لا يا دولة الرئيس

فهمي الكتوت

حاول رئيس الوزراء في حديثه للتلفزيون الأردني إظهار ثقة مبالغ بها بقدرات حكومته بتخطي الازمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد دون تقديم معطيات او محددات، مكتفيا بمطالبة المواطنين بالتحمل والانتظار لنهاية العام للتعرف على النتائج. أي نتائج يا دولة الرئيس؟ هل للحكومة خطة سحرية لإخراج الاقتصاد الوطني من أزمته، هل سيتخطى النمو الاقتصادي نسبة 2 % المسكون بها منذ سنوات، وهل النمو الاقتصادي ان تحقق من فروع إنتاجية تحدث اثارا ايجابية على تشغيل العاطلين عن العمل وتحقيق قيمة مضافة، ام من قطاعات استهلاكية وخدمية تعود بالنفع لشرائح ضئيلة في المجتمع كما هو الحال في الاقتصاد الاردني، وهل السياسة الضريبية الجديدة التي تخلت عن مضامينها (مبدأ الضريبة التصاعدية وتحقيق العدالة ومراعاة قدرات الناس) ستسمح بتخفيف الأعباء عن الفقراء والكادحين والمثقلين بالديون والاعباء المعيشية. الأردنيون مدركون ان حالهم لن يكون أفضل وفق الوعود، ومع الأسف الشديد؛ يمكنني القول ان الظروف الاقتصادية ستكون أسوأ حالا بعد عام بفضل السياسات السائدة.اضافة اعلان
اما موضوع التحدي للاقتصاديين فلم يأت بمكانه؛ كان على الرئيس الطلب من مختص في وزارة المالية تزويده بتقرير من واقع النشرات الصادرة عن الوزارة؛ فإنني ارى لزاما علي ان أقدم لدولة الرئيس جردة حساب من واقع معلومات وزارة المالية والبنك المركزي:
يقول الرئيس ان الدين العام انخفض في عهد حكومته نسبة للناتج المحلي الإجمالي، وبالتدقيق في نشرة وزارة المالية العدد الحادي عشر 2017 جدول رقم (9) بعنوان اهم مؤشرات الدين العام صفحة 25 نلاحظ ما يلي:
بلغت نسبة الدين العام للناتج المحلي الاجمالي للعام 3013 وفق تقرير وزارة المالية المشار اليه 86،7 % وفي عام 2014 بلغت نسبتها 89 % وفي عام 2015 بلغت نسبتها 93،4 % وفي عام 2016 بلغت نسبتها 95،1 % وفي عام 2017 بلغت نسبتها 95،2 % لغاية شهر تشرين ثاني، وسترتفع النسبة مع اقفال السنة المالية لعام 2017.
     يقول الرئيس ان حكومته خفضت عجز الموازنة للعام 2017: نعم تم تخفيض العجز بقيمة 128 مليون دينار، مقابل زيادة (ضرائب ورخص ورسوم) 450 مليون دينار. ألا يفترض خفض العجز بنسبة تتناسب مع زيادة الضرائب. ليس هذا وحسب بل يفترض تخفيض نفقات الحكومة، وهناك إنفاق مبالغ به على سبيل المثال استكمال مبنى لوزارة المالية بأكثر من 50 مليون دينار!  إضافة الى ضرورة خفض رواتب رؤساء الوزراء والوزراء والنواب والأعيان ووضع هامش محدد بين الحد الأدنى والاعلى لرواتب الموظفين، ووقف المزايا الإضافية وعدم صرف أكثر من راتب لأي موظف حكومي، وخفض نفقات السفر ونفقات الهيئات الدبلوماسية وتقليص عدد موظفيها. مع التأكيد ان لا أحد يطالب بفصل موظفي الوحدات الحكومية، بل إخضاعهم لقانون الخدمة المدنية اسوة بزملائهم في الحكومة.
اما موازنة 2018: فقد بلغت زيادة الإيرادات الضريبية 625 مليون دينار، في حين بلغت زيادة النفقات 747 مليون منها 572 مليون إنفاق حكومي و175 زيادة في إنفاق المؤسسات. وقد بررت الحكومة زيادة الانفاق بزيادة الرواتب علما ان زيادة الرواتب والتقاعد بلغت 111 مليون دينار. كيف يمكن لاقتصاد ينمو اقل من 2 % أن يحتمل زيادة في النفقات نحو 7 %.
اما الحديث عن الشفافية فيقتضي تفسير لغز الالتزامات السابقة الواردة في الموازنة بنحو 1.5 مليار دينار والجميع يعلم انه لا يجوز تضمين موازنة تقديرية نفقات سابقة. وما هي النفقات السابقة، وأين أنفقت ومن هي الجهة الرقابية التي أقرتها.