لبنان: عون الأقرب إلى بعبدا

صورة تعود لحزيران(يونيو) 2010 تجمع بين ميشيل عون وسعد الحريري في قصر بعبدا - (ارشيفية)
صورة تعود لحزيران(يونيو) 2010 تجمع بين ميشيل عون وسعد الحريري في قصر بعبدا - (ارشيفية)

سليمان قبيلات

عمان - بخطى واثقة يسير الجنرال ميشال عون إلى الموقع اللبناني الأول في بعبدا، كما لو أنّ دفة الرئاسة لا تنتظر سواه، لينهي مارثونا من جلسات المجلس النيابي استمرت اكثر من ثمانية أشهر، اذ يجمع مراقبون على أن سلطة مطلقة فوضت للجنرال ومنحته ما يشبه موقع صاحب "الأمر والنهي" في الملف الرئاسي مع كل الأطراف في الداخل والخارج.
وحسب مصادر دبلوماسية متابعة لملف الرئاسة اللبنانية، فان عون اصبح حاليا رئيس  "جمهورية لبنان" بانتظار التتويج الرسمي، موضحة أن سفارات مهمة في بيروت أبلغت دولها بضرورة انتخاب عون رئيسا للجمهورية "لأن الفراغ يخدم قوى 8 آذار وتحديدا حزب الله، وان وضع لبنان برئيس يؤيد الحزب أفضل بكثير من تقديمه مجانا على طبق من ذهب لهذا الفريق".
ولفت المراقبون الى أنه "لا يمكن فصل الضغوطات في الحكومة واستمرار الفراغ الرئاسي عن الملفات المتشابكة في المنطقة لا سيما في اليمن، طبعا من دون تجاهل الغمز المتكرر من امكانية تعديل النظام السياسي في لبنان أو تجميل اتفاق الطائف في حال لم يصل عون الى الرئاسة".
المراقبون يعتبروا أن الارتباك في آلية سير عمل حكومة تمام سلام يخدم بقوة معادلة تكريس الجنرال رئيسا للجمهورية، اذ لا يبدو فريق 8 آذار بموقع الخاسر من أي فراغ دستوري في الرئاسة والحكومة، طالما ان الطرف الشيعي في هذا الفريق دخل فيما يشبه مصالحة حقيقية مع تيار المستقبل بما يمثل من ثقل سني في لبنان وسياسي في الخارج لا سيما بالنسبة الى المملكة العربية السعودية.
ولفتوا الى ان "فريق 8 آذار بشقه المسيحي دخل ايضا في حلقة حوارية جدية مع "القوات اللبنانية"، ما يعد نقطة ايجابية تسجل لهذا الفريق لا عليه، ولا يمكن فصلها عن توجه خارجي مناهض لعون، ولكنه مجبر على دعم هذا التفاهم لضرورات سياسية استراتيجية.
وقالوا انه "من غير المقبول حتى بالنسبة الى كارهي عون ومعسكر 8 آذار تقبل الخسارة في السلطة السياسية وأيضا في الشارع من خلال الخضوع لابتزاز الجماعات الارهابية وتقديم ارهابها كنموذج بديل عن غياب نفوذ هذه القوى في أكثر من منطقة لبنانية".
وبذا، يؤكد المراقبون أن "جهات فاعلة في لبنان تجزم بأن مسألة وصول رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون الى رئاسة الجمهورية ليست الا مسألة وقت فقط"، مؤكدة أن هذا الموضوع غير قابل للنقاش أبداً أو التغيير إلا في حالة عدول عون نفسه عن هذا الموضوع.
وبحسب شخصيات مقربة من فريق عون وعموم قوى 8 آذار فان "فريق 14 آذار، وحلفاءه الاقليميين، غير قادرين على إحداث أي اختراق في معركة الرئاسة وفي كسر فيتو الطرف المقابل، أو في إخراج عون من تموضعه الحالي. وهو ما تجلّى في إقرار الرئيس سعد الحريري في خطاب 14 شباط بأن "جماعة 8 آذار ليسوا مستعجلين في موضوع رئاسة الجمهورية وموقفهم عملياً يعني تأجيل الكلام في الأمر". وهو ما يعني "تسليماً" باستحالة إنهاء هذا الملف من دون توقيع عون.
وتوقف المراقبون، عند أثر تغيّر الأولويات الدولية في الاقليم من إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد الى محاربة الارهاب الذي بات يدقّ أبواب الغرب، وتقاطع المصالح المرحلي بين حزب الله والأميركيين الذين يدركون أن أي معركة ضد الارهاب لا يمكن أن تخاض عبر الجبهة اللبنانية من دون دور أساسي لحزب الله الذي يسيطر على معظم الغلاف السوري المحيط بلبنان.
وفي هذا السياق، تلفت المصادر الى أنه لم يسجل، في الشهور الستة الماضية، أي تصريح غربي ذي وزن يشير الى مشاركة الحزب في القتال في سوريا من باب التنديد والادانة.
واعتبروا أن هناك حاجة أميركية في "توريط" المكوّن السنّي المعتدل المتمثّل بالرئيس سعد الحريري في المعركة ضد الارهاب التكفيري، حين تقرّر خوض هذه المعركة فعلاً"، اذ ان هذا يقتضي عودة الحريري الى رئاسة الحكومة، وهذا لن يكون ممكنا من دون اتفاق شامل مع حزب الله والجنرال عون على كل الملفات، ومن بينها رئاسة الجمهورية.
وحيال التفويض المطلق المعطى من حزب الله، وبالتالي من "البلوك" الشيعي، للعماد عون في ملف الرئاسة، اعتبر المراقبون انه "تفويض يندرج ضمن رؤية استراتيجية عبّر عنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أخيرا، عندما أشار الى الخرائط التي ترسم على "طاولة الكبار". إذ يدرك حزب الله، في ظل المعركة التي تدور رحاها في المنطقة، أن أدوار الطوائف والأوطان تُرسم بحسب حضورها وقوة نفوذها، وبالتالي فإن موقعاً كرئاسة الجمهورية لا يمكن أن يجري التعاطي معه تكتيكياً، أو أن يعطى لمن هم على شاكلة ميشال سليمان. وفي رأي المراقبين فان "الطائفة الشيعية خاضت خلال عدوان تموز 2006 معركة البقاء في ارضها. وفي المعركة الدائرة اليوم، تخوض معركة تثبيت دورها في المنطقة على المستوى الاستراتيجي. وفي هذا السياق، فإن الجناح المسيحي يعطي هذا الدور بعده الوطني والعالمي، ويستفيد من فائض القوة الشيعي للحفاظ على دوره. وهنا تكمن اهمية عون رئيساً".
ويلحظ المراقبون أن هناك "قناعة عونية بأن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، صاحب المصلحة الأولى في وصول عون الى قصر بعبدا. وصول كهذا يوفّر لجعجع: مصالحة مع جزء كبير من الجمهور المسيحي؛ يكسر حدّة التصلّب الشيعي تجاهه؛ يفتح تثبيت سابقة الرئيس القوي باب الرئاسة أمامه مستقبلاً على حساب شخصيات مارونية أخرى تروّج لنفسها كأسماء توافقية؛ فضلا عن أن أي اتفاق مع عون سيلحظ توزعاً للحصص الانتخابية والحكومية بما يعطي معراب استقلالية كبيرة عن وصاية تيار المستقبل.
وفي رأي المراقبين، فان "جعجع يدرك أن ليس لدى عون من يرشّحه... إلا عون نفسه".

اضافة اعلان

[email protected]