لجنة تحديث المنظومة السياسية.. اهربوا إلى الأمام

سامح المحاريق

فقدت لجنة تحديث المنظومة السياسية عضوين في تراشقات ذات طابع اجتماعي ليست على صلة بأعمالها، فمرةً كان الاستياء العام من تجاهل دور الجيش العربي في معركة الكرامة، وأخرى مع إدراج يتعلق بشعيرة الأضحية، ويبدو أن أسماءً أخرى ستشملها عملية التمشيط الحثيث لآراء أعضاء اللجنة الحديثة والقديمة على مواقع التواصل الاجتماعي، ومعظمها آراء لا تتعلق بصورة مباشرة بأعمال اللجنة أو أجندتها.اضافة اعلان
تمثل اللجنة في تشكيلتها المجتمع الأردني، وهي شاملة لجميع الأطياف، وإن اختلفت أوزان التمثيل، فالليبراليون كما يرى البعض يتحصلون على حصة تتجاوز تواجدهم الفعلي، ولا يمكن الحكم على أهمية أو هامشية هذه الأوزان طالما أن آليات العمل الداخلية في اللجنة غير معروفة للمتابعين، وإن يكن من المستبعد أن تعمل لجنة من وظيفتها تقديم المقترحات ومناقشتها على أساس التصويت، وبافتراض أن بعض الأعضاء الذين يحملون آراءً تعتبر نشازاً لدى أغلبية الأردنيين لديهم القدرة على الحديث، فهل تتركز لديهم القدرة على إقرار شكل مخرجات اللجنة.
المفارقة التي تحكم أعمال اللجنة من الداخل وتؤثر عليها من الخارج تتمثل في أن الشعب الأردني بشكل عام من أكثر الشعوب حديثاً وتنظيراً في السياسة، ومن أقلها مشاركة إذا كان الأمر يرتبط بالعمل السياسي، وحيث انحازت اللجنة في خياراتها إلى الأمر الواقع واختارت أعضاءً من الناشطين في مجالات مختلفة دون أن يمتلكوا بالضرورة تاريخاً سياسياً أو معرفة قانونية، فالطبيعي أن تتكاثر الهفوات والأخطاء خاصة أمام رأي عام محكوم بمزاج متشائم ويعايش ضغوطاً اقتصادية واجتماعية.
طبيعة المرحلة استدعت وجود اللجنة، وهي مرحلة ساخنة وقلقة، ولذلك فليس على أعضاء اللجنة أن يتصوروا أن يقف الأردنيون لتشجيعهم، وكان عليهم أن يعرفوا منذ اللحظة الأولى أنهم مقبلون على مهمة بالغة الصعوبة والتعقيد، والمعادلة الراهنة أن أي عضو في اللجنة أصبح يحظى بتعريف اجتماعي يقوم على أساس عضويته قبل أن يتطرق إلى أي صفة أخرى، بمعنى أن جزءاً من الغضب الاجتماعي الذي توجه لعضوي اللجنة المستقيلين كان في أساسه قائماً على عضويتهما في اللجنة، وخاصة في مسألة شعيرة الأضحية التي لم تكن لتستثير رأياً جماعياً واسعاً في حال لم تكن صاحبة الإدراج غير الموفق خارج عضوية اللجنة.
تبدو الخيارات محدودة أمام رئيس اللجنة المكلف بقيادة أعمالها، ويفضل أن يلقي بالكرة من ساحة اللجنة في أقرب وقت، فاستطالة المدى الزمني لأعمال اللجنة سيدفع إلى مزيد من المعارك الجانبية، أما الحصول على وثيقة بمخرجات أعمالها فسيحول النقاش المجتمعي إلى الحديث عن المحتوى السياسي، ومدى مواءمته للتطلعات المعقودة من الرأي العام، ومع أن مفهوم الخلوة أصبح حائزاً لصيت سلبي لكثرة ما استهلكته الحكومات كثيراً دون نتائج غالباً إلا أنه يبدو حلاً حصيفاً حالياً للنأي باللجنة عن ضغط الاشتباك اليومي مع التعليقات والملاحظات والمعارك الهامشية.
لن ترضي اللجنة الجميع، وسيبقى تيار له وزنه معارضاً لكثير من مخرجاتها، وسيستمر الجدل الذي من الضروري أن يتحول للتركيز على وثائقها لا أشخاص أعضائها وآرائهم، ولتصبح الوثيقة كما يفترض وكما هو المطلوب محل الحوار والنقاش والتقييم فإنه من الضروري الهروب إلى الأمام ومسابقة الوقت كي يصبح الحديث حول ما الذي أقرته اللجنة وما الذي قدمته، لا ما الذي يحمله أعضاؤها من أفكار وآراء وتوجهات، فمع استمرار الهوامش المفتوحة ستصل اللجنة إلى مرحلة ألا ترضي أحداً من الأساس.