لا يريدون حمى ولا يريدون حماة

يديعوت آحرونوت ناحوم برنياع 9/1/2023 مليون ومائة وخمسة عشر ألفا وثلاثمئة وستة وثلاثين إسرائيليا صوتوا في الأول من تشرين الثاني لليكود. ملايين من الإسرائيليين الآخرين ممن لم يصوتوا لليكود، يأملون في أن تنجح الحكومة الجديدة ومستعدون للمساعدة. إسرائيل وفيرة بالناس المؤهلين، المجربين والنشطاء. هم لا ينتمون لكتلة واحدة او لفكر واحد. وعلى الرغم من ذلك، فعندما توجه وزراء الليكود لان يختاروا مدراء عامين للوزارات الحكومية التي ائتمنوا عليها عادوا مع عصبة محرجة من متفرغي حزب صغار، عديمي التجربة في إدارة منظومات كبيرة ومعرفة في المواضيع التي يفترض بهم أن يديروها. في مقال سابق ذكرت اسماء بعض منهم: موشيه بن زاكن في المواصلات؛ اوسنات مارك في العلوم، العاد ملكا في الاتصالات؛ كفير سويسا في الثقافة؛ ايتمار دوننفلد في العدل. واحد يعمل على جمع الضغط السياسي، الثاني مساعد شخصي والثالثة مغردة انترنت. اي منهم لم يكن يجتاز عطاء لمنصب مساعد المدير العام في الوزارة التي يفترض بهم أن يديروها. لست واثقا ان في هذا أي مواساة، لكن قائمة الكبار في مكتب رئيس الوزراء المتجدد لا تختلف كثيرا: موظفي حزب اياهم، مساعدين خالدين اياهم. لماذا هذا هكذا، يسأل القاريء. فوزراء الليكود ليسوا اغبياء. هم يعرفون بان نجاحهم الوزاري متعلق بجودة مدرائهم العامين. مدير عام ناجح يعرف كيف يجسد أفكار الوزير في الميدان، يربط للعمل موظفي الوزارة، للتعاون مع قسم الميزانيات في المالية.اما مدير عام فاشل فيكشف الوزارات للتسريبات. وبدلا من قص الأشرطة يضطر الوزير لان يواجه كل يوم شقاقات داخلية وعناوين قاسية. الفشل معد. الجواب على السؤال مركب. في الشهرين اللذين مرا منذ يوم الانتخابات وحتى اقامة الحكومة دار المرشحون لمنصب وزير في صفر فعل، بانتظار المكالمة من متسودات زئيف (مقر الليكود). المساعدون ضغطوا؛ الوعود اعطيت. هم لم يعرفوا حتى اللحظة الاخيرة اي وزارة سيحصلون عليها، هذا إذا حصلوا. وبدلا من ضمان منصب لمن هو ملائم وعدوا من هو مقرب. الناس المؤهلون يخيفون الوزراء: فمن شأنهم ان يغطوا عليهم، ان يجادلوهم، ان يكشفوا ضعفهم. اما هم فيريدون مدرائهم العامين صغارا. لعله من الأصح البحث عن جواب في الواقع السياسي: ليست الحوكمة هي التي توجد امام ناظر الوزراء بل الانتخابات التمهيدية الحزبية. المدراء العامون الذين اختاروهم سيعززون مكانتهم في الحزب. مثل "مباي" في شيخوخته. قيادة الليكود أيضا مشغولة اساسا بنفسها، بكراسيها، بحساباتها، باستعداداتها لليوم التالي لنتنياهو. اما الدولة فتهمهم اقل. النائب دودي إمسلم هو مثال ممتاز. صراعه البطولي لاجل الشرقيين يبدأ وينتهي بكرسيه الخاص. "الوزير يريد أن ينجح لا ان يفشل"، قالت وزيرة المواصلات المتجددة ميري ريغف في اعقاب النقد على تعيينها الفج ريغف تطلق بين الحين والاخر اقوالا، تبقي جدا حول جديتها. في الاسبوع الماضي قالت انها لن تؤيد مشروع الميترو الى أن تمدد سكة قطار من متولا حتى ايلات. اما أمس فقد أمرت بالدفع قدما بمشروع الميترو. في الاسبوع الماضي اشتكت من ان مسارات المواصلات العامة فارغة ويجب الغاؤها. إذن قالت. حكم مشابه ينطبق على رغبتها في ان تنجح. حسب تجربة الماضي، فان نجاحها سيقاس بعدد المرات التي تعرض فيها عقيلة رئيس الوزراء على الشاشة في احتفال يوم الاستقلال في جبل هرتسل. في هذا يمكن للمدير العام ان يساعدها. لقد اجادت في الاختيار. لجنة تعيينات ديوان موظفي الدولة رفضت تعيين بن زاكن. ريغف تعتزم القفز عن اللجنة بواسطة قرار حكومي. الديوان هو جسم ضعيف. هو ايضا، مثل كل حماة الحمى الاخرين، مهدد من النظام الجديد. فهم لا يريدون لا حمى ولا يريدون حماة. لا يجب أن يكون اي مكان للخطأ: مستوى المدراء العامين ليس المشكلة الكبرى التي تحوم فوق النظام الجديد. النوايا، الدينامية، نوازع الهدم، مقلقة أكثر بكثير من القصورات في دائرة المقدرات البشرية. فبغياب أناس جيدين يتوجه النظام الجديد الى التشريع: فهو سيعطيه تنفيسا وراحة. يريف لفين يختلف عن زملائه في الليكود. ليس الكرسي هو ما يعنيه بل الثورة. هوسه يثير حسد زملائه. وهو معد. وعليه فنحن لا بد سنستيقظ كل صباح مع خطة ثورية جديدة. كل وزير سيلعب دور لفين، كل نائب بروتسكي. امس اعلن وزير الاسكان الجديد اسحق غولدكنوف بانه يطالب بوقف الاعمال في القطار في السبت. فهو ملزم بان يري غفني بانه اكثر شدة واكثر حزما منه. الاعلام الحريدي يقف له بالمرصاد. اذا ما خضعت ريغف، وكيف يمكن خلاف ذلك، فهذه هي الشراكة الطبيعية، مئات آلاف الإسرائيليين سيعلقون في أزمات السير في أيام الأحد. من جهة، دائرة الاشغال العامة ستمتلىء: بشرى طيبة للوزيرة؛ من جهة اخرى، الإسرائيليون سيشتمون الحريديم والوزيرة التي انبطحت امامهم. يمكن للإسرائيليين أن يتبعوا منظومة قضاء مخصية؛ لكنهم يغضبون جدا عندما يمس أحد ما لهم بمصدر الرزق. لا احترام لجودة الناس؛ لا احترام لقواعد اللعب؛ لا احترام لما هو موجود. النظام الجديد لا يريد حوكمة؛ هذه الدمية تتعبه، هو يريد أن يلعب بالثورة.اضافة اعلان