لا.. هذا عكس الانتفاضة

هآرتس عميره هاس 4/5/2021 في كل يوم توفر إسرائيل للفلسطينيين عشرات الأسباب التي تبرر القيام بانتفاضة، احتجاج شعبي، لكن هذه الانتفاضة لا تندلع. إطلاق النار على حاجز زعترة على عدد من طلاب مدرسة دينية كانوا يقفون في المحطة هو عكس الانتفاضة. ومثل أي عملية إطلاق نار يقوم بها أفراد، حتى لو عملوا في إطار أحد التنظيمات الفلسطينية، إلا أن إطلاق النار هو اعتراف بأنه في هذه الأثناء لا يوجد احتمالية لانتفاضة شعبية، لأنه لا يوجد استعداد لها، لأنه لم تتبلور بعد معرفة كيفية تطويرها في ظل ظروف مختلفة تماما عن الظروف التي كانت سائدة عشية الانتفاضة الأولى في 1987. إطلاق النار يعلم بأنه في هذه الأثناء لا يوجد من يعرف كيفية توحيد جمهور كامل عرفت إسرائيل كيف تقسمه وتقسم فضاءاته، وقيادته غير المنتخبة تستخف حتى بحقه في التعبير عن رأيه في صناديق الاقتراع. الأسباب المبررة بشكل كامل لإجراء عصيان شامل تتراكم ويتم النشر عنها أحيانا بصورة دقيقة وأحيانا بتشويه معين، وهي تؤكد طوال الوقت خبر أن معجزة لن تحدث. الجزء نفسه من الشعب الفلسطيني الذي يعيش بين رفح وحتى جنين، بما في ذلك في شرقي القدس، يوجد تحت حكم عسكري شرطي وأجنبي وقمعي. حكم معاد يعطيه كل الأسباب للتمرد، لكنه لا يتمرد. الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية وعسكريون سابقون أصبحوا محللين، موضوعيين دائما، تنبؤوا في الأسبوع الماضي بأن الأسابيع المقبلة تعد لنا عمليات منفردة ومواجهات، بسبب شهر رمضان والانتخابات التي تم تأجيلها. هكذا، شاب يحمل زجاجة في يوم الجمعة. في يوم الأحد امرأة (60 سنة) تحمل سكينا، التي كما يبدو سئمت من حياتها ونفذت انتحارا على أيدي الجنود، ("مخربة" و"جنود"، حسب لغة المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي) -بعد ذلك جاء إطلاق النار ووفر الدليل على قدرتهم على التنبؤ. تنبؤاتهم دورية وتعتمد دائما على ظروف الفلسطينيين الداخلية أو على علم النفس أو المؤامرة: الميل للتقليد، الصوم، التوتر بين المنظمات، التعليمات من غزة أو من إيران. الخبراء والمحللون المثقفون لم يأخذوا في الحسبان أبدا الأسباب اليومية التي هم أنفسهم قدموها في السابق عندما كانوا جنرالات وقادة مناطق أو ينسقون عمليات الحكومة في المناطق، والتي يقدمها من جاؤوا بعدهم. ومن يجرون المقابلات معهم يسألونهم: هل هذه انتفاضة ثالثة؟. الواقع هو أنه في كل يوم يمر الفلسطينيون يصوتون بالأرجل. هم يمدحون شباب الدرج في باب العامود الذين تصادموا مع الشرطة الإسرائيلية، وهم يسمعون بانفعال عن مستوطنين قاموا بمهاجمة رعاة، لكنهم يعيشون كالعادة في جيوبهم التي حفرتها إسرائيل بعناية خلال السنوات الثلاثين. كما هو متوقع، تنظيمات فلسطينية مختلفة باركت إطلاق النار الذي نفذه أشخاص مجهولون في ظهيرة يوم الأحد. عملية بطولية، هي رد مطلوب على جرائم الاحتلال وأمثالها من الكلمات التي يتم نسخها من المرة السابقة التي قام فيها فلسطينيون بإطلاق النار على إسرائيليين، ومرة أخرى يتم إلصاقها على شاشات التلفاز والهواتف المحمولة. هذا يعد تجذيفا لإنكار منطق إطلاق نار فلسطيني. أو التساؤل عن ضرورته في لحظة معينة أو في مكان معين. إذا كانت هناك تساؤلات فهي لا يتم إسماعها بصوت عال لأن هذا غير مريح. مع ذلك، هناك عدد من الشباب الذين قرروا التضحية بحريتهم، وربما بحياتهم، وهناك عائلات وقرى مخيمات لاجئين سيدخلون الآن الى دائرة الانتقام الإسرائيلية، سواء بأيدي مستوطنين، الذين هم في أفضل الحالات، سيخربون الحقول والبساتين (مثلما فعلوا في قرية جالود في مساء يوم الأحد)، أو بأيدي جنود، الذين سيقومون باقتحام البيوت والاعتقال، وربما هدم البيت، وبالطبع مسؤولي الشباك الذين يهبون لتعذيب المعتقلين الأغرار. الحقيقة المحزنة بقيت على حالها: الثناءات التي يتم نسخها وإلصاقها من إطلاق نار الى آخر هي اعتراف بعدم قدرة أي تنظيم في الوقت الحالي على التخطيط لنضال شعبي طويل المدى وتعبئة الجمهور الفلسطيني لهذه الحملة، الأمر الذي يتطلب ثقة كاملة بالقيادة والإيمان بفرص النجاح.اضافة اعلان