لبنان أمام خطر الانفجار الاجتماعي بعد نفاد الاحتياطي النقدي

الغد- تحذير مقتضب لحاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة من توقف دعم استيراد السلع الأساسية في الأشهر المقبلة، كان كافيا لرفع منسوب الإرباك في الأسواق وبين المواطنين. فالبلد الذي يعاني إرهاصات الأزمات العديدة المتراكمة في الاقتصاد والمال والسياسة وغيرها، بات مهددا بشكل جدي بارتفاع أسعار السلع الإستراتيجية ولاسيما منها الطحين والأدوية والمحروقات، إضافة إلى ما عرف بالسلة الغذائية، في حال أوقف مصرف لبنان دعم شرائها من الخارج. السبب الأساسي يكمن في نفاد احتياطي مصرف لبنان من العملات الصعبة قريبا، فالمصرف المركزي يمتلك حاليا نحو 19.5 مليار دولار، تنقسم إلى ملياري دولار قابلة للاستخدام من قبل البنك المركزي لتمويل استيراد المواد الأساسية، بالإضافة إلى 17.5 مليارا تمثل الاحتياطي الإلزامي الذي تودعه المصارف التجارية لدى البنك المركزي، وهذه الأموال تمثل ما تبقى من الودائع الخاصة للبنانيين والتي لا يمكن للبنك المركزي التصرف بها. مظاهر الإرباك في الأسواق -بعد تحذير سلامة- تجلت خاصة في تهافت الكثير من المواطنين على شراء الأدوية والمحروقات ومواد أخرى، وتخزين كميات منها في المنازل، مما أدى إلى نقص أو نفاد بعض الأصناف من الأسواق. آليات الدعم ملاحظات عديدة يسجلها المراقبون على آلية دعم السلع المعتمدة من مصرف لبنان، وقد رأى عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي الدكتور أنيس أبو دياب أن لبنان اعتمد الدعم الكامل للسلع الأساسية دون قيد أو شرط وفق آليات محددة، معتبرا أن هذه الآلية تستنزف احتياطي المصرف المركزي. وأوضح أبو دياب للجزيرة نت أن الدعم بهذه الآلية يمكنه الاستمرار فقط حتى أواخر العام الجاري، أو أوائل فبراير/شباط المقبل كحد أقصى، معتبرا أن الوضع بات خطيرا. وقال إن وقف دعم المحروقات بالكامل مثلا سيؤدي إلى ارتفاع أسعارها ما بين 5 أو 6 مرات، وسينعكس على قطاعات أخرى كالأفران والنقل والكهرباء، مشيرا إلى أن مثل هذه الخطوات ستزيد الطلب على الدولار الأميركي في الأسواق، وبالتالي التراجع الحاد للعملة الوطنية، ودعا أبو دياب المصرف المركزي والمعنيين إلى ضرورة حماية الطبقة الفقيرة من خلال آليات دعم مختلفة كبطاقات التموين. خطر الانفجار يتكلف البنك المركزي مبلغا يتراوح ما بين 600 إلى 700 مليون دولار أميركي شهريا لدعم السلع الأساسية، ويرى الخبير المالي باتريك مارديني أن السبب الأساسي لمشكلة اللبنانيين هو غلاء الأسعار الناجم عن تدهور سعر صرف العملة الوطنية. واعتبر مارديني للجزيرة نت أن سبب نقص بعض السلع من الأسواق اللبنانية يرجع للآلية السيئة للدعم المقدم للتجار، مؤكدا أن هؤلاء يقومون بتخزين السلع أو إعادة تصديرها أو تهريبها إلى بلدان أخرى. وقال إن استخدام مصرف لبنان كل الاحتياطي الإلزامي بحاجة إلى قانون من البرلمان، كما أن مثل هذه الخطوة ستفقد اللبنانيين ما تبقى من أموالهم، معتبرا ذلك خطوطا حمراء. ولفت مارديني إلى ضرورة التوقف عما سماه الحلول المؤقتة، والبدء بعملية الإصلاح الهيكلي للاقتصاد، وخفض النفقات الحكومية ومعالجة واقع القطاع المصرفي. من جهته، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب إن أي خطوة يتخذها مصرف لبنان لرفع الدعم عن المواد الأساسية ستؤدي إلى ما وصفه بالانفجار الاجتماعي والكارثي على اللبنانيين. ويجمع المختصون على أن أولى الخطوات المطلوبة للخروج من هذا النفق الاقتصادي هو تشكيل حكومة إنقاذ، تحظى بثقة الداخل والخارج، وتعتمد برنامجا إصلاحيا من أجل استعادة الثقة بالاقتصاد اللبناني، وبالتالي عودة الاستثمارات والتدفقات المالية إلى الأسواق، غير أن هذه الخطوات تحتاج أولا الى توافقات داخلية ما زالت متعذرة على الأقل في الوقت الراهن. (الجزيرة)اضافة اعلان