومة بالمحصلة النهائية، يسجل له ولها رفع الضريبة على البنوك الى 37 %، وتخفيضها على المناطق التنموية والحرة، وتوسيع شريحة المتقاعدين الكبار المشمولين بالضريبة بسقف أدنى 2500 دينار، واعتماد شريحة جديدة لدخل مليون دينار فأكثر، بضريبة 30 %.  وأيضا بإعفاء صناديق التكافل الاجتماعي للنقابات من ضريبة الدخل من المبالغ المدفوعة للإعفاء وورثتهم.

إلا أن هذه التعديلات الإيجابية لا تلغي السلبيات التي حفل بها المشروع خاصة تجاه الطبقة الوسطى، وتجاه العديد من المؤسسات الإنتاجية والخاصة والتي يراكم القانون الجديد من الأعباء الضريبية على رأسها الكثير، ويضرب قدرة العديد منها على الاستمرار والتكيف.   

 يمكن للأطراف المتضررة بقوة من قانون ضريبة الدخل المعدل، سواء  أكانوا أفرادا او مؤسسات، أن تتحمل رفع أعباء هذه الضريبة عليها فقط في حال ترافقه مع إصلاح ضريبي حقيقي وشامل، يعيد هيكلة العبء الضريبي الكبير، خاصة فيما يتعلق بالضرائب غير المباشرة وعلى رأسها المبيعات، وهو ما كانت وعدت به الحكومة في دفاعها عن القانون الجديد وضرورته، لكنها حتى الآن لم تبد التزاما واضحا بتنفيذ خطة للإصلاح الضريبي، بحيث يتحول الاعتماد بالإيرادات العامة على ضريبة الدخل، بدلا من المبيعات وغيرها من ضرائب ورسوم خاصة، لها أول وليس لها آخر!

أعتقد أن الكرة الآن باتت في عهدة النواب ومجلسهم، وقد باتوا مطالبين بإدخال تعديلات جوهرية على مشروع القانون، خاصة فيما يتعلق بسقف الدخل المشمول بالضريبة وضرورة رفعه عن 18 ألف دينار للأسرة و9 آلاف للفرد، كما هم مطالبون بإعادة اعتماد إعفاءات التعليم والصحة عن الأسر، بعد أن بات التعليم الخاص، مدارس وجامعات، حاجة وليس ترفا في المجتمع الأردني، ولدى الطبقة الوسطى، في ظل تراجع الخدمات العامة.

وبالتوازي مع المطلوب من النواب بإدخال تعديلات جوهرية على مشروع الضريبة، فإن المطلوب أيضا من الحكومة إعطاء أولوية حقيقية لإصلاح الضريبة وإعادة توزيع العبء الضريبي والتخفيف غير المباشر منه، بالرغم من تفهم قصة العجز المالي وصعوبة خفض الإيرادات، فهذا الانخفاض بالإيرادات سيكون على المدى القريب جدا، لكنه في المدى المتوسط والبعيد يفترض به أن ينعش الحركة الاقتصادية والتجارية ويحسن من القدرات الشرائية للناس ويخفف على الشركات والقطاعات الإنتاجية، ما يساعدها على التشغيل والربح، وبالتالي زيادة الإيرادات العامة منها.

لا أحد يريد أن يفقد الأمل بالخروج من عنق الزجاجة الاقتصادية والمعيشية والسياسية التي نعيشها، لذلك نراهن على استجابة الحكومة والنواب للمطالبات العامة بتحسين وتعديل قانون ضريبة الدخل، بالتوازي والتكامل مع الإصلاح الضريبي الآخر، ومن ثم الانطلاق من أرضية واثقة وعلمية لمعالجة باقي أوجه الخلل والتخبط المتراكم في الاقتصاد الوطني وإدارته، فهل يفعلها النواب والحكومة؟! نأمل ذلك.